المصدر: النهار
الكاتب: سميح صعب
الاثنين 20 تشرين الأول 2025 07:32:40
يحتفظ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتفسيره الخاص لمسار تطبيق الخطة الأميركية، شبيهٍ بتفسيره لاتفاق وقف الأعمال العدائية مع لبنان منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2024. إذ تخوّل إسرائيل لنفسها حق التدخل عسكرياً بزعم أن الطرف الآخر ينتهك الاتفاق.
وعليه، انتهكت إسرائيل اتفاق وقف النار في غزة منذ سريانه أكثر من 47 مرة، وقتلت عشرات الفلسطينيين، بينهم أسرة بكاملها، بتهمة تجاوز المركبة التي تقلهم "الخط الأصفر" حيث يحتلّ الجيش الإسرائيلي 53 في المئة من قطاع غزة، وينذر بالتحوّل حدوداً دائمة!
وحسم نتنياهو أمره بالنسبة إلى معبر رفح بين غزة ومصر، إذ سيبقى المعبر مغلقاً حتى تعيد "حماس" ما تبقّى من جثث الأسرى الإسرائيليين الـ28، بعدما كانت الحركة قد أعادت حتى ليل السبت-الأحد 12 جثة، بينما تواصل البحث عن البقية في ظروف معقدة للغاية بسبب وجودها تحت ركام أبنية مدمّرة بالكامل. وترفض إسرائيل السماح لفريق تركي متخصص بالبحث عن الجثث، بالعبور من الجانب المصري من معبر رفح إلى الجانب الفلسطيني للمساعدة في تسريع عملية البحث. وتركيا من الدول "الضامنة" لوثيقة وقف الحرب إلى جانب قطر ومصر والولايات المتحدة.
وإلى ذلك، عاد نتنياهو مجدداً، لدى إعلانه ترشيح نفسه للانتخابات في عام 2026، ليقول إن الحرب لن تنتهي قبل تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة الأميركية، التي تنص على تسليم "حماس" سلاحها وتنازلها عن الحكم. هذا الإعلان، على ما يحمله من عنصر دعائي للاحتفاظ بالتحالف مع اليمين المتطرف، ينمّ أيضاً عن نية لعرقلة مسار الخطة بذرائع مختلفة.
وواشنطن لا تتأخر في تقديم المبررات التي تعزّز مزاعم نتنياهو بانتهاك "حماس" لاتفاق وقف النار. وعلى سبيل المثال جاء بيان وزارة الخارجية الأميركية ليل السبت، الذي تحدّث عن تحضير الحركة "حملة وشيكة ضد سكان غزة"، بما يُعتبر خرقاً للاتفاق. وسبق للرئيس الأميركي دونالد ترامب أن أشاد بحملة "حماس" ضد العصابات، ليعود بعدها ليحذرها "من قتل الناس".
مجرى الأحداث والمواقف منذ سريان وقف النار في 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، يؤكد صحة التوقعات بأن تنفيذ الخطة الأميركية المؤلفة من 20 بنداً لن يمضي بسلاسة، وأن العقد أكثر من أن تُحصى.
وتداركاً للعراقيل الكامنة، من المقرر، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، أن يصل نائب الرئيس الأميركي جي. دي. فانس والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف إلى إسرائيل اليوم، لمتابعة تنفيذ الخطة الأميركية والعمل على تحصين وقف النار، الذي يعتبره ترامب أحد أهم إنجازاته في السياسة الخارجية منذ عودته إلى البيت الأبيض قبل 9 أشهر، ويأمل في أن يكون الأساس للانطلاق نحو إبرام اتفاقات سلام جديدة بين إسرائيل ودول عربية وإسلامية.
المشكلة هي أن واشنطن تقبل التفسير الإسرائيلي لوقف النار، بما يجعله بمثابة هدنة هشّة لا أكثر ولا أقل، تتيح لها العمل بحرية وقت تشاء، وتوفّر لها تكريس أمر واقع يقوم على دوام احتلالها لأكثر من نصف القطاع.
لكن هذا يهدد بالعودة إلى المربع الأول ويجعل التوقعات بـ"فجر تاريخي" في الشرق الأوسط أملاً زائفاً مرة أخرى.