نصار: لصون استقلالية القضاء وإرساء ثقافة المساءلة والمحاسبة

 أحيت جمعية "الشفافية الدولية لبنان - لا فساد" اليوم الدولي لمكافحة الفساد بعقد المؤتمر السنوي الرابع لمكافحة الفساد في فندق "Voco " - وسط بيروت، برعاية وزير العدل المحامي عادل نصار، وبالشراكة مع معهد الأمم المتحدة الأقليمي لبحوث الجريمة والعدالة(UNICRI)  وبدعم من الاتحاد الأوروبي، وحضور عدد من مديري الوزارات والمديريات ورؤساء المجالس والإدارات وعدد من القضاة والمحامين.

وأشارت الجمعية في بيان، الى أن "الشركات المجهولة والهياكل المملوكة بشكل غير شفاف تستمر في تمكين الفساد والتدفقات المالية غير المشروعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فهي تسهل إخفاء تضارب المصالح، وتوجيه العقود العامة إلى أطراف داخلية، وتحويل الثروة العامة إلى أيدي القطاع الخاص".

ولفتت الى أنه "تماشيا مع الاتجاهات العالمية، بدأت دول المنطقة في إصلاح أطر شفافية المستفيدين الحقيقيين للحد من إساءة استخدام الشركات والبنى القانونية للفساد وغسل الأموال والتهرب الضريبي".

وذكر البيان أن "منظمة الشفافية الدولية قامت بتقييم التقدم المحرز في ثمانية بلدان في المنطقة، وبمقارنة البلدان بناء على عشرة ركائز تحدد نظاما فعالا لشفافية المستفيدين الحقيقيين. وتدرس هذه الركائز المكونات الأساسية، من التعريف القانوني للمستفيدين الحقيقيين ومتطلبات جمع البيانات إلى تقييم المخاطر والتحقق والوصول إلى المعلومات".

وأوضح أن "النتائج تظهر أن الزخم آخذ في الازدياد، لكن التقدم لا يزال متفاوتا. اعتمدت معظم البلدان تعريفات والتزامات صارمة للوسطاء في القطاع الخاص. ومع ذلك، فإن نقاط الضعف في تقييم المخاطر وحفظ السجلات والتحقق تقوض الفعالية. كما أن وصول الجمهور إلى المعلومات لا يزال محدودا، فهناك عدد قليل فقط من الولايات القضائية التي لديها سجلات مباشرة لمعلومات المستفيدين الحقيقيين، وعدد أقل منها يتيحها للجمهور للتدقيق".

واشار الى أن "التقرير يسلط الضوء على المجالات التي تكون فيها الأطر أقوى، والمجالات التي لا تزال توجد فيها ثغرات، والإصلاحات اللازمة لجعل شفافية المستفيدين الحقيقيين أداة عملية لمنع الفساد وكشفه".

وقد ركز المؤتمر على "ثلاثة محاور إصلاحية أساسية: استقلالية القضاء، تشديد العقوبات على الإثراء غير المشروع، وتعزيز حماية المبلّغين عن الفساد".

قدمت المؤتمر سارة غالب التي لفتت الى أن "هذا المؤتمر يأتي في إطار مشروع "الشفافية الآن"، المنفذ بشكل مشترك بين UNICRI والشفافية الدولية، والممول من الاتحاد الأوروبي".

مطر

واعتبر رئيس "الشفافية الدولية لبنان – لا فساد" محمد فريد مطر أن "تعافي لبنان مرتبط بإعادة ترسيخ النزاهة والمساءلة في مختلف المؤسسات العامة، وأن عصر الإفلات من العقاب قد انتهى وعصر الإصلاح يجب أن يبدأ".

وشدد على أن "استقلالية القضاء أمر غير قابل للتفاوض"، مشيرا إلى "ضرورة تمكين المبلِّغين والهيئات الرقابية من كشف الفساد بأمان وفعالية".

وأكد المشاركون أن "مكافحة الفساد مسؤولية وطنية مشتركة، وهي عنصر أساسي لاستعادة ثقة المواطنين"، مجددين التزامهم بدعم لبنان عبر "تعزيز سيادة القانون ودفع الإصلاحات الجوهرية في مجال مكافحة الفساد".

نصار

وقال وزير العدل: "واجه لبنان الحروب والاغتيالات والاعتداءات والإنفجارات والتعطيل والفساد والأزمات. ومن البديهي أن تتأثر المؤسسات بهذه الكوارث. لو تعرضت دولة لما تعرض له لبنان لكانت النتائج السلبية على حسن سير مؤسساتها أكثر بكثير. وفي جو انحلال المؤسسات تم استهداف القضاء من قبل البعض الذين لا يرون في القضاء سوى جهاز يهدد منطق الإفلات من العقاب، يتوجب إما السيطرة على قراراته وإما إسكاته".

أضاف: "عندما توليت وزارة العدل، تبين جليا أن السلطة القضائية برئاسة الرئيس عبود دخلت في منطق مقاوم بوجه التدخلات السياسية ولو نتج عن هذا الموقف تعطيل التشكيلات القضائية. لكن حسن سير القضاء وسلامة عمله يفرضان المواجهة ولو على حساب إنتظام العمل القضائي. وبالفعل قبول تدخل السياسة في القضاء يؤدي الى حالة تضرب العدالة والمساواة أمام القانون".

وتابع: "قال مونتسكيو "ليس هناك نقطة أكثر قسوة من الطغيان الذي يمارسه على ظل القانون ومع ألوان العدالة". لا يوجد طغيان أشد قسوة من ذاك الذي يُمارس في ظل القوانين وبألوان العدالة. فتكاتفنا مع الرئيس عبود والرئيس أيمن عويدات والرئيس جمال الحجار وبعد تعيينه مع مجلس القضاء الأعلى وبصورة عامة مع قضاة لبنان، لمواجهة الأمر الواقع من خلال تعيينات وتشكيلات تعتمد على معايير موضوعية بعيدة عن المحاصصة السياسية. ولم يكن هذا المسار ممكنا لولا مواقف فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الحكومة الداعمة لاستقلال القضاء وحسن سير العدالة".

وقال: "انتظم العمل القضائي فباشرت التحقيقات في جميع الملفات ومن بينها تحقيق المرفأ، وأعيد فتح ملف اغتيال لقمان سليم وتفعيل التحقيقات في العمليات الإرهابية وعلى رأسها الاغتيالات وفي الجرائم المالية والفساد وتهريب الأموال وتبييضها".

أضاف: "من واجب الوزارة ضمن إطار صلاحياتها أن لا توفر جهدا لدعم القضاة وحمايتهم من أية تدخلات. ويتوجب علي، من هذا الموقع، توجيه رسالة تحية وتقدير واحترام لقضاة لبنان الذين يقومون بدورهم ويتصدون للتدخلات مهما كان مصدرها إن كانت سياسية أو إعلامية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. الملفات كثيرة وعدد القضاة محدود، ولكنني أشهد على أنهم يبذلون جهودا جبارة لدرسها والقيام بواجباتهم بدون إبطاء".

وتابع: "في إطار صون استقلالية القضاء، وضعنا في الوزارة مشروع قانون التنظيم القضائي، وقد جرى في مجلس النواب العمل على صياغة قانون هذه الاستقلالية وفي النهاية صدر قانون ينتظره القضاء واللبنانيون. إن هذا القانون ولو كنا نأمل اعتماد المشروع الذي وضعته الوزارة بكامله، إنما يشكل تطورا إيجابيا، ونأمل أن يقوم مجلس النواب باعتماد ملاحظات فخامة الرئيس وأن يصدر القانون النهائي في أسرع وقت ممكن".

وأردف: "كذلك لا بد من التوقف عند بعض ما جرى تحقيقه:

- تم اعتماد قاعة المحاكمات الملاصقة لسجن رومية، فنسبة الجلسات التي تنعقد بنجاح، ازدادت بشكل ملحوظ حيث كانت النسبة ٣٢ وصارت ٨٤%.

- يتعامل القضاء بمقاربة حديثة مع الملفات المرتبطة بالصحافة فلم تحصل حالة توقيف منذ عشرة أشهر.

- يفتح القضاء الملفات المرتبطة بالفساد وتطال هذه الملفات مسؤولين كبار لكن القضاء يعمل بالرصانة المطلوبة بعيدا عن المهرجانات الإعلامية أو الاستغلال السياسي. هيئة التفتيش القضائي تقوم بدورها بفعالية بالغة وتحقق بالملفات بدون إبطاء وقد تم إحالة عدد من القضاة الى المجلس التأديبي.

- تم تحديث مناهج معهد القضاء وتدريب القضاة وفتح دورة لتوظيف قضاة جدد.

- تم تنفيذ متطلبات الـ FATF الهادفة الى إرساخ شفافية في الإدارة والتعامل المالي".

وأشار الى أنه "يتم تنظيم عمل كتاب العدل وفقا للقوانين المرعية الإجراء والطلب منهم التقيد بالقوانين في عملهم. تم إصدار مرسوم وضعته وزارة العدل لتنظيم صندوق الأموال المتأتية عن مكافحة الفساد وتبييض الاموال".

وخلص الى أن "القضاء اللبناني بحاجة الى دعم في ظل ظروف عمل صعبة للغاية. علينا ان نستمر بالجهود اللازمة لصون استقلالية القضاء ولإرساء ثقافة المساءلة والمحاسبة، ولكي يستريح القضاء والعدالة، وإننا نكرر مع Martin Luther King : "Sans justice pas de paix" بدون عدل لا سلام".