المصدر: المدن
الكاتب: بلقيس عبد الرضا
السبت 14 حزيران 2025 02:37:42
يتردد صدى الحرب الإسرائيلية الإيرانية محلياً على عدة صعد، ويبقى الأثر الاقتصادي والمعيشي الأكثر شدة. فالضربات الإسرائيلية ضد إيران وردّ الأخيرة، أعادت إلى الأذهان تجارب سابقة عاشها المواطنون، خلال الأزمة الاقتصادية، واستغلال التجار للحرب الروسية -الأوكرانية وعدوان إسرائيل الأخير على لبنان، والتي أدت إلى فقدان العديد من السلع الغذائية، والطبية، وإلى ارتفاع الأسعار، وهو ما دفعت الكثيرين للتهافت إلى المحال التجارية لشراء المواد الغذائية وتخزينها.
تهافت على شراء السلع
بعد ساعات من إعلان إسرائيل شن سلسلة من الضربات ضد إيران بدأت المخاوف تزيد من اشتداد لاالحرب لكن مع بدء الرد الإيراني، شهدت المحال التجارية ازدحامات لافتة في ساعات المساء في حين أن البعض أعلن عزمه على "تموين" الأغذية غداً. وتقول منى كركي (45 عاماً) والتي كانت تسعى للحصول على بعض المواد الغذائية الأساسية لأطفالها لـ"المدن": لم ننس بعد المعاناة خلال الأزمة الاقتصادية وأزمة فيروس كورونا، خاصة مع اختفاء حليب الأطفال، فقدان الأدوية الأساسية، وارتفاع أسعار المحروقات وانتظار اللبنانيين لساعات في المحطات، لذا فضلتُ شراء السلع الأساسية، خوفاً من تطور الأوضاع بشكل سلبي. وتضيف: على الرغم من أن الحرب بعيدة مئات الكيلومترات عن لبنان، لكن أخشى من تسارع الأحداث وقيام بعض التجار باحتكار السلع وبيعها في السوق السوداء.
وبحسب جولة قامت بها "المدن" في إحدى السوبرماركت الكبيرة في العاصمة بيروت، تبين وجود حركة لافتة وغير معتادة لدى المواطنين. وقد أثار تدافع المواطنين على شراء الأغذية مخاوف من نفاد الكميات، وهو ما خلق حالة من البلبلة لدى الناس.
وتقول مواطنة فضلت عدم ذكر اسمها "حتى الأن، لا يوجد أي نقص في المواد، لكن من الأفضل شراء المعلبات بدرجة كبيرة، بالإضافة الى الزيت والسكر والأرز. تعد هذه السلع استراتيجية ومهمة في النظام الغذائي للمواطنين، وأي نقص في هذه المواد تؤثر سلباً على أمنهم الغذائي".
وعلى الرغم من أن نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي عمد إلى طمأنة اللبنانيين، بأن "ما حصل في المنطقة ليس أمراً بسيطاً، ولكن في المدى المنظور لا داعي للخوف على حركة استيراد المواد الغذائية"، إلا أن ذلك، لم يقنع عائلة سامر منيمنة، الذي عمد إلى شراء المواد الغذائية ومستلزمات الأطفال وأدوية أساسية، بالإضافة إلى تخزينه المحروقات. ويقول لـ"المدن": إن الحرب ليست نزهة، ولا يمكن ترك عائلتي من دون تأمين المستلزمات الأساسية لهم. ويضيف: على الرغم من التطمينات، لكن طول أمد الضربات، وإمكانية استغلال بعض التجار الأوضاع لإخفاء السلع وإعادة طرحها في الأسواق، أمر وارد، ولا يمكن في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية شراء السلع بأسعار مرتفعة في ظل غياب الرقابة الحقيقية بحسب وصفه، لذا فضل شراء مؤن تكفي شهراً تقريباً.
الخوف من توقف الملاحة البحرية
تعد كركي ومنيمنة، نماذجاً لمئات من اللبنانيين الذين فوجئوا من مجريات الأحداث وتسارعها، إذ يخشى المواطنون من أن يؤدي طول أمد الحرب الى إقفال طرق التجارة البحرية، وبالتالي، توقف حركة الاستيراد والتصدير. على الرغم من أن حجم استيراد لبنان من السلع الغذائية بات محدوداً نسبياً، لكن الصناعات الغذائية اللبنانية تعتمد على مواد أولية مستوردة، ناهيك عن أن لبنان لم يحقق بعد الاستقلال الاستراتيجي الغذائي، خاصة فيما يتعلق بالقمح، وهو ما دفع إبراهيم عياش مواطن (60 عاماً) الى الانتظار أمام أحد الأفران في بيروت لمدة نصف ساعة تقريبا للحصول على ربطتي خبز لعائلته. يقول لـ"المدن": لا يمكن الاستغناء عن الخبز، وهناك حركة لافتة لشراء هذه السلعة الأساسية. ويخشى عياش أن يتم إقفال المعابر والمرافئ البحرية، وبالتالي توقف التجار عن استيراد القمح.
يستورد لبنان كميات كبيرة من القمح سنوياً، تفوق 700 ألف طن بحسب إحصاءات الجمارك، وبالتالي فإن توسع نطاق الحرب لتشمل طرق التجارة البحرية، قد تنعكس على حجم استيراد القمح، وعلى فقدان الخبز، وبالتالي على الأمن الغذائي للبنانيين.
ماذا عن التداعيات؟
قد لا تنحصر تداعيات الحرب بين الجانبين الإسرائيلي والإيراني، على استيراد السلع وحسب، بل للأمر تبعات على الاقتصاد بشكل عام، خاصة مع ارتفاع أسعار النفط، التي ارتفعت بنسبة 12 في المئة في ساعات الصباح الأولى لبدء الهجوم الإسرائيلي. ويخشى كريم جبارة (30 عاماً موظف في أحد المصارف اللبنانية) من تبعات الحرب بين الجانبين، وانعكاس ذلك على أسعار النفط. ويقول لـ "المدن": في حال استمر ارتفاع سعر النفط، سيتأثر لبنان حتماً، سواء من خلال ارتفاع قيمة التأمين على السلع المستورة، أو على فاتورة الطاقة للمؤسسات الصناعية المحلية لذلك تبدو مسألة تخزين المواد أمراً حتمياً".