هذا ما أبلغه البخاري لبرّي

كتب منير الربيع في الجريدة الكويتية: طغى التفاؤل السياسي على الساحة اللبنانية، إذ كانت بداية الأسبوع منطلقا لسلسلة تحركات سياسية ودبلوماسية، أبرزها زيارة السفير السعودي وليد البخاري لعين التينة، للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتي تبعتها زيارة للسفيرة الأميركية دوروثي شيا. كما زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الصرح البطريركي في بكركي، والتقى البطريرك الماروني بشارة الراعي، قبل مغادرته إلى الفاتيكان غدا للقاء البابا فرنسيس.

ومن بكركي عبّر ميقاتي عن تفاؤله معتبرا أن «ربيع لبنان قريب ببركة البطريرك الراعي». وهو موقف فسّر سياسياً بأن ميقاتي يعوّل على الاتفاق الإيراني ـ السعودي، وانعكاسه إيجابا على الساحة اللبنانية. وبالارتكاز إلى تفاؤل ميقاتي، فإن شخصيات سياسية متعددة أيضا تعبّر عن تفاؤلها بقرب الوصول إلى تسوية في لبنان، بينما هناك جهات أخرى تعتبر أن هذه الرهانات فيها شيء من المبالغة، لأن نتائج الاتفاق تحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تظهر أو تنعكس على الملف اللبناني، لاسيما أن كل طرف سياسي لا يزال على موقفه، ولم يبد أي استعداد لتقديم التنازل المطلوب، وسط استمرار بكركي في البحث مع القوى المسيحية حول كيفية التوافق على مرشح فيما بينهم، أو من خلال الدعوة إلى عقد اجتماع للنواب المسيحيين للبحث في الاتفاق على عدد من الأسماء لترشيحها لرئاسة الجمهورية. وبالنسبة إلى زيارة البخاري لعين التينة، كشفت مصادر متابعة أنها كانت إيجابية من حيث الإصرار السعودي على التواصل مع رئيس مجلس النواب، والتعويل على دوره في سبيل التقريب بوجهات النظر بين القوى المختلفة، إضافة إلى حرصه على علاقات لبنان العربية والخليجية ومع السعودية بالتحديد.

أما في المضمون فكشفت مصادر متابعة أن البخاري أبلغ بري بالموقف السعودي نفسه حيال المقاربة للانتخابات الرئاسية، وتؤكد المعلومات أن المعايير السعودية والثوابت لا تزال على حالها، وهي تتعلق بضرورة إيجاد تسوية تحظى بثقة المجتمع الدولي، وخصوصا أنه بعد الاتفاق الإيراني - الأميركي لا بدّ من إنجاز تسوية متوازنة في لبنان لا يكون فيها أي فريق مستشعرا غلبته على حساب الفريق الآخر، والمضمون الأساسي لهذا الموقف هو أن معركة رئاسة الجمهورية لا تتعلق بالأشخاص، وبالتالي لا يمكن انتخاب شخص محسوب على طرف سياسي في مواجهة الطرف الآخر.

وأضافت المصادر أن بري كان متفهما لرؤية السفير السعودي، لكنه بقي على موقفه أيضا لناحية ترشيح سليمان فرنجية، معتبرا أن رئيس تيار المردة قادر على التواصل مع كل الدول العربية والأجنبية، ويتمتع بعلاقات جيدة مع القوى السياسية على الساحة اللبنانية، كما أن لديه حيثية وطنية ووصله يؤدي إلى التخفيف من حدة التوتر الطائفي أو المذهبي، والأهم أنه يلتزم باتفاق الطائف، ولن يكون بعيدا عن الدول العربية لا بل من موقعه سيكون قادرا على تحصيل مكاسب من الأطراف المختلفة، وعمليا كان اللقاء مناسبة لاستعراض الوضع العام وتقديم كل طرف لرؤيته وموقفه، فيما سيكون الوقت كفيلا بإحداث تقارب، ولا تخفي المصادر المتابعة أن المسألة تحتاج إلى مزيد من الوقت.

الملف اللبناني كان حاضرا أيضا في اجتماعات عقدها وزير الخارجية السعودية الأسبوع الفائت في باريس، وتحديدا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، ومع المستشار في الرئاسة الفرنسية باتريك دوريل، وهو المكلف بإدارة الملف اللبناني، وحسبما تكشف مصادر متابعة فإن اللقاء كان واضحا لجهة التشديد السعودي على الموقف من لبنان، ورفض مسألة المقايضة التي تطرحها باريس بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وشدد وزير الخارجية السعودي على ضرورة التقارب بين اللبنانيين على ما ستكون فيه مصلحة عليا للبنان وليس مصلحة لأطراف سياسية.