هذه هي شوائب تعيين رئيس الأركان.. والطعن أمام شورى الدولة

يبدو أن تعيين رئيس جديد للأركان لم ينتهِ فصولا، لا سياسيا ولا دستوريا، اذ منذ ان عمد مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، الى تعيين العميد الركن حسان عودة رئيساً للاركان، علت بعض الأصوات "السياسية" الرافضة لهذا التعيين، منتقدة الطريقة التي تم فيها، ومن ثم التوقيت. ذلك ان الحكومة الحالية هي حكومة تصريف اعمال، والتعيينات تأتي في ظل فراغ رئاسي يطول.

ولعلّ قرار التعيين وما تلاه يدل على انه حين يفرّغ الرأس، تتعدد الشوائب، وتصبح كما لو انها عادية في مسار الفراغ ... والترقيع. اللافت انه الى جانب الملاحظات السياسية، فان تعيين رئيس للأركان جاء مع رفض وزير الدفاع موريس سليم مسألة التعيين، وسط غيابه أيضا عن الجلسة الحكومية.

هكذا، يضاف أمر التعيين الى سلّة الإشكاليات التي تطبع الحياة السياسية منذ فترة. انما ما اعتُبر مفارقة هو ان التعيين تلته سلسلة مواقف "دستورية" من عدد من "الخبراء" اعتبروا ان ثمة مخالفات في القرار نفسه. فما هي هذه المخالفات، وبناء عليها، هل يمكن الطعن بقرار التعيين؟

ثلاث مخالفات

يبادر الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك الى القول: "ان قرار تعيين رئيس للاركان تعتريه العديد من العيوب والشوائب الدستورية والقانونية".

ويفند مالك المخالفات لـ"النهار" كالآتي:

"المخالفة الأولى: صدور هذا القرار عن حكومة تصرّف الاعمال بالمعنى الضيّق.

المخالفة الثانية: أتى قرار التعيين في ظل شغور رئاسي، أي بغياب رئيس للجمهورية.

المخالفة الثالثة: جاء قرار التعيين من دون ان يصار الى ارفاقه باقتراح من جانب وزير الدفاع، اذ ان المادة 66 من الدستور أولت، قبل التعيين، ان يكون الوزير قد تسلم وزارته، ثم، وعملا بأحكام قانون الدفاع الوطني، ان يأتي هذا التعيين بناء على اقتراح وزير الدفاع، بحيث لا يمكن ان يأتي من قِبل الحكومة مباشرة".

هكذا، مرّ التعيين داخل الحكومة، على رغم شوائبه، اذ ان المادّة 54 من الدّستور تشترط توقيع الوزير المختص على المراسيم الّتي تصدر عن مجلس الوزراء، لاسيما انه سبق لمجلس شورى الدّولة أن اكد أنّ توقيع الوزراء اساسي، فكيف يمكن ان يتعامل وزير الدفاع مع قرار التعيين، هل يمتنع عن التوقيع مثلا؟

"النهار" حاولت الاتصال مرارا بسليم، لكن من دون جدوى، علما ان أي اجراء او تدبير يتعلق بوزارة الدفاع او المؤسسة العسكرية او أي علاقة بين مجلس الوزراء والجهة التابعة لوزارة الدفاع، تمرّ حكماً عبر وزير الدفاع نفسه.

من هنا، تضاف إشكالية العلاقة بين مجلس الوزراء ووزير الدفاع من جهة، ووزير الدفاع والمؤسسة العسكرية من جهة أخرى، الى أزمات الحكم.

والسؤال: طالما ان قرار التعيين يتضمّن شوائب ومخالفات، هل يمكن الطعن به؟ وهل يحق مثلا لوزير الدفاع "المعترض" ان يطعن به؟

يجيب مالك: "الطعن ممكن امام مجلس شورى الدولة، من قِبل صاحب صفة ومصلحة، وضمن مهلة الشهرين من تاريخ صدور القرار".

بمعنى انه لا يمكن لوزير الدفاع الطعن، بل أي ضابط متضرّر، وعلى من تنطبق عليه "الصّفة والمصلحة"، أي وقع عليه الضّرر.

حتى الآن، لم تسجَّل سابقة مشابهة، بحيث تعمد حكومة تصريف اعمال الى تعيين موظف من موظفي الفئة الأولى، وفي ظل فراغ رئاسي واعتراض الوزير المعني معا، كما لو ان الشائبة مزدوجة. فهل سيسلك قرار التعيين مساره الاعتراضي؟