المصدر: وكالات
السبت 8 تشرين الثاني 2025 22:43:11
ذكر تقرير لصحيفة "هآرتس" الاسرائيلية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعمل على وضع اللمسات الأخيرة على صفقة مع سوريا، حيث قد يتمكن أخيراً من تحقيق إنجاز دبلوماسي كبير.
وأشارت إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع سيصل إلى البيت الأبيض للقاء ترامب. وسيستحق هذا الحدث بلا شك وصف "تاريخي"، إذ ستكون هذه أول زيارة لرئيس سوري إلى البيت الأبيض.
ماذا سيقدّم الشرع؟
ووفقاً للصحيفة، فإن المهر المتوقع أن يقدّمه الشرع إلى نظيره الأميركي يشمل استعداداً للانضمام إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش". كما يشمل اتفاقاً مبدئياً، وربما أكثر من ذلك، على توقيع اتفاقية بشأن الترتيبات الأمنية مع إسرائيل، وإعلاناً عن نية الانضمام إلى "اتفاقات إبراهيم".
في المقابل، يتوقع الشرع الرفع الكامل لجميع العقوبات المتبقية على سوريا. وسيُتيح ذلك تدفق الاستثمارات والمساعدات التي تحتاجها البلاد لإعادة الإعمار.
وقالت الصحيفة، إن "العلاقة بين ترامب وسوريا الشرع ليست مجرد حرب أخرى من تلك الحروب التي يتفاخر ترامب بإنهائها. إنها ليست إنجازاً آخر في طريقه إلى جائزة نوبل للسلام. يبدو أنها هدية من ترامب إلى صديقه العزيز، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان".
وأضافت: " لو كنا نتحدث عن أي بلد آخر، لربما انتهى هذا بحفل إعلامي حافل، وعناق وتبادل للمديح. لكن سوريا تقع في قلب عقدة استراتيجية إقليمية تشمل أيضاً، بالإضافة إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، تركيا وإسرائيل ولبنان".
وبالنسبة لواشنطن، قد يُحرر النجاح في ملف الشرع الأميركيين من وجودهم العسكري في سوريا، ويُحقق حلم ترامب بالتخلص من بلد "لا يملك إلا الرمال". لكن الطريق لا يزال طويلاً، متعرجاً، ومليئاً بالألغام.
وأوضحت الصحيفة أن "الشرع، الذي لا يسيطر حالياً إلا على نحو 60% من مساحة سوريا، يحتاج إلى كاسحة الألغام الأميركية لتمهيد طريقه نحو السيادة على كامل البلاد، وتحييد الكتل الرئيسية المقاومة لحكمه، وتحقيق التوازن مع اللاعبين الأجانب الآخرين الذين يحاولون بالفعل جعل سوريا تحت حمايتهم".
السعودية في الصدارة
وتابعت أنه "في خضم الصراع على النفوذ في سوريا، تتبوأ المملكة العربية السعودية الصدارة. لكن اللاعب الرئيسي في هذه اللعبة الكبرى، والذي يُتوقع أن يحصد معظم الغنائم الدبلوماسية، هو تركيا"، التي جعلت نفسها شريكاً عسكرياً ودبلوماسياً منذ الأيام الأولى لحكومة الشرع، وهي القناة الرئيسية لنقل البضائع والأشخاص من وإلى سوريا. كما أنها الدولة التي ستجني أكبر الثمار عند تقسيم مشاريع إعادة الإعمار في سوريا.
وبحسب الصحيفة، ليس الأمر اقتصادياً فحسب، "فتركيا تسعى إلى تفكيك القوة العسكرية لأكراد سوريا. وبالتالي، ترى في الشرع وجيشه رصيداً استراتيجياً لتحقيق هذا الهدف".
وكشفت "هآرتس" أن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اقترح على ترامب في ولايته الأولى، ثم على جو بايدن، أن تتولى تركيا إدارة الحرب ضد تنظيم داعش ومراكز الاعتقال الضخمة بدلاً من الأكراد. لكن هذا الاقتراح، الذي رُفض مراراً، فاقم توترات أردوغان مع الإدارتين وغضبه منهما".
وقالت الصحيفة: "الآن، قدّم أردوغان مجدداً ذلك الاقتراح القديم لترامب، ولكن مع إضافة مغرية. بدلاً من الجيش التركي، ستنضم سوريا إلى التحالف الدولي. سيحل الجيش السوري محل القوات الكردية، وستبني الحكومة السورية مراكز احتجاز جديدة لمقاتلي داعش في المناطق الخاضعة لسيطرتها. هذا سيسمح لواشنطن بالاستغناء نهائياً عن خدمات الأكراد".
خطة تخدم أهداف واشنطن
وتابعت "علاوة على ذلك، تُصوّر تركيا هذه الخطوة كجزء من خطة أوسع نطاقاً تُلزم الأكراد بالاندماج في الجيش السوري. وهذا من شأنه أيضاً أن يُكمّل عملية إخضاع المناطق والميليشيات الكردية للحكومة المركزية".
وبحسب "هآرتس"، فإنه للوهلة الأولى، يبدو أن هذه الخطة تخدم الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة والدول العربية واللاعبين الدوليين الآخرين، الذين يسعون جميعهم إلى سوريا موحدة لا يملك فيها السلاح إلا الدولة بشكل شرعي. لكن هذا سيتطلب من ترامب التخلي عن حلفاء أميركا الأكراد. وسيضطر أيضاً إلى الاعتماد على الجيش السوري، الذي لا يزال يعاني من مشاكل تنظيمية. وسيضطر ترامب عملياً إلى منح تركيا سيطرة شبه كاملة على سياسة سوريا في المنطقة.
وعلاوة على ذلك، فإن مثل هذه الخطوة قد تؤدي إلى إشعال صراعات عنيفة بين الأكراد وقوات الشرع والميليشيات السورية العاملة تحت رعاية تركيا في الشمال، مما قد يؤدي إلى إعادة ذلك الجزء من سوريا على الأقل إلى الحرب الأهلية. واشارت الصحيفة إلى أنه "ليس هذا هو العائق الوحيد أمام ترامب. فإسرائيل نصبت نفسها راعيةً للأقلية الدرزية. في خضم تشابك المصالح في سوريا، حيث قد تؤثر التطورات في المنطقة الدرزية على الأقلية الكردية، يسعى الأميركيون إلى اتفاق أمني يسمح لواشنطن بمطالبة إسرائيل بالانسحاب من سوريا. وبذلك، ستسيطر حكومة الشرع على الجنوب".
وأوضحت "إذا نجح ترامب أيضاً في انتزاع وعد من الشرع بالانضمام إلى اتفاقات أبراهام، حتى دون تحديد تاريخ، فستجد إسرائيل صعوبة في الإصرار على استمرار وجودها في سوريا. وهذا سيُكمل أيضاً امتداد الرعاية التركية لسوريا، هذه المرة بترخيص أميركي".
وخلصت الصحيفة غلى القول إنه "سيكون من الصعب تجاهل المفارقة. أراد ترامب تجنب التدخل المباشر في الشرق الأوسط، ناهيك عن نشر قوات أميركية على الأرض. هو من دفع بسياسة عدم خوض أميركا حروب دول أخرى. ومع ذلك، وجد نفسه مراراً وتكراراً يُجر إلى هذه الساحة المشتعلة".