هل تنتقل إسرائيل من التهديدات إلى الحرب الشاملة؟

بلغت التهديدات الإسرائيلية للبنان ذروتها، وذلك باستعمال عبارات الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، ولا سيما أنه في عالم كرة القدم يعتبر البعض أن الهجوم خير وسيلة للدفاع، فهل قرّرت إسرائيل القيام بعملية برية حتى حدود الليطاني مستغلة الوقت الضائع من خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية، وحاجة كلا المرشحين الرئيس الأميركي جو بايدن والسابق دونالد ترامب للوبي الصهيوني، وما له من تأثيرات في الولايات المتحدة، فضلاً عمّا يجري في المنطقة وهذا ما تستغله إسرائيل وتفعل ما يحلو لها وما تشاء في ظل استمرار "قبّة الباط" الأميركية والأوروبية، وإن كان الموقف الأميركي والأوروبي مغايرين عما كانا عليهما خلال عملية طوفان الأقصى.

من هنا ثمة قلق ومخاوف تعتري الكثيرين من هذه التهديدات، في ظل نقل السلاح الثقيل والنوعي إلى الحدود الشمالية مع لبنان، فهل ينذر ذلك بعملية واسعة النطاق؟ خصوصاً أنها تتزامن مع حديث عن رد إيراني على اسرائيل بعد قصفها قنصليتها في دمشق، وهل سترد إسرائيل على القصف الإيراني في حال حصوله في العمق اللبناني؟ أم تقوم بعملية اجتياح؟ كل هذه السيناريوات مطروحة على بساط البحث وإن كانت تدخل أيضاً من باب التهديدات والتهويل، لكن يجب أن تؤخذ المسائل على محمل الجد في ظل الحرب المشتعلة منذ أكثر من ستة أشهر، وخصوصاً ما أصاب غزة من دمار وشهداء بعشرات الآلاف، فضلاً عن أن لبنان ساحته هشّة وأرضه خصبة وساحة ومنصّة لتبادل الرسائل الدولية والاقليمية.

بدوره الرئيس السابق للوفد المفاوض حول الترسيم البحري العميد المتقاعد بسام ياسين بصدد التهديدات الإسرائيلية يقول لـــ"النهار": الأمور تتدحرج ومتجهة نحو الحرب، وأخشى ما أخشاه أن تتحول التهويلات الإسرائيلية التي نسمعها من فترة إلى جدية وأكثر، مع سلسلة ضغوط تمارس على إسرائيل على خلفية حرب غزة، من الولايات المتحدة الأميركية أو بعض الدول الأوروبية، لذلك تحاول أن تنقل الحرب إلى الجنوب اللبناني مع "حزب الله"، ما بدأنا نشهده من خلال المواقف الإسرائيلية، فنحن أمام أيام صعبة وقاسية سنشهدها في المرحلة المقبلة، ولهذه الغاية، التهويلات تشي بالحرب، خصوصاً بعد استهداف القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق، وبالتالي فإذا ردّت إيران، فمن الطبيعي أن الجواب الإسرائيلي سيكون حرباً على لبنان الذي هو الحلقة الأضعف وليس الأقوى على الإطلاق، وبناءً على ذلك قد تشتعل الجبهة في الجنوب، أما أن تصل إلى العمق اللبناني، فأرى في مثل هذه الظروف أن كل شيء وارد وكل الاحتمالات قائمة في هذا السياق، من أن توسع إسرائيل عملية نطاق غاراتها واستهدافاتها.

ويخلص العميد السابق ياسين بالقول: هذه الحرب ستتحول إلى استنزاف وعلى نار خفيفة، لكن ذلك له مخاطر ومفاعيل كبيرة ستنهك الساحة اللبنانية، وعوداً على بدء أكرر، أخشى ما أخشاه أن تكون التهديدات الإسرائيلية لا تصب في نطاق التهويل كما كانت في البدايات، بعدما بدأت تنقل معركتها إلى الجنوب، ومن الطبيعي أن "حزب الله" لن يتنازل في السياسة عن فصل مسار الجنوب عن غزة، ما يعني أننا مقبلون على وضع في غاية الصعوبة والدقة والمخاطر، أي إن الحرب قادمة.

في السياق عينه يقول النائب السابق العميد المتقاعد وهبي قاطيشا لـــ"النهار": إسرائيل كانت تقوم بعمليات تصيّد لعناصر وقيادات في "حزب الله" من خلال المسيّرات، لكن أعتقد الآن أنها ستنتقل إلى مرحلة التصعيد، وكل الاحتمالات قائمة بما في ذلك اللجوء إلى قصف الجسور ومحطات الكهرباء وربما منشآت مدنية وحيوية وسواها، تحديداً إذا جاء الرد الإيراني في العمق الإسرائيلي فعندها ستحرك ماكينتها العسكرية التي لا حدود لها، وتقوم بحرب شاملة، لأننا كنا ضمن قواعد اللعبة أو الاشتباك، وفي الآونة الأخيرة بدأت الأمور تشهد منحىً تصعيدياً مغايراً عن السابق، ولهذه الغاية ثمة بنك أهداف لإسرائيل في أماكن متعددة قد تلجأ إليه، وهذا ما يُسمّى عندئذ الحرب الشاملة، بمعنى أن إسرائيل ستخرج من باب التهويل إلى الترجمة الفعلية عبر تصعيد لا حدود له.