هل يُهدد "اللوغو" العاشورائي وئام حزب الله وحركة أمل؟

أيام قليلة تفصلنا عن شهر محرّم، وذكرى عاشوراء التي تشكل مناسبة "مقدّسة" للشيعة في لبنان، يُحييها الثنائي حركة أمل وحزب الله في كل مناطق تواجدهما، بمجالس مشتركة في غالبية القرى والبلدات، ومجالس مركزية كتلك التي تُقام في العاصمة بيروت، وتحديداً في الضاحية الجنوبية، وترافقها إجراءات أمنية وتنظيمية واسعة النطاق.

مجالس مشتركة منعاً للخلاف
ككل المناسبات الحساسة والضخمة، كالانتخابات النيابية، والبلدية والاختيارية، يسعى الثنائي الشيعي لجعل ذكرى عاشوراء عنواناً للوحدة والعيش الواحد ونبذ الخلافات، وقد نجح هذا السعي لسنوات وسنوات، بظل اتفاق يشبه الى حد بعيد الاتفاق "البلدي" بين الطرفين، فتكون الإحياءات المشتركة في القرى والمناطق شبيهة بتقسيم البلديات. فالطرف الأقوى داخل البلدة ينال حصة أكبر في تنظيم المجالس والتعريف فيها واختيار المتحدثين السياسيين خلالها، فتُقسم الليالي العشرة بين التنظيمين، ليكون "التعريف" على سبيل المثال 4 مرات للحزب مقابل 6 للحركة، أو العكس، وكذلك الأمر بالنسبة لانتماء المتحدث السياسي.

في كل عام تُعقد الاجتماعات بين الحزب والحركة للتأكيد على الاتفاق الذي بدأ تطبيقه منذ ما قبل العام 2010، وينص بجزء أساسي منه على إحياء المجالس بشكل مشترك وتعاون وثيق، يرفع إسم "الحسين" فوق كل الحساسيات الحزبية، وينص أيضاً على إزالة الشعارات الحزبية من داخل "الحسينية" أو المكان الذي يُحيى فيه المجلس المشترك بين أمل وحزب الله، وذلك منعاً لأي حساسيات قد تنتج عن وجود الشعارات أو الأعلام، ومن المعروف أن مسألة الصور والأعلام واليافطات دقيقة جداً في كثير من القرى، قد تسببت هذه المسألة سابقاً بسقوط جرحى وضحايا، كما حصل في بلدة لوبيا الجنوبية في صيف 2020.

"اللوغو" يهدد بنسف الاتفاق
تم تنفيذ الاتفاق بطريقة سليمة بشكل عام، لكن بروز "لوغو" المناسبة العاشورائية أعاد تحريك مسألة الشعارات، على اعتبار أن الشعار العاشورائي ليس شعاراً حزبياً، إلا أنه بالواقع يرمز لهوية التنظيم. فقبل انطلاق ذكرى عاشوراء يُطلق الحزبان اللوغو أو الشعار العاشورائي الخاص بهما، فيُطبع ويُعلّق. وحسب معلومات "المدن"، فإن خلافات بين التنظيمين بدأت بالظهور في بعض القرى، بعد الإعلان عن شعاري هذا العام، "وما بدّلنا" الخاص بحركة أمل، و"كربلاء طريقنا إلى المهدي" الخاص بحزب الله، بسبب رغبة الطرف القوي بتعليق "الشعار" العاشورائي الخاص به على خلفية المنبر "الحسيني". وهذا ما حصل في إحدى قرى إقليم التفاح على سبيل المثال لا الحصر، حيث يُريد حزب الله تعليق الشعار الخاص به على خلفية المنبر ويرفض تطبيق مبدأ إزالة الشعارات، أو وضع الشعارين. وهذه الخلافات وغيرها من التفاصيل المتعلقة بالتنظيم والتقسيم، أدّت في بعض القرى الى انفصال المجالس العاشورائية، وهي تُهدد بذلك في هذه القرية، مع ما يعني ذلك من تداعيات سلبية على علاقة التنظيمين في هذه البقعة الجغرافية الحساسة.

في أحيان كثيرة لا يكون الانفصال ودّياً، وهو بكل تأكيد مرفوض من قيادي الحركة والحزب. لذلك، فاللجان المعنية بحل الخلافات في المناطق تتدخل بشكل دائم لفض هذا النوع من النزاعات. إنما يشكل التوقيت نقطة أساسية، فالتدخل قبل وقوع الضرر يختلف عن التدخل بعد وقوعه، واستحقاق عاشوراء هذا العام يشكل امتحاناً لقدرة القيادة على الضبط والسيطرة على الأمور.

وعلى هذا المنوال، ترتسم حياة القرى والضواحي بالشعارات والرايات والمنابر والمناسبات "المقدسة".