واردات المرفأ لا تتناسب مع حركته... فساد وتهريب!

غريب ما يحصل في مرفأ بيروت، فحركة الاستيراد ناشطة ومع ذلك مداخيل الخزينة لا تزال ضئيلة رغم رفع الدولار الجمركي.

السوق عائمة بالبضائع المهرّبة، وما تخوّف منه البعض قد حصل فعلا!  فالتهرّب الضريبيّ في أوّجه، تجار كثر يكتفون بإخراج بضائعهم من المرفأ عبر تسديد "سعر مقطوع" للمافيا المتحكمة بمفاصل المرفأ، مستغلين ثغرات قانونية موجودة في النظام الجمركيّ اللّبنانيّ.

فما الذي يحصل فعليا في المرفأ؟ وهل من آليات لضبط الوضع وتحسين عائدات الخزينة فنصل الى المبتغى المراد؟ 

الواقع هذا يؤكّده الخبير الاقتصادي ومدير مركز دراسات السوق باتريك مارديني، الذي يكشف أنّ "رفع الدولار الجمركي أدّى الى زيادة التهرّب والتهريب الجمركيّ". 

مشكلة النظام الجمركيّ في لبنان "منه وفيه"، فهو بحسب ما يلفت مارديني يحفّز على التهرب الجمركيّ، والأسباب عديدة، أوّلها: 

- وجود استثناءات، فإنّ عددا من البضائع والسلع معفاة من الرسوم الجمركيّة، وهو ما يفتح المجال لإدخال بضائع وسلع غير معفاة على أنها معفاة من الجمرك.  

- تعدد النسب الجمركيّة، وهو وجه آخر للتهرّب الجمركيّ، وعليه يتمّ ادخال سلع معينّة يصرّح عنها على أنها سلع من نوع آخر لتخفيض الضريبة من 30 في المئة مثالا الى حدود الـ 3 في المئة، فيسدد التجار عندها نسبة جمركية أدنى من المفترض. 

هذه الأسباب الأساسيّة وغيرها  أنتجت هذا الفساد في المرفأ اليوم. ويلفت مارديني الى أنّ رفع الدولار الجمركيّ صبّ في مصلحة الشركات غير الشرعية على حساب "الشرعية"، موضّحا "عندما تكون الرسوم الجمركية أقل كلفة فلا مشكلة بالمنافسة، ولكن عندما ترتفع النسبة الجمركية تصعب المنافسة على الشركات الشرعية، خصوصا أنّ فارق الأسعار يصبح كبيرا بين البضائع المهرّبة وغير المهربة، لاسيما وأنّ فارق الأسعار يصل الى حدود الـ 30 في المئة إضافة في بعض الأحيان، وعندها يصبح "النظاميّ" هو الخاسر الأكبر، وهذا ما يضعها أمام خيارين لا ثالث لهما: امّا الى الافلاس والاقفال أم الى دفعها الى التهرّب الجمركيّ والضريبيّ.

وبإختصار، فإنّ أسوأ ما في الموضوع هو زيادة الدولار الجمركي من دون تخفيض النسب الجمركية، الامر الذي أضرّ بالشركات الشرعية وصب في مصلحة الشركات غير الشرعية التي باتت "تكتسح" الأسواق، وتستورد عنها وعن الشركات الشرعية لعلمها المسبق أنّها قادرة على تصريفها، يقول مارديني.

وعن الحلول، يلفت مارديني الى أنه بعملية حسابية بسيطة بين ما يستورده لبنان مقارنة مع المداخيل الجمركية السنوية تأتي النسبة كمعدّل 2.5 في المئة من قيمة الاستيراد. وعليه فإنّ توحيد التعرفات الجمركية على كافة البضائع المستوردة من دون استثناء أو أيّ اعفاء وعلى مستوى متدنّ جدا هو الحلّ الأفضل لضبط التهرّب الجمركيّ وتحسين الإيرادات.