"وجع" رواية تكسر التابوهات وتتخطى المقاييس "

"وجع" رواية جديدة للإعلامية الشاعرة ليلى الداهوك بالإشتراك مع الروائي د. محمد إقبال حرب تحمل قضية العنف ضد الطفل،وليس أي عنف إنه عنف الأم البيولوجية على طفلتها. وتكسر رواية وجع الصورة النمطية المقدسة التي تصور الأم في منزلة التنزيه وترفض اي مساس بصورتها،حتى أن المجتمع يتخذ صفة الجلد والنفي على أي طفل يجرؤ على طلب النجدة.  
أُطلقت صرخة قضة وجع خلال حفل حاشد دعا إليه الناشر منتدى شاعر الكورة الخضراء- عبدالله شحادة برعاية وزارة الثقافة والتعاون مع إتحاد الكتاب اللبنانيين في مسرح بلدية الجديدة – السد إفتتح بكلمة رئيسة المنتدى الأديبة الشاعرة ميراي شحادة وتتالى على مناقشة قضية الكتاب كل من : الشاعرة حنان فرفور والنائب السابق المحامي غسان مخيبر ورئيس إتحاد الكتاب اللبنانيين الشاعر د. الياس زغيب وممثل وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى،المحامي زياد بيضون والكاتبين ليلى الداهوك ومحمد إقبال حرب. وقدم الفنان التشكيلي برنارد رنو لوحة لليلى الداهوك تحمل الأدب والشعر والإعلام وإعتبرها أيقونة ثلاثية الأبعاد . قدم الإحتفال شربل سلامة وتلاه نخب المناسبة والتوقيع.
حضر الإحتفال معالي وزير الثقافة محمد وسام المرتضى ممثلا بالمحامي زياد بيضون، رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل ممثلا برئيس مصلحة الشؤون الفنية والثقافية الاعلامي بيار البايع - رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ممثلا برئيسة مصلحة المهن المجازة السيدة ميراي ماهر -رئيس حزب الاتحاد السرياني العالمي والأمين العام للجبهة المسيحية الاستاذ ابراهيم مراد  ممثلا بالمختارة ليلى اللطي-رئيس مؤسسة كاريتاس الأب ميشال عبود - رئيس بلدية الجديدة _ السد الاستاذ انطوان جبارة -  رئيس بلدية عيناتا الأرز السيد ميشال نصر رحمة -  نقيب المحررين جوزف القصيفي ممثلا بالإعلامية ايناس مخايل   المختار هادي يزبك - القاضي ناجي أبي خليل - الأب عبدو بو خليل مؤسس ورئيس جماعة مريم ومرتا - المحامية غادة نيكولاس من التجمع النسائي الديمقراطي - ايلي خويري نيو نيشن والإعلاميين :عماد جانبيه -  ريما خداج - ريما صيرفي – أنطوني جعجع - وليد الداهوك - كلود أبو شقرا - لينا حشا – العقيد شربل فرام رئيس تحرير مجلة "الأمن " – حبيب يونس - جورج معلولي-هناء الحاج - محمد عمرو والمخرج يوسف رقة والكاتبة والمربية القديرة جيزيل هاشم زرد والفنانة سهام الصافي وعدد من الشخصيات الإجتماعية والإقتصادية والفنية والأدبية والثقافية. 
الأديبة ميراي شحادة أكدت أن الأدب في خدمة الإنسانية وأن المنتدى تبنى طباعة وجع ووضعها على اولويات الطبع لأنها تتناول قضية انسانية واجتماعية وهنا تتجلى اهمية الادب والشعر ليس في التعبير فقط إنما في علاج  قضايا معينة ليكون مثمرا فعالا أو لا يكون. وتابعت قائلة : اليوم جمعنا هذا الوجع فيما ينتظرنا وجع أكبر خارج القاعة، وجع الوطن الذي يشبه قصة الكتاب عن الطفلة المعذبة من قبل أهلها كما يفعل القيمون على هذا الوطن . وشبهت ميراي كل انسان منا بسيزيف يحمل صخرة وصليبا ما وعليه التعايش مع وجعه وتحويله بطريقة كيميائية وفيزيائية الى ابتكار فرح،مشيرة إلى أنها رسالة منتدى شاعر الكورة الخضراء.
الشاعرة حنان فرفور بدورها تحدثت عن الشجاعة والجرأة لكتابة الجراحات سواء بالكلمة أو اللون أو كل الفنون فكيف إذا كانت الكتابة إضافة لكونها مغامرة كشفٍ، كتابة ً في محرمات، وتجاوزًا لحدود، وطرْقًا لتابوهاتٍ، أدارت لها المجتمعات المأسورة بالنمطي والسائد ظهرها طويلا! وقالت فرفور يقترف صديقاي الجريمة مرتين، مرة في كل ما ذكرتُ أعلاه وأخرى في اختياري وأنا المدافعة الشرسة عن الأنثى أرضا وأما وحبيبة وخلّاقة علم وشعر وفن..بيد أنني على كل حال وافقت سريعًا بل لعلي كنتُ الأسرع في قبول التحدي، لأكون جزءا من هذه القضية الإنسانية النبيلة المحقة والعاجلة.أليس الشعر في نهاية المطاف هدمًا لأجل البناء؟
قد يظن قارئ الرواية للوهلة الأولى أنه أمام قضية واحدةٍ، وأمام تجاوز بعينه: تعنيف الطفل نفسيًّا وجسديا ، والتشكيك للمرة الأولى بملائكية وتفاني الأمومة، في مجتمع رغم ذكوريته يقدس الأم في الدين والفن والحياة! بيد أننا أمام سلسلة من القضايا المعقدة المترابطة المحكومة بعلاقات سببية وجوهرية ، نحن هنا أمام سلطة وتسلط الرجل، وبالتالي أمام خضوع وتبعية المرأة وقبولها أن تكون ذيلا في منظومة أسرية لا تستقيم إلا إذا كانت فيها  رأسًا! وأمام مجتمع يخاف من الحب والحقيقة، ويقدس القوة و العنف ويبرر لهما، وبالتالي أمام تنشئة غير سوية، فكيف لضحايا الإهمال والإقصاء أن يربوا جيلا وأسرًا سوية؟  هي سلسلة من الخيبات: ضحايا يربون ضحايا !ولا يكسر هذه السلسلة من الأمراض النفسية والإجتماعية المتوارثة  إلا الوعي والكي بالوعي، وأولى مستلزماته، ما فعله صديقانا هنا، الإفصاح وإعلاء الصوت في الفن قبل الشارع لأن صوت الفنون حتى في المجتمعات الفظة أعلى وأبقى وأفعل!
وإعتبرت فرفور أنه  لو تتسلل  الأم من الإطار  التاريخي الذي رُسم لها، الإطار المحكوم بنكران الذات والتضحية العمياء والتفاني الهائل والإلتصاق حد الذوبان بحياوات أبنائها..ربما إذا وازنت بين حبين، حبها لنفسها ولأولادها ، وتعلمت كيف تنجز وترتقي دون أن يأكلها الإحساس بالذنب، حينها فقط تخرج من دور الشمعة الكومبارس لتصبح شمسا بطلة تدور حولها الكواكب لا الظلمات..
ثم تحدث الأستاذ غسان مخيبر عن زمن الوجع الذي تتداخل فيه الأوجاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية ووجع الرواية الذي يبدأ بجريمة ويمر بإنتحار وثم بجرائم وترك الخاتمة مفاجأة للقراء . الجرائم عديدة ولكنها في إطار عائلة من الحالات المرضية وهنا يطرح السؤال عن الحل .  ثم تناول مخيبر القانون الذي نصه حين كان مسؤولا في مجلس النواب في لجنة حقوق الإنسان وعنوانه العنف ضد المرأة وسائر أفراد الأسرة لأن العنف قد يكون من الرجل على المرأة أو العكس ومن الأهل على الأطفال أو العكس . ورأى أن مجتمعنا بالشكل هو متماسك ومرتبط بقيم ذات طابع أخلاقي وديني ،لذلك غالبا ما تكون النزعة السكوت وهو الأخطر لأنه يؤدي إلى تزايد العنف والموت.ومع أن القانون موجود بيد أن المشكلة تكمن في تطبيقه وإيجاد الآليات المناسبة له . وفي غالب الأحيان الأجهزة الأمنية لا تقوم بالدور المناط بها ولا تحمي الأطفال الضحايا إذا لجأوا إليها. وأشار مخيبر إلى أنه قد تم التداول بخلق مفرزات متخصصة للخلافات الإجتماعية وخصوصا ضمن العائلة، ولكن لم يتم إنشاؤها وهنا يكمن التحدي.والقضاء ما زال عاجزا عن التدخل في الحالات الواقعة من الأهل على الأطفال والأسوأ حين يتعرض الأهل في شيخوختهم للتعنيف من أولادهم.
ثم تحدث عن الكتاب وقال :يطرح الكتاب إشكاليات مقرفة فيها الكثير من الوجع وطبعا لا يمكن تعميمها لأن العائلة حضن يساعد ويحمي ولا يعنف ولا يؤدي إلى الموت وهنا تكمن مسؤولية المجتمع ورجال الدين والقانون لمساعدة الضحايا المعَنَفين والمعنِفين لمعالجة الضحية والجلاد وعدم السكوت. هؤلاء الضحايا بحاجة إلى عناية بقدر الوطن الذي يحتاج إلى عناية . الوطن الذي ينتظر السياسيين وكأنهم أهله وهم يعنفوا أبناءهم  وتمنى لو يتحاكم كل السياسيين الذي ليسوا على قدر مسؤولية وطن. وأن تتم قراءة الرواية ويحث كل واحد فينا المسؤولين على تطبيق القانون لمنع العنف في العائلة فالعائلة التي تنتج الوجع ماذا ستفرز إلى المجتمع؟ إذا فسد الملح فبماذا يملح؟
بدوره الشاعر د. الياس زغيب رئيس إتحاد الكتاب اللبنانيين رأى أن كتاب "وجع" هو الصرخة الزلزال في وجه واقع نعرفه ونسكت عنه عن قصد ربما أو عن غير قصد لأننا إعتدنا الصورة النمطية للأسرة والمجتمع والوطن . ففي مجتمعنا القيم والقواعد الأخلاقية والإنسانية كما فيه الشذوذ عن هذه القواعد والقيم ومن مميزاته تقديس وتقدير الأسرة ووحدتها ودورها فيما الحقيقة المرة أن بعض الأسر لا تؤمن البيئة الصحية لعيش أفرادها ونموهم السوي. وأكد زغيب أن المسكوت عنه بسبب المحرمات جرم أفظع من الجرائم المعبر عنها في الإعلام وبين الناس ،وما أكثر الضحايا التي لا تمتلك حتى حق الشكوى.
وقال الدكتور زغيب قضيتنا الليلة تعنيف الأطفال وقد تصدمنا فكرة أن الطفل هو الضحية والأم هي الجلاد خصوصا بعدما زخرت مخيلتنا بالمعاني السامية للأمومة وهي صحيحة رغم وجود بعض الإستثناءات لمن لا يستحقون تسمية أم مثل الأم في رواية وجع الي إعتبر أنها ضحية أيضا فالحياة التي خيبت ظننونها أصابتها بإنفصام الشخصية . هذه القضية تناولها الكاتبان بجرأة أهل الأدب لإنتشال المجتمع من واقعه الأليم والنهوض به إلى مراتب الإنسانية العليا. كما أكد زغيب أن ما ينقصنا اليوم هو جرأة الإعتراف والمواجهة وإيجاد آليات لتطبيق القوانين لنحمي الضعيف وننتصر للمظلوم.لأن حماية الطفولة هي حماية للمستقبل وأشار إلى أطفال الشوارع رهائن العصابات التي تستغل واقعهم وتقضي على مستقبلهم وعلينا مساعدتهم وتعليمهم وإطلاق طاقاتهم لعل خلاص الوطن يكون على أيدي أطفال الشوارع بعدما فشل زعماء القصور.
مثل وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى المحامي زياد بيضون الذي قال:شرفني معالي وزير الثقافة بتمثيله في هذه الأمسية القيمة بمضونها ونوعية حضورها الأنيق،والحقيقة أنني في كل مناسبة مشابهة أشعر بكثير من الفرح وقليل من التحدي لا سيما متى كان النقاش أدبيا وفلسفيا وأنا القادم من عالم القانون حيث يسهل علي أن أكرر وأتبنى كل ما ورد في كلام ومرافعات من سبقني . ولكن الأمر في هذا الرواية يحتاج إلى قراءة وإبداء رأي متواضع . سارعت كعادتي إلى قراءة الرواية فوجدت أن من قدم لها الصديق والأديب الأستاذ نعيم تلحوق فلم أتردد في المتابعة. قرأت ووجدت الأسلوب سلسا ،فرحت أبحث عن صلب المعاني فيها وهي الرواية التي تختزن في مضمونها ما يدعوك إلى الغوص فيها أكثر فأكثر. إستوقفتني منذ اللحظة الأولى الصورة عن الأم القاسية ولست عادة ممن يوافقون على هذه الصورة مع إيماني المطلق أن سلوك الأم قد يؤثر كثيرا على سير حياتنا جميعا وأنها خلال ممارسة دورها قد تؤذينا. لم افهم كثيرا ما الذي دفع جربوعة الأم إلى القسوة على إبنتها فيما كان عليها أن تقسو على أخيها وعلى المجتمع الظالم. لم أفهم سر غيرتها من إبنتها وسر نقمتها على الحياة بهذه الصورة . كنت أفضل لجربوعة أن تسلك مسارا بعكس العنف الذي نبذته وكنت أفضل نقاشا في دور الأب في حياة الإبنة لأنه لا شك أن لهذا الدور وتكامله مع دور الزوجة والأم الكثير الكثير الذي كان سيؤثر إيجابا على بيئة الإبنة فلا يدفعها إلى الإنتحار . ثم طرح الأستاذ زياد عدد من التساؤلات حول القصة طالبا من الكاتبين الإجابة عنها وبارك لهما هذا العمل متمنيا لهما التوفيق الدائم ومقدما كل طاقات وزارة الثقافة في أي عمل ثقافي .
ألقى د. محمد إقبال حرب كلمة أدبية قال فيها :وُلدت نور فضاءت شمعةٌ وبشّت وجوه. لكنَّ رُهابَ النورِ أثارَ حفيظةَ قلبٍ مُظلمٍ فتململت بين شغافِه قِطعُ ظلام، أخرجت أُمُّها نبابيت القسوة من غِمدِ العتمةِ سياطًا استلّتها مطعّمةً برحمةٍ مزيفةٍ جَلدت بها نور حتى أثخنت جسدَها وروحَها بندباتٍ أزليَّةٍ.صرخ النورُ من أحشاءِ نور مستغيثًا فبُهت الذي آمن بقُدسيةِ الأمومةِ وأسقط عليها لقبَ الجاحدةِ حتى أضناهُ الجهلُ... فقتلَ سلامَ طفولتِها.تراكمت قِطعُ الظلامِ في دربِ الفناءِ، فتهامستْ قلوبُ الشامتينَ فرحًا حتى ضاقَ الزمانُ الرحبُ بنور، فقررتِ الفِرارَ بطفولتـِها إلى هناك... حيث لا نورٌ ولا ظُلمة، لا لمسةُ حنانٍ أو جُرعةُ مواساةٍ.
من قال إن الأمومةَ دائمةُ القدسيّةِ؟من قال إن الطفولةَ ليست دائمةَ البراءةِ؟
من قال إن العدالةَ تعرفُ خبايا سريرةِ الطفولةِ فتُنقذُها من براثنِ الجـَلْدِ المُستمرّ قبل السقوطِ في غياهِب الخَبلِ والجُنون؟من قال إن نور أولُ الخائفينَ وآخرُ المحطَّمينَ؟
انظروا حولكم، تفقّدوا شموعَكم قبل أن يبتلعَها شبحٌ يتلبّسُ عباءةَ أُمٍ مقدّسةٍ.

بدورها الكاتبة الإعلامية ليلى الداهوك إستهلت كلمتها بالشكران تدوم النعم فبدأت بشكر الله وأم المسكونة مريم العذراء على كل النور والدعم والغفران والمحبة في خطوات حياتها أجمع كما شكرت الطيبة النقية اللي حققت الحلم فأصبح من خلالها الوجع حقيقة صارخة في وجه الظلم المهندسة الشاعرة ميراي شحادة بنت الكبير الشاعر عبدالله شحادة.
ثم الأديب نعيم تلحوق اللي رافق الخطوات الأولى لإخراج الرواية وقدمها والفنان التشكيلي العراقي عباس الحاج دعير العتابي الذي قدم لوحة الغلاف.وشكرت المختار الذي دعم كتيرا خطوات إنجاح اللقاء هادي يزبك والمتكلمين الذين كرسوا وقتهم لدعم القضية دون تردد  ومعالي وزير الثقافة على رعايته وإهتمامه . 
ورئيس بلدية الجديدة أنطوان جبارة على تقديمه إمكانات البلدية  وكل فرد ونبض من الحاضرين لأنهم صناع محبة وزوجها فادي رحمة الذي يدعمها في كل خطواتها. 
أما عن وجع رأت الداهوك أن أزمة الطفولة المدمرة تبقى في الواجهة سببا ونتيجة لكوارث مجتمعية وأزمات متعددة.لذا كانت وجع صوتا صارخا يقول لا للظلم والتدمير لا لتربية أطفال مرضى آفات لأنفسهم وللمجتمع.ولتكون النور في ظل العتمة والمحبة وسط الكراهية وبداية العمل لأن الإيمان بدون أعمال ناقص وطلبت من جميع الحاضرين أن يكونوا اليد التي تعمل لتصبح قضية الرواية مثمرة.وطالبت بآلية لتطبيق البنود التي تخص العنف ضد الأطفال والموجودة في قانون حماية المرأة وكل أفراد الأسرة من الظلم.
وكسر الصورة النمطية التي تصور كل أم بالمطلق قديسة وتعمم عليها الصفات المثالية الحسنة وترفض الإصغاء للطفل المستغيث، وأكدت الداهوك أن نسبة الأطفال المعذبين أصبحت كبيرة ،مع تعدد طرق وأدوات الجريمة.