ورقة باراك واليونيفيل: بين الثوابت المحلية والحسابات الدولية

تستقبل بعبدا، اليوم، الموفدين الأميركيين مورغان أورتاغوس وتوم باراك، في محطة دبلوماسية دقيقة تتمحور حول ورقة الأهداف التي أقرها لبنان، ولا سيما بند حصر السلاح بيد الدولة، إضافة إلى ملف التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل).
اللقاءات المنتظرة تأتي في لحظة سياسية وأمنية حساسة، حيث يسعى رئيس الجمهورية، العماد جوزاف عون، إلى تثبيت ثوابت لبنان الداخلية، وفتح مسار تفاوضي مع الخارج يضمن توازنًا في الالتزامات بين الدولة اللبنانية وإسرائيل وسوريا، تحت رعاية أميركية ودولية.

 

حصرية السلاح: قرار ثابت وخطة قيد الإنجاز

الموقف اللبناني بات واضحًا ونهائيًا منذ صدور قرار مجلس الوزراء الأخير الذي كرّس أولوية بسط سلطة الدولة وحصر السلاح بيدها. الرئيس عون، ومعه رئيس الحكومة، شددا على أن هذا القرار غير قابل للتراجع أو المساومة، وهو يترجم التزامًا رسميًا بمسار وطني طويل الأمد.

عمليًا، كُلّف الجيش اللبناني بإعداد خطة متكاملة لتنفيذ هذه الحصرية، على أن تكون جاهزة في نهاية آب أو مطلع أيلول، وتناقَش في مجلس الوزراء في الأسبوع الأول من أيلول. الخطة تشمل ترتيبات ميدانية وأمنية تهدف إلى استيعاب الواقع القائم وضبطه تدريجيًا، مع تأكيد بعبدا أن التنفيذ سيواكبه تواصل سياسي داخلي لتفادي أي اهتزاز في الاستقرار.

في هذا السياق، لقي كلام الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، صدى سلبيًا في الأوساط السياسية وعلى المستوى العام، إذ حمل لهجة تصعيدية أثارت القلق. غير أن بعبدا، التي تتجنب الدخول في سجال مباشر، تكتفي بتكثيف الاتصالات مع عين التينة من خلال موفدين مقربين من رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب، وقنوات تواصل غير معلنة مع مقربين من الحزب، بهدف امتصاص المواقف التصعيدية واحتوائها.

لكن موقف رئيس الجمهورية يبقى ثابتًا: قرار الدولة قد اتُّخذ ولن يتبدل، انطلاقًا مما تقرر في مجلس الوزراء وما أعلنه الرئيس منذ اللحظة الأولى لانتخابه وما أعاد تأكيده في خطاب عيد الجيش. لكن التنفيذ سيجري ضمن حسابات دقيقة لامتصاص ردود الفعل الشعبية والسياسية.

 

التزامات متبادلة من إسرائيل وسوريا

في مباحثات اليوم الاثنين، سيطرح رئيس الجمهورية على الوفد الأميركي مجموعة مطالب مرتبطة بتنفيذ ورقة الأهداف التي أقرها لبنان.
فكما التزمت الدولة اللبنانية بخطوات عملية، فإن على الجانب الإسرائيلي أن يتقدم بخطوات مقابلة، تبدأ بانسحاب تدريجي من التلال الخمس جنوبًا، مرورًا بإطلاق الأسرى، وصولًا إلى وقف الاعتداءات والاغتيالات.

مصادر مطلعة أوضحت أن الدولة اللبنانية اتخذت موقفًا واضحًا تمثل بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء، معطوفًا على خطاب رئيس الجمهورية وكلام رئيس الحكومة في الإطار ذاته المتعلق بحصر السلاح وبسط سلطة الدولة، و"بالتالي ما هو مطلوب من الدولة اللبنانية على مستوى الخطوة الأولى أصبح واضحًا وتكرّس في قرار مجلس الوزراء، وهو غير قابل للعودة عنه. كما أن لبنان عبّر عن استعداده لترجمة القرار الذي اتخذه عمليًا من خلال تكليف الجيش وضع خطة لتنفيذ حصرية السلاح. والجيش يعمل على هذه الخطة التي يُفترض أن تكون جاهزة نهاية آب وتناقَش في مجلس الوزراء في الأسبوع الأول من أيلول."

تشرح المصادر كل هذا لتكشف، في الخلاصة، أن رئيس الجمهورية سيشدد للوفد الأميركي على أن إسرائيل يجب أن تقوم بخطوات عملية تؤدي إلى متابعة المسار المتفق عليه، وألا تبقى متفلتة من أي التزام كما هي الحال منذ اتفاق وقف إطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني 2024. فالخطوات المطلوبة تتدرج بدءًا من مراحل الانسحاب من التلال الخمس في الجنوب، مرورًا بإعادة الأسرى، وصولًا إلى وقف الاعتداءات والاغتيالات.

أما البند المتعلق بسوريا، وإن كان قد حظي بإشارة إيجابية من وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، حيال الجزء المتعلق بسوريا في ورقة الأهداف لناحية ترسيم الحدود وضبطها والتنسيق مع الدولة اللبنانية، غير أن هذه الإشارات تبقى بالنسبة إلى بعبدا كلامية ما لم تترجم بخطوات عملية، سواء عبر زيارة رسمية أو إرسال موفدين لتفعيل قنوات التواصل.
فحتى اليوم، لم يزر أي مسؤول سوري بيروت، رغم الزيارات السابقة التي قام بها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ومن ثم رئيس الحكومة نواف سلام، كما وزير الدفاع إلى دمشق، ورغم اللقاءات الأمنية اللبنانية ـ السورية التي استضافتها السعودية.

في الفقرة الأخيرة من ورقة الأهداف، اشترط لبنان موافقة كل من سوريا وإسرائيل، بالإضافة إليه، على بنودها. ولهذا سيطلب رئيس الجمهورية من الوفد الأميركي ممارسة دور مؤثر مع النظام السوري، إلى جانب السعودية، لتفعيل هذا المسار وتكريس التعاون وترجمته.

 

معركة التمديد لليونيفيل

في موازاة ملف السلاح، يولي لبنان أهمية قصوى للتمديد السنوي لليونيفيل. وقد طلبت الحكومة اللبنانية أن يكون التمديد وفق الصيغة السابقة من دون أي تعديل في المهام أو النصوص.
الاتصالات مع الفرنسيين والأميركيين، ومع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، انطلقت منذ أسابيع، وكان الاجتماع الأخير في باريس بين الأميركيين والفرنسيين مخصصًا حصريًا لهذا الملف، لكون فرنسا هي "حاملة القلم" في مجلس الأمن الدولي.

تشير المعلومات إلى أن واشنطن كانت حتى اجتماع باريس تصر على إدخال تعديلات على نص القرار وعلى مهام اليونيفيل، ولا يعلم لبنان حتى الساعة كيف ستكون ردة الفعل الأميركية على موقفه. لكنه في الوقت ذاته يعوّل على إشارات أولية تدل على إمكانية حصول ليونة في الموقف الأميركي قد تترجم خلال زيارة أورتيغوس وباراك إلى بيروت، خاصة أن بريطانيا، العضو الدائم في مجلس الأمن، كما فرنسا، تؤيد الإبقاء على المهام كما هي.

الموقف الذي سينقله الجانب اللبناني للزائرين الأميركيين يشدد على الحفاظ على مهام اليونيفيل دون تعديل وعلى الميزانية السنوية المخصصة لها، إضافة إلى التأكيد أن الجيش اللبناني سيكون جاهزًا باستمرار لمواكبة اليونيفيل في المهام التي تنفذها في الجنوب.

أكثر من ذلك، سيتم إبلاغ الموفدين الأميركيين، ولا سيما أورتاغوس، أن لبنان يتمسك بثلاث ثوابت أساسية:

-الحاجة الأمنية والاستراتيجية: وجود اليونيفيل ضروري لاستكمال انتشار الجيش اللبناني على كامل الحدود الجنوبية وفق القرار 1701. إذ يستعد الجيش لزيادة عديده بأربعة آلاف وخمسمئة عنصر إضافي قريبًا، بعدما رفعه سابقًا بألف وخمسمئة، على أن يصل العدد الإجمالي إلى عشرة آلاف عنصر بحلول نهاية العام. وهذا يستدعي استمرار التعاون مع اليونيفيل. وقد أنهى الجيش الدورة الأولى من التطويع والتدريب، ويستعد الآن لإنجاز الدورة الثانية.

-الدور الاجتماعي والإنساني: اليونيفيل ليست قوة عسكرية فحسب، بل هي شريك أساسي في دعم الأهالي عبر خدمات صحية وتربوية وإنسانية، وتوفير فرص عمل لمئات العائلات اللبنانية. هذا الدور بات حاجة ملحّة بعد تدمير معظم المراكز الخدماتية في الجنوب نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية.

-الاستقرار الميداني: وجود القوات الدولية مع الجيش في الميدان يخفف من احتمالات الاحتكاك بين الأهالي والقوات الأجنبية، ويحفظ الاستقرار النسبي في الجنوب.

على مستوى مصادر التمويل، فقد كشفت المصادر أنه في حال أصرت واشنطن على تقليص حصتها من تمويل المنظمات التابعة للأمم المتحدة، ومن ضمنها اليونيفيل في لبنان، فإن دولًا عربية وأوروبية مرشحة لتغطية هذا النقص. وقد أبلغ الأوروبيون جميع الأطراف تمسكهم ببقاء اليونيفيل ودورها الحالي من دون أي تعديل، وبالتالي عدم تقليص ميزانيتها.

 

الرهان على أميركا

يدخل الرئيس عون لقاءه مع أورتاغوس وباراك وفي جعبته موقف واضح وحاسم: الدولة أنجزت التزاماتها الداخلية، والمطلوب من الأطراف الأخرى، أي إسرائيل وسوريا وخلفهما الوسيط الأميركي، القيام بخطوات مقابلة.
ورقة الأهداف يجب أن تبقى متوازنة، والتمديد لليونيفيل يجب أن يمر بلا تعديل.

لبنان ينتظر أجوبة أميركية حاسمة، خصوصًا من إسرائيل، حول التزاماتها المنصوص عليها في اتفاق وقف الأعمال العدائية وفي ورقة توم باراك، من الانسحاب إلى ملف الأسرى، فوقف الخروقات والاعتداءات.أما بالنسبة إلى سوريا، فالمطلوب ترجمة الإيجابيات المعلنة بخطوات ملموسة. وإذا لم تخرج اللقاءات بأجوبة واضحة، فإن بعبدا ستعيد التأكيد على ثوابتها، معوّلةً على الدور الأميركي الذي يبقى وحده قادرًا على الضغط على إسرائيل، وعلى التأثير في الموقف السوري بالتنسيق مع السعودية.

بهذا المعنى، تبدو الساعات المقبلة حاسمة في تحديد مسار مزدوج: تنفيذ قرار حصرية السلاح من الداخل، وضمان بقاء المظلة الدولية من خلال اليونيفيل بلا تعديل، في وقت يحاول لبنان إعادة رسم موقعه بين ضغوط الخارج وحسابات الداخل.

 تستقبل بعبدا، اليوم، الموفدين الأميركيين مورغان أورتاغوس وتوم باراك، في محطة دبلوماسية دقيقة تتمحور حول ورقة الأهداف التي أقرها لبنان، ولا سيما بند حصر السلاح بيد الدولة، إضافة إلى ملف التمديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل).
اللقاءات المنتظرة تأتي في لحظة سياسية وأمنية حساسة، حيث يسعى رئيس الجمهورية، العماد جوزاف عون، إلى تثبيت ثوابت لبنان الداخلية، وفتح مسار تفاوضي مع الخارج يضمن توازنًا في الالتزامات بين الدولة اللبنانية وإسرائيل وسوريا، تحت رعاية أميركية ودولية.

 

حصرية السلاح: قرار ثابت وخطة قيد الإنجاز

الموقف اللبناني بات واضحًا ونهائيًا منذ صدور قرار مجلس الوزراء الأخير الذي كرّس أولوية بسط سلطة الدولة وحصر السلاح بيدها. الرئيس عون، ومعه رئيس الحكومة، شددا على أن هذا القرار غير قابل للتراجع أو المساومة، وهو يترجم التزامًا رسميًا بمسار وطني طويل الأمد.

عمليًا، كُلّف الجيش اللبناني بإعداد خطة متكاملة لتنفيذ هذه الحصرية، على أن تكون جاهزة في نهاية آب أو مطلع أيلول، وتناقَش في مجلس الوزراء في الأسبوع الأول من أيلول. الخطة تشمل ترتيبات ميدانية وأمنية تهدف إلى استيعاب الواقع القائم وضبطه تدريجيًا، مع تأكيد بعبدا أن التنفيذ سيواكبه تواصل سياسي داخلي لتفادي أي اهتزاز في الاستقرار.

في هذا السياق، لقي كلام الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، صدى سلبيًا في الأوساط السياسية وعلى المستوى العام، إذ حمل لهجة تصعيدية أثارت القلق. غير أن بعبدا، التي تتجنب الدخول في سجال مباشر، تكتفي بتكثيف الاتصالات مع عين التينة من خلال موفدين مقربين من رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب، وقنوات تواصل غير معلنة مع مقربين من الحزب، بهدف امتصاص المواقف التصعيدية واحتوائها.

لكن موقف رئيس الجمهورية يبقى ثابتًا: قرار الدولة قد اتُّخذ ولن يتبدل، انطلاقًا مما تقرر في مجلس الوزراء وما أعلنه الرئيس منذ اللحظة الأولى لانتخابه وما أعاد تأكيده في خطاب عيد الجيش. لكن التنفيذ سيجري ضمن حسابات دقيقة لامتصاص ردود الفعل الشعبية والسياسية.

 

التزامات متبادلة من إسرائيل وسوريا

في مباحثات اليوم الاثنين، سيطرح رئيس الجمهورية على الوفد الأميركي مجموعة مطالب مرتبطة بتنفيذ ورقة الأهداف التي أقرها لبنان.
فكما التزمت الدولة اللبنانية بخطوات عملية، فإن على الجانب الإسرائيلي أن يتقدم بخطوات مقابلة، تبدأ بانسحاب تدريجي من التلال الخمس جنوبًا، مرورًا بإطلاق الأسرى، وصولًا إلى وقف الاعتداءات والاغتيالات.

مصادر مطلعة أوضحت أن الدولة اللبنانية اتخذت موقفًا واضحًا تمثل بالقرار الصادر عن مجلس الوزراء، معطوفًا على خطاب رئيس الجمهورية وكلام رئيس الحكومة في الإطار ذاته المتعلق بحصر السلاح وبسط سلطة الدولة، و"بالتالي ما هو مطلوب من الدولة اللبنانية على مستوى الخطوة الأولى أصبح واضحًا وتكرّس في قرار مجلس الوزراء، وهو غير قابل للعودة عنه. كما أن لبنان عبّر عن استعداده لترجمة القرار الذي اتخذه عمليًا من خلال تكليف الجيش وضع خطة لتنفيذ حصرية السلاح. والجيش يعمل على هذه الخطة التي يُفترض أن تكون جاهزة نهاية آب وتناقَش في مجلس الوزراء في الأسبوع الأول من أيلول."

تشرح المصادر كل هذا لتكشف، في الخلاصة، أن رئيس الجمهورية سيشدد للوفد الأميركي على أن إسرائيل يجب أن تقوم بخطوات عملية تؤدي إلى متابعة المسار المتفق عليه، وألا تبقى متفلتة من أي التزام كما هي الحال منذ اتفاق وقف إطلاق النار في السابع والعشرين من تشرين الثاني 2024. فالخطوات المطلوبة تتدرج بدءًا من مراحل الانسحاب من التلال الخمس في الجنوب، مرورًا بإعادة الأسرى، وصولًا إلى وقف الاعتداءات والاغتيالات.

أما البند المتعلق بسوريا، وإن كان قد حظي بإشارة إيجابية من وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، حيال الجزء المتعلق بسوريا في ورقة الأهداف لناحية ترسيم الحدود وضبطها والتنسيق مع الدولة اللبنانية، غير أن هذه الإشارات تبقى بالنسبة إلى بعبدا كلامية ما لم تترجم بخطوات عملية، سواء عبر زيارة رسمية أو إرسال موفدين لتفعيل قنوات التواصل.
فحتى اليوم، لم يزر أي مسؤول سوري بيروت، رغم الزيارات السابقة التي قام بها رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ومن ثم رئيس الحكومة نواف سلام، كما وزير الدفاع إلى دمشق، ورغم اللقاءات الأمنية اللبنانية ـ السورية التي استضافتها السعودية.

في الفقرة الأخيرة من ورقة الأهداف، اشترط لبنان موافقة كل من سوريا وإسرائيل، بالإضافة إليه، على بنودها. ولهذا سيطلب رئيس الجمهورية من الوفد الأميركي ممارسة دور مؤثر مع النظام السوري، إلى جانب السعودية، لتفعيل هذا المسار وتكريس التعاون وترجمته.

 

معركة التمديد لليونيفيل

في موازاة ملف السلاح، يولي لبنان أهمية قصوى للتمديد السنوي لليونيفيل. وقد طلبت الحكومة اللبنانية أن يكون التمديد وفق الصيغة السابقة من دون أي تعديل في المهام أو النصوص.
الاتصالات مع الفرنسيين والأميركيين، ومع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، انطلقت منذ أسابيع، وكان الاجتماع الأخير في باريس بين الأميركيين والفرنسيين مخصصًا حصريًا لهذا الملف، لكون فرنسا هي "حاملة القلم" في مجلس الأمن الدولي.

تشير المعلومات إلى أن واشنطن كانت حتى اجتماع باريس تصر على إدخال تعديلات على نص القرار وعلى مهام اليونيفيل، ولا يعلم لبنان حتى الساعة كيف ستكون ردة الفعل الأميركية على موقفه. لكنه في الوقت ذاته يعوّل على إشارات أولية تدل على إمكانية حصول ليونة في الموقف الأميركي قد تترجم خلال زيارة أورتيغوس وباراك إلى بيروت، خاصة أن بريطانيا، العضو الدائم في مجلس الأمن، كما فرنسا، تؤيد الإبقاء على المهام كما هي.

الموقف الذي سينقله الجانب اللبناني للزائرين الأميركيين يشدد على الحفاظ على مهام اليونيفيل دون تعديل وعلى الميزانية السنوية المخصصة لها، إضافة إلى التأكيد أن الجيش اللبناني سيكون جاهزًا باستمرار لمواكبة اليونيفيل في المهام التي تنفذها في الجنوب.

أكثر من ذلك، سيتم إبلاغ الموفدين الأميركيين، ولا سيما أورتاغوس، أن لبنان يتمسك بثلاث ثوابت أساسية:

-الحاجة الأمنية والاستراتيجية: وجود اليونيفيل ضروري لاستكمال انتشار الجيش اللبناني على كامل الحدود الجنوبية وفق القرار 1701. إذ يستعد الجيش لزيادة عديده بأربعة آلاف وخمسمئة عنصر إضافي قريبًا، بعدما رفعه سابقًا بألف وخمسمئة، على أن يصل العدد الإجمالي إلى عشرة آلاف عنصر بحلول نهاية العام. وهذا يستدعي استمرار التعاون مع اليونيفيل. وقد أنهى الجيش الدورة الأولى من التطويع والتدريب، ويستعد الآن لإنجاز الدورة الثانية.

-الدور الاجتماعي والإنساني: اليونيفيل ليست قوة عسكرية فحسب، بل هي شريك أساسي في دعم الأهالي عبر خدمات صحية وتربوية وإنسانية، وتوفير فرص عمل لمئات العائلات اللبنانية. هذا الدور بات حاجة ملحّة بعد تدمير معظم المراكز الخدماتية في الجنوب نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية.

-الاستقرار الميداني: وجود القوات الدولية مع الجيش في الميدان يخفف من احتمالات الاحتكاك بين الأهالي والقوات الأجنبية، ويحفظ الاستقرار النسبي في الجنوب.

على مستوى مصادر التمويل، فقد كشفت المصادر أنه في حال أصرت واشنطن على تقليص حصتها من تمويل المنظمات التابعة للأمم المتحدة، ومن ضمنها اليونيفيل في لبنان، فإن دولًا عربية وأوروبية مرشحة لتغطية هذا النقص. وقد أبلغ الأوروبيون جميع الأطراف تمسكهم ببقاء اليونيفيل ودورها الحالي من دون أي تعديل، وبالتالي عدم تقليص ميزانيتها.

 

الرهان على أميركا

يدخل الرئيس عون لقاءه مع أورتاغوس وباراك وفي جعبته موقف واضح وحاسم: الدولة أنجزت التزاماتها الداخلية، والمطلوب من الأطراف الأخرى، أي إسرائيل وسوريا وخلفهما الوسيط الأميركي، القيام بخطوات مقابلة.
ورقة الأهداف يجب أن تبقى متوازنة، والتمديد لليونيفيل يجب أن يمر بلا تعديل.

لبنان ينتظر أجوبة أميركية حاسمة، خصوصًا من إسرائيل، حول التزاماتها المنصوص عليها في اتفاق وقف الأعمال العدائية وفي ورقة توم باراك، من الانسحاب إلى ملف الأسرى، فوقف الخروقات والاعتداءات.أما بالنسبة إلى سوريا، فالمطلوب ترجمة الإيجابيات المعلنة بخطوات ملموسة. وإذا لم تخرج اللقاءات بأجوبة واضحة، فإن بعبدا ستعيد التأكيد على ثوابتها، معوّلةً على الدور الأميركي الذي يبقى وحده قادرًا على الضغط على إسرائيل، وعلى التأثير في الموقف السوري بالتنسيق مع السعودية.

بهذا المعنى، تبدو الساعات المقبلة حاسمة في تحديد مسار مزدوج: تنفيذ قرار حصرية السلاح من الداخل، وضمان بقاء المظلة الدولية من خلال اليونيفيل بلا تعديل، في وقت يحاول لبنان إعادة رسم موقعه بين ضغوط الخارج وحسابات الداخل.