المصدر: النهار
الكاتب: سلوى بعلبكي
الاثنين 28 تموز 2025 08:52:31
لا تزال محاولات لبنان تمرير موسم الصيف السياحي، واستثماره كما ينبغي، أسيرة المستجدات السياسية والعسكرية، والتهديد المستمر بعودة الحديد والنار في أي وقت.
بيد أن إصرار المعنيين في وزارة السياحة والقطاع عموماً، ومثابرتهم على الإيمان بضرورة إعداد مختلف عناصر إنجاح الموسم السياحي، إعداداً يليق بالسائح والمغترب على حد سواء، عزّزا آمال المراهنين على الحركة السياحية، لرفد الخزينة والاقتصاد بنمو معتبر، افتقداه لسنوات.
وفي السياق، يلمس العابرون في مطار بيروت التغييرات والتحسينات التي على مختلف الخدمات، والأعمال والتجديدات التي لا يزال يتم العمل عليها، لتحسين جودة الخدمة، وتأمين الاطمئنان الأمني للقادمين الذين اختاروا لبنان وجتهم السياحية هذا الصيف، على رغم التحذيرات والمخاوف التي تشاع.
ما حصل كان ثمرة قرار وتعاون جدي بين وزارات الداخلية والدفاع والأشغال والسياحة، والأجهزة المعنية، أنتج ما يلزم لإبقاء "بترول لبنان" على قيد الحياة قدر الإمكان، ولتمرير الأزمة بأقل خسائر ممكنة، واستمرار وجود لبنان على خريطة السياحة العربية والدولية.
المعلومات التي تحدثت إن شهر تموز لم يخسر الكثير من الحجوزات، تسري أيضاً "حتى الآن" على شهر آب ، فيما تبقى الأمور مرهونة بنتائج "الكباش" السياسي والعسكري الإقليمي، الذي يكبّل بعض الخطوات والاندفاعات السياحية ويفرمل قليلاً عودة أرقام المغتربين والسياح إلى سابق عهدها.
وقد لفت في إطار الاستعدادات لإنجاح الموسم السياحي، أمران: الأول، دينامية عمل فرق وزارة السياحة، وسعيها إلى إنجاز المطلوب منها بالسرعة والدقة اللازمتين.
والثاني، إصرار وزارة السياحة على توسعة مروحة النشاط السياحي، ودعم وصوله إلى مناطق الأطراف البعيدة، وتخفيف مركزية بيروت وجبل لبنان، لإتاحة الفرصة أمام القرى والبلدات اللبنانية، والمناطق البعيدة نسبياً عن العاصمة، والإفادة من الموسم السياحي، والمشاركة في نموه وعائداته.
إجراءات سياحية
تؤكد وزيرة السياحة لورا الخازن لحود لـ"النهار" أنه "على الرغم من التطورات والمخاطر الأمنية، ثمة خطوات أساسية يجب اتخاذها لتحسين تجربة الزوار، سواء كانوا بأعداد قليلة أو كبيرة. لذا نعمل على تحسين التجربة السياحية من لحظة وصول الزائر إلى المطار حتى مغادرته. وقد بدأنا العمل على تحسين المطار باعتباره نقطة الوصول الأولى، عبر تعزيز الإجراءات الأمنية داخله وخارجه وزيادة عدد العناصر الأمنية، والتعجيل في آليات الوصول، وتسليم الأمتعة، وتدعيم فرق الأمن العام، مع الأخذ في الاعتبار معالجة النقص العددي. كذلك يجري التنسيق مع وزارات أخرى من بينها الأشغال، لتحسين البنية التحتية للمطار والطرق. والتعاون قائم أيضاً مع الأمن العام، ومعاهد متخصصة في مجال الضيافة لرفع كفاية عناصر الاستقبال".
هذه الإجراءات مهمة، لكنها غير كافية في رأي لحود، إذ إن "ضمان أمن السائح لا يقتصر على سلامة المطار، بل يشمل الأمن العام في البلاد، ومكافحة السرقات، وتسهيل آلية الحصول على التأشيرات، ولا سيما للزوار من دول الخليج الذين يأتون أحياناً ضمن فرق عمل، ولهم ممتلكات في لبنان".
والتطمين الحقيقي للسياح يتمثل وفق ما تقول "في إبقاء لبنان بمنأى عن الصراعات الإقليمية، وهو أمر يتجاوز صلاحيات وزارة السياحة ويتطلب تضافر جهود الدولة بأكملها"، علماً أن التصعيد الأخير في المنطقة، ولا سيما الحرب بين إسرائيل وإيران، كان مفاجئاً وتجاوز توقعات المحللين، بما أثر سلباً على أسعار النفط والتأمين وشركات الطيران، وانعكس بدوره على القطاع السياحي".
ماذا عن أعداد الوافدين؟ البيانات التي تعتمدها وزارة السياحة تستند إلى أرقام الأمن العام، بينما تبقى بيانات الحجوزات الفعلية لدى القطاع الخاص. ولهذا الغرض، تم توقيع مذكرة تفاهم مع القطاع الخاص لتحسين جودة البيانات ودقتها، "كما أننا في صدد إطلاق ورشة عمل لإعادة النظر في آلية تعداد السياح والوافدين، وفقاً للمعايير الدولية. وبحسب خبراء القطاع، شهدنا في المرحلة الماضية بعض الإلغاءات الفورية بسبب التوترات الإقليمية التي أثرت على حركة الطيران والملاحة الجوية. ولكن وفق آخر البيانات الصادرة عن النقابات السياحية، لم تسجل أي إلغاءات اعتبارا من الأول من تموز".
أسعار الخدمات؟
ليس خافياً أن ثمة شكاوى من ارتفاع أسعار الخدمات السياحية، ويصل الأمر في بعض المؤسسات إلى تسعير الفاتورة وفقا لجنسية الزائر. ولكن لحود التي تعتبر أن لبنان يعتمد نظام السوق الحرة، على تواصل مع النقابات السياحية لضمان الشفافية، ومنع التمييز في التسعير بين السياح، وذلك التزاما للقانون الذي ينص على ضرورة إعلان الأسعار بوضوح.
توازياً أعادت الوزارة تفعيل الخط الساخن (1753) لتمكين أي سائح أو مواطن من تقديم شكوى في حق أي مؤسسة سياحية تخالف القانون أو تسيء إلى صورة لبنان السياحية، ويتم تحويل هذه الشكاوى للشرطة السياحية لمتابعتها.
لبنان وجهة سياحية متكاملة
انطلاقاً من إيمانها بأن لبنان وجهة سياحية متكاملة، تركز لحود على التعاون مع المبادرات السياحية المحلية في كل المناطق، "إذ لا نرغب في حصر السياحة في مناطق معينة فقط، وخصوصاً المدن الكبرى. فانتشار السياحة في مختلف المناطق على مدار السنة ينعكس إيجابا على الدورة الاقتصادية المحلية".
الى ذلك، ولاكتمال المشهد السياحي، يعكف المعنيون في الوسط التجاري على إعادة تفعيله من خلال تشجيع المحال والمطاعم على إعادة افتتاحها، وتساعدهم وزارة السياحة، التي تعمل وفق ما تؤكد لحود على إزالة العراقيل الإدارية، ولا سيما تلك المرتبطة بتحويل وجهة استخدام العقارات من تجارية إلى سياحية، معتبرة أن "قرار افتتاح المطاعم في الوسط التجاري أو تأجيله يعود إلى المستثمرين أنفسهم، وهو خارج صلاحية الوزارة. أما في شأن التراخيص الجديدة، فتسعى الوزارة إلى تبسيط المسار الإداري إلى أقصى حد ممكن".