المصدر: الشرق الأوسط
الكاتب: فيفيان حداد
الجمعة 19 أيلول 2025 06:13:30
بقيت الإعلامية يمنى شري حتى اللحظات الأخيرة تطلّ عبر الشاشة الصغيرة المحلّية، رافضةً قطع وصال مهنتها مع وطنها الأم. فهي هاجرت إلى كندا للطبابة إثر تعرّضها لحادث سقوط عن السلّم، مما أصابها بارتجاج في الدماغ. فالتحقت بعائلتها هناك لتخوض رحلة علاج لم تلبث أن أعلنت بعدها الشفاء. لم تكن الهجرة يوماً من ضمن مخطّطاتها المستقبلية، وكي تبقى على اتصال ببلدها وأهله، آثرت إطلالة تلفزيونية أسبوعية ضمن برنامج «صباح الخير» عبر قناة «الجديد». واختارت صديقها وزميلها جوزيف حويك لتسجّل معه هذه العودة الأسبوعية. وفي فقرة « آ لا يمنى» مدَّت جسر التواصل بينها وبين وطنها الأم، وكانت من خلالها تضع اللبنانيين المقيمين في أجواء لبنان المغترب، وتنقل معاناة المغتربين وكذلك إنجازاتهم، وتتابع الأخبار الفنّية والثقافية اللبنانية في عالم الاغتراب. فهي لم تشأ أن تنفصل عن لبنان بروحها، وتقبّلت هجرتها منه على مضض.
رحيل يمنى شري ترك أثراً كبيراً على اللبنانيين الذين راحوا ينعونها كلٌّ وفق الصورة التي حفظها عنها. فهي أول إعلامية استحدثت برامج «one o one»، فكانت تستقبل ضيفاً واحداً وتحاوره على طريقة المقدّم التلفزيوني الأميركي جاي لينو. ومن أشهر برامجها «قمر عالباب».
وسجّلت بداياتها المهنية في قناة «المستقبل» عبر برنامج «عالم الصباح»، وكانت معروفة بطاقتها الإيجابية وحبّها لنشر الفرح والضحكة حولها. وكان المُشاهد ينتظر إطلالاتها لما تمتعت به من خفّة ظلّ وحنكة في محاورة ضيوفها.
بعدها، دخلت يمنى عالم التمثيل من دون أن تكون منتبّهة لموهبتها التمثيلية، كما قالت في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط». فعندما راجت نزعة تحوُّل المغنّي إلى ممثل، والإعلامي إلى مغنٍّ، وغير ذلك من تبادُل الأدوار، عُرض عليها دور تمثيلي. طلبت الخضوع لـ«كاستينغ»، فجاء جواب المخرج يومها بأنها نجحت في الامتحان.
وتابعت: «منذ تلك اللحظة بدأتُ العمل على موهبتي وتطويرها. فاجتهدت وتمرّنت، وتابعت دروساً خاصة في التمثيل. فكانت انطلاقتي في مشواري هذا. وكنتُ أقول في نفسي إذا لم أنجح في التمثيل فعُذري معي، لأنني إعلامية أستطيع أن أختبئ من فشلي. لكن مع الوقت تبدلت الصورة في ذهني تماماً، خصوصاً عندما كبرت مساحات أدواري. فبتُّ أحمل مسؤولية إطلالتي بكوني ممثلة بشكل جدّي».
ومن بين الأعمال الدرامية التي شاركت فيها: «الباشا» و«هند خانم»، وقد لاقت حضوراً طيّباً لدى المشاهدين، إذ تمتّعت بأداء عفوي وطبيعي.
رحلت يمنى شري عن 55 عاماً في بلاد الغربة حيث ستُوارَى الثرى. ومن المتوقَّع أن يقيم لها أهلها وزملاؤها في لبنان وداعاً أخيراً بعد أيام.
ويختم جوزيف حويك واصفاً الراحلة بأنها «إعلامية لن تتكرَّر». ويضيف: «الحزن الكبير عليها لن أستطيع اختصاره بكلمات قليلة. يكفي أنني سأفتقدها ولن أتواصل معها مجدداً إلى الأبد. فلبنان خسر إعلامية عريقة ونجمة لن نشهد مثيلاً لها أو مَن يشبهها. وهو أمر سجّلته خلال مسيرتها الإعلامية وسيبقى محفوراً في ذاكرتنا».
وكان وزير الإعلام بول مرقص قد نعى شري بكلمات قليلة دوّنها عبر حسابه في منصة «إكس»، فقال: «تبلّغت بأسى كبير وفاة الإعلامية يمنى شري بعدما تركت بصمة محبّة لا تُنسى في المشهد الإعلامي اللبناني. رحمها الله ومدَّ عائلتها بالصبر والعزاء».