المصدر: نداء الوطن
الكاتب: سامر زريق
الخميس 7 آب 2025 07:11:17
يُحسب للرئيسين جوزاف عون ونواف سلام شجاعتهما في عدم الرضوخ لضغوط "حزب الله" الترهيبية، والموازنة الدقيقة بين الضغوط الخارجية الهائلة والتهديدات الداخلية، لاتخاذ قرار بـ "حصرية السلاح" في يد الدولة كتب بدماء الشهداء، في خطوة تعد نقطة تحول في مسار يكرس انتصار ثقافة الدولة وقيم الديمقراطية على عقلية "7 أيار" الغوغائية.
منذ البداية، اختار الرئيس جوزاف عون مقاربة غير صدامية ترتكز على تسجيل النقاط. وبعد 7 أشهر من سياسة الاحتواء لم يقدِم خلالها "الحزب" على أي خطوة جدية تمهد للاندماج ضمن مسار الدولة، وفي ظل استعلاء إيران عن أي مبادرة حوارية حول مصير ابنها البار، سجّل رئيس الجمهورية نقطة جديدة من خلال التوافق مع رئيس الحكومة على صياغة مخفّفة لقرار "حصرية السلاح"، تضع "الحزب" أمام الأمر الواقع، وتجبره على خوض نقاش تفصيلي على المستويين السياسي والعسكري في كيفية تسليم سلاحه، تترك هوامش للتفاهم معه حول الإجراءات التنفيذية.
وفيما كان "الأخير" يطلق هجمة مرتدة عنيفة ضد السلطة ويتهمها بتنفيذ انقلاب سياسي، أتت العملية العسكرية ضد بارونات المخدرات في "بعلبك" لتشكل رسالة، عشية استكمال النقاش في الورقة الأميركية، تظهر مدى جدية الجيش في تنفيذ القرار السياسي.
قبلها، وبينما كان الشيخ نعيم قاسم يهرف في مواقف نارية، سجل رئيس الجمهورية نقطة جديدة، باقتراحه من خارج جدول الأعمال تسمية الطريق التي تربط مطار "رفيق الحريري" ببيروت بـ "جادة زياد الرحباني"، وإسقاط اسم حافظ الأسد من الطريق والذاكرة الجمعية، في خطوة تحمل أبعادًا تأسيسية لهوية وطنية جديدة تطوي إرث القتل والاستبداد.
أهمية الخطوة أنها رامت تعرية نفاق "الحزب" بوضعه بين نارين: التنازل عن ادعاء الاستئثار بإرث المبدع زياد الرحباني، أو التنازل عن الارتباط المعنوي بحافظ الأسد، حيث ترجمت المواقف الصادرة عن صبيانه تخليه عن الوله المفتعل من أجل التمسك بالأسد، في دلالة هوياتية ترتبط بمحور لا يعترف بحدود الدولة الوطنية، وتتصل بالمناسبة التي جادَ فيها نعيم قاسم بمواقفه، وهي تأبين جنرال في "الحرس الثوري الإيراني".
وهذا ما يعيدنا إلى أصل النقاش، فبينما يوظف "الحزب" كل ما لديه من أدوات التأثير لتضليل الرأي العام، وتغليف تبريرات الحفاظ على سلاحه بالاحتلال الإسرائيلي وعجز الدولة، فإن الأولوية المطروحة اليوم هي إخراج لبنان من كونه ساحة نزال إقليمي بين إسرائيل وإيران، والحؤول دون تعرضه إلى سيناريوات شبيهة بحال غزة.
في ظل الاختلال الفاضح في موازين القوى، فإن الواقعية تفرض على الدول السير بخيارات صعبة للحفاظ على كينونتها، وفي حال إصرار "الحزب" على الاستكبار، بتحريض من "آيات الله"، فإن ذلك ينذر بإعلانه تنظيمًا متمردًا على الشرعية، يفرض على الدولة مواجهته بكل الأدوات السياسية المتاحة، والتي تشتمل على طلب مساعدة خارجية.