زيلينسكي يعين "الجزار" قائدا للجيش الأوكراني

استبدل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قائد القوات البرية أولكسندر سيرسكى، برئيس أركان الجيش فاليرى زالوجنى، في مجازفة قد تكون محفوفة بالمخاطر، وفق ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في تحليل لها.

وأعلن وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف، أمس الخميس، إعفاء قائد الجيش الجنرال زالوجني من منصبه، في وقت عين الرئيس زيلينسكي الجنرال سيرسكي قائدًا جديدًا للجيش الأوكراني.

ولفتت " واشنطن بوست" إلى أن التغيير في قيادة القوات الأوكرانية قد يكون "محفوفًا بالمخاطر" وينطوي على نوع من المجازفة الكبيرة، بعد نحو عامين من بدء الحرب.

وتعليقًا على هذا التغيير، لم يقدم الرئيس الأوكراني تفسيرات واضحة لقراره، واكتفى بالقول "إن هناك حاجة إلى التغيير". وكان زيلينسكي قد اعتبر أن خطط قائد الجيش السابق "طموحة للغاية بالنظر إلى موارد أوكرانيا المحدودة" حسبما نقلت الصحيفة الأمريكية عن مصدرين.

وقال زيلينسكي إن "سيرسكي يتمتع بخبرة دفاعية ناجحة، خاصة في الدفاع عن كييف.. ويتمتع بخبرة هجومية ناجحة خاصة في عملية تحرير خاركيف.. لا يمكن أن يصبح عام 2024 ناجحًا لأوكرانيا إلا من خلال تغييرات فعالة في أساس دفاعنا، وهو القوات المسلحة الأوكرانية".

من هو سيرسكى؟
غير أن تحليل واشنطن بوست، يشير إلى أن تعيين سيرسكي "قد ينتج عنه رد فعل عنيف بين القوات في الميدان والجنود، حيث يعتبر مكروهًا بشكل خاص، إذ يعتبره كثيرون قائدًا على الطراز السوفيتي، الذي أبقى القوات تحت النار لفترة طويلة في مدينة باخموت، والتي سقطت في النهاية تحت السيطرة الروسية".

والقائد الجديد للجيش الأوكراني عمل خلال العامين الماضيين باعتباره الرجل الثاني في قيادة القوات المسلحة. ويحسب لسيرسكي تمكنه من الدفاع عن كييف في الشهر الأول من الحرب، وتنسيقه لهجوم مضاد ناجح في منطقة خاركيف في خريف 2022، وفقًا للصحيفة.

ويصف جنود أوكرانيون سيرسكي (58 عامًا) على أنه "جزار"، وقال مسؤول عسكري رفيع المستوى لواشنطن بوست "ما سمعته عنه أن الكثيرين لا يحترمونه لأنهم يعتقدون أنه لا تهمه حياة الجنود". وأضاف أنه مقارنة مع سابقه "فهو يحصل على دعم أقل بكثير".

ولد سيرسكي عام 1965 في عهد الاتحاد السوفيتي، والتحق بمدرسة القيادة العسكرية العليا في موسكو، وخدم في سلاح المدفعية السوفيتي، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".

وتعادل مدرسة القيادة العسكرية العليا في موسكو كلية ساندهيرست العسكرية، بحسب تقرير لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.

ويقول مراقبون للوكالة إن أسلوب سيرسكي يمزج بين "الطبيعة الهرمية المتأصلة في الاستراتيجية العسكرية السوفيتية، ومبادئ الناتو الخاصة بالمرونة التشغيلية".

ووصف أنه "مخطط مهووس بانضباط صارم" كان قائدا للعمليات في شرق أوكرانيا ولعب دورًا هامًا في حرب 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم، وعرف آنذاك بـ"نمر الثلج".

وتشير "فاينانشال تايمز" إلى أن سيرسكي انتقل إلى أوكرانيا في الثمانينيات، وبعد استقلال البلاد تدرج في صفوف الجيش الأوكراني، وبسبب مجهوده في معارك أوكرانيا ضد روسيا، حصل على وسام بوهدان خميلنيتسكي الأوكراني، الذي يمنح للأفراد العسكريين لقيامهم بواجب استثنائي في الدفاع عن سيادة الدولة، وفي 2019 تسلم قيادة القوات البرية.

ويقول مسؤولون غربيون وجنود أوكرانيون إن "تعيين سيرسكي كقائد أعلى لا يبشر بالخير بالنسبة للحرب"، فيما استخدم الجنود نفس الوصف الذي تحدث به زملاؤهم لواشنطن بوست بأنه "جزار".

شعبية زالوجنى
في المقابل، كان زالوجني الذي يصفه الإعلام الأوكراني بأنه "الجنرال الحديدي" كان رمزًا للمقاومة ضد روسيا، كما تمتع بشعبية عارمة في أوساط الشعب الأوكراني وحاز احترام جنوده، بحسب فرانس برس ورويترز.

وقدرت استطلاعات الرأي ثقة الجمهور في زالوجني بأكثر من 90 في المئة، أي أعلى بكثير من زيلينسكي الذي قدرت شعبيته بنحو 77 في المئة أواخر العام الماضي.

ورغم أنه تجنب أن يكون تحت الأضواء السياسية، يُنسب إليه الفضل في قيادة بعض الحملات العسكرية الأكثر نجاحًا في أوكرانيا، بما في ذلك تحرير مدينة خيرسون في نوفمبر 2022.

لكن التصريحات التي أدلى بها لوسائل إعلام وخصوصا الغربية كانت مصدر قلق مستمر لزيلينسكي، الذي يكافح من أجل المحافظة على الوحدة في موضوع التعبئة العسكرية.

وفي نوفمبر 2023، قال زالوجني لمجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية، إن النزاع مع روسيا وصل إلى "طريق مسدود" وأنه "على الأرجح لن يكون هناك اختراق عميق"، وهو اعتراف نفاه زيلينسكي بشكل قاطع.

ثم في مقال رأي لشبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية، بعد ثلاثة أشهر، قال الرجل البالغ 50 عامًا، إن الجيش الأوكراني متعثر بسبب "إطار العمل التنظيمي"، داعيًا إلى التحديث العاجل.

واعتبر زالوجني أن أوكرانيا لن تكون قادرة على تعزيز القوة البشرية لجيشها ما لم يتخذ النواب إجراءات "لا تحظى بشعبية" لتعبئة مزيد من الرجال.

لكن الدعوات لتعبئة نصف مليون شخص إضافي لتبديل الجنود المنهكين على الجبهة الذين خدموا لفترة طويلة، كانت قضية مثيرة للانقسام إلى حد كبير في دولة استنزفها القتال.

وقال مسؤولون أمريكيون وأوكرانيون، إن زيلينسكي نظر إلى قائد الجيش السابق زالوجني كـ"منافس سياسي محتمل وتهديد بسبب شعبيته العالية"، ناهيك عن توتر العلاقة بينهما لعدة أشهر، بسبب فشل الهجوم المضاد، وخلافات حول عدد الجنود الذين يجب تعبئتهم للجيش الأوكراني.

ويؤكد أحد الجنود لواشنطن بوست، أن طرد زالوجني الذي يحظى بشعبية واسعة في أوكرانيا من قبل العسكريين والمدنيين "سيثني الناس عن التطوع للقتال".