المصدر: وكالات
الخميس 23 تشرين الأول 2025 15:50:57
يستعد ملك بريطانيا تشارلز الثالث للوقوف إلى جانب البابا ليون الرابع عشر في صلاة مشتركة داخل كنيسة سيستين الشهيرة في الفاتيكان، في خطوة غير مسبوقة منذ الانقسام الكنسي الذي أدى إلى ولادة الكنيسة الأنجليكانية في القرن السادس عشر.
وقالت صحيفة "ميدي ليبر" الفرنسية إن العاهل البريطاني وصل إلى روما مساء الأربعاء في زيارة دولة إلى الفاتيكان، برفقة زوجته الملكة كاميلا، وسط أجواء مشحونة داخل العائلة المالكة البريطانية، بسبب فضيحة جديدة تطال شقيقه الأمير أندرو، على خلفية قضية رجل الأعمال المتهم بالاتجار بالبشر جيفري إبستين.
تقارب روحي بعد قرون من الانقسام
ومن المقرر أن يشارك الملك، الذي يشغل أيضًا منصب الحاكم الأعلى للكنيسة الأنجليكانية، يوم الخميس، في قداس مسكوني فريد من نوعه مع البابا ليون الرابع عشر داخل كنيسة سيستين، تحت قبة تزدان بروائع رسومات ميكيل انجيلو.
وقالت الصحيفة الفرنسية إن القداس سيتمحور حول قضية حماية البيئة، وهي من أبرز القضايا التي يدافع عنها الملك تشارلز منذ عقود.
وينظر إلى هذه الخطوة باعتبارها لحظة رمزية مفصلية في مسار العلاقة بين الكنيستين الكاثوليكية والأنجليكانية، التي شابها توتر طويل منذ انفصال إنجلترا عن روما عام 1534 بسبب رفض البابا آنذاك إلغاء زواج الملك هنري الثامن بكاثرين أراغون.
مراسم استثنائية في قلب روما
وخلال الزيارة، سيمنح الملك تشارلز لقب "الأخ الملكي" في بازيليك القديس بولس خارج الأسوار، فقد خُصص له مقعد دائم سيُستخدم لاحقًا من قبل ملوك بريطانيا القادمين، في تقليد جديد يكرّس التقارب بين المؤسستين الدينية والسياسية في البلدين.
كما سيشارك الملك وزوجته في قداس ثانٍ داخل البازيليك ذاتها، في إشارة إلى تطبيع كامل للعلاقات الروحية بين لندن والكرسي الرسولي، وهي العلاقات التي انقطعت لأكثر من 400 عام قبل أن تُستأنف رسميًا عام 1982 فقط.
حدث غير مسبوق
ووصف أستاذ التاريخ الكنسي في جامعة أكسفورد بروكس، ويليام غيبسون، اللقاء بأنه "حدث تاريخي بكل المقاييس"، مشيرًا إلى أن القوانين البريطانية ما زالت تلزم الملك بالبقاء بروتستانتيًا، رغم التعديلات الطفيفة التي سمحت لأفراد العائلة المالكة بالزواج من كاثوليك دون فقدان حقهم في وراثة العرش.
ظل أندرو يخيم على المشهد
وتأتي هذه الزيارة في وقت حساس بالنسبة للملكية البريطانية، بعدما أصدرت فرجينيا جوفري مذكراتها التي أعادت تسليط الضوء على تورط الأمير أندرو، شقيق الملك، في فضيحة إبستين، مدعية أنه أقام علاقات معها حين كانت في السابعة عشرة من عمرها.
وتحت ضغط الملك تشارلز، تخلى أندرو عن لقب دوق يورك الأسبوع الماضي، في خطوة تهدف إلى احتواء تداعيات الفضيحة على سمعة العائلة المالكة.
ملك يصلي رغم المرض
ورغم معاناته من مرض السرطان الذي أُعلن عنه مطلع عام 2024، فإن الملك تشارلز البالغ من العمر 76 عامًا يواصل أداء مهامه الرسمية بنشاط لافت.
وتُعد زيارته الحالية إلى الفاتيكان الأولى منذ وفاة البابا فرنسيس، الذي كان قد استقبله مع الملكة كاميلا في لقاء خاص قبل وفاته بأيام قليلة في أبريل/نيسان الماضي.
وبهذا اللقاء الاستثنائي، يبدو أن الفاتيكان ولندن يفتحان صفحة جديدة من الحوار والوحدة الروحية، بعد نصف ألفية من الانقسام، في مشهد يجسد انتصار الدبلوماسية الإيمانية على جراح التاريخ.