المصدر: Ermnews
الثلاثاء 23 أيلول 2025 22:28:04
في وقت يجتمع فيه قادة العالم في نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، يستمر الصراعان الدمويان في غزة وأوكرانيا، ليمتدا إلى 2026، مما يجعله عاماً محورياً قد يحدد مسار جيل كامل.
ويرى تقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية أن عام 2026 قد يكون "بوّابة تاريخية" نحو عالم من التوحيد والاستقرار، أو نحو فوضى متزايدة وصراعات عابرة للحدود، ويستند هذا التحليل إلى أن اجتماعات الجمعية العامة السابقة غالباً ما أغفلت الأحداث الكبرى المقبلة.
ويستشهد التقرير بعام 2013، إذ لم يتوقع أحد "هيمنة" تنظيم داعش في العام التالي. أما في 2019، لم يتنبأ أحد بجائحة كورونا التي غيرت حياة البشر. وفي 2023 أيضاً لم يتخيل أحد أن هجوم حماس في 7 أكتوبر سيشعل الشرق الأوسط. ومع وتيرة الأحداث المتسارعة، يبدو أن الأزمات الحالية مجرد "فاتح شهية" لما هو آتٍ في 2026.
غزة وأوكرانيا
في غزة، بدأ العام الجاري بوعود باتفاق وقف إطلاق نار من ثلاث مراحل لإطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب، لكن الاتفاق انهار في مارس/ آذار الماضي، تاركاً وراءه أزمة إنسانية حادة، وعمليات عسكرية إسرائيلية واسعة، واستمرار احتجاز الرهائن.
وفي نيويورك، اعترفت دول مثل فرنسا والمملكة المتحدة بدولة فلسطينية مع حدود غير محددة، ودعت حماس إلى الاستسلام ونزع السلاح، وهو أمر ينهي الحرب نظرياً، لكنه غير قابل للتنفيذ عملياً.
وتعتقد "سي إن إن" في تحليلها أن هذه الخطوات الرمزية قد تفاقم الوضع، محفزة ردوداً إسرائيلية في الضفة الغربية ومواقف متصلبة لحماس.
أما في أوكرانيا، فقد شهد العام تقلبات في سياسة واشنطن، فمن دعوات وقف إطلاق نار أحادي إلى اتفاق شامل، وتوقف الدعم العسكري ثم استئنافه، وعقوبات مهددة لم تنفذ.
وكشفت قمم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أغسطس/ آب الماضي، مع فلاديمير بوتين، في ألاسكا ومع الحلفاء الأوروبيين في واشنطن، عن أهداف "تطرف" الكرملين من الاستيلاء على أراضٍ غير محتلة وضمان عدم قدرة أوكرانيا على الدفاع مستقبلاً.
وترفض أوكرانيا هذه الشروط، تاركة الدبلوماسية معلقة، مع شتاء قارس قادم وهجمات روسية هائلة، وفي نيويورك، لن يغير أي حديث حسابات بوتين، مما يمد الصراع إلى 2026.
التحدي الجيوسياسي الجديد
قبل ثلاثة أسابيع، عقدت قمة في بكين لإحياء ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية، جمعت بوتين والزعيم الصيني شي جين بينغ والكوري الشمالي كيم جونغ أون والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان.
ويرى تقرير "سي إن إن" أن هذا التحالف "غير المعلن رسمياً" يشكل واقعاً عالمياً مضاداً للولايات المتحدة، مع أوكرانيا كخط مواجهة، إذ أرسلت كوريا الشمالية عشرات الآلاف من الجنود للقتال إلى جانب روسيا، فيما قدّمت إيران طائرات مسيرة وتكنولوجيا لإنتاجها في روسيا، مما أدى إلى هجمات جماعية على أوكرانيا. أما الصين، فهي أكبر مشترٍ للطاقة الروسية، ممولة الحرب.
كما أن هذا "التحالف" يربط الأزمة الأوكرانية بمخاطر أوسع، فمع انخفاض تكاليف الحرب على بوتين، ستزداد مخاطر "الغزو الصيني" لتايوان، وطموحات إيران في الشرق الأوسط، وسلوكات كوريا الشمالية غير المتوقعة، وفق تقدير "سي إن إن".
وتقدّر شركة "جلوبال جارديان" احتمالات غزو تايوان بنسبة 35%، مع خسائر اقتصادية عالمية تصل إلى 10 تريليونات دولار، وانقطاع إمدادات أشباه الموصلات، إذ قد يفضل الزعيم الصيني "عمليات رمادية" غير عسكرية مثل الهجمات الإلكترونية والضغط الاقتصادي لتقويض ثقة تايبيه، لكن استعداد بكين العسكري يرتفع شهرياً.
السباق الأمريكي-الصيني
يضاف إلى ذلك السباق في الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والصين، وهو أقرب إلى المنافسة الوجودية منذ الحرب الباردة، ففي عام 2026، أي السنة الثانية من ولاية ترامب الثانية، قد يحدد هذا السباق، مع الصراعات الجيوسياسية، ما إذا كان العالم يتجه نحو الاستقرار أم الفوضى.
وترامب، الذي وصف قمة بكين بأنها "تآمر ضد أمريكا"، يرى في أوكرانيا عبئاً، لكن مستشاريه يقللون من أهميتها، مغفلين تداعياتها العالمية. فيما عواصم "التحالف الصيني" ترى أوكرانيا محورية لمستقبلها، وحلفاء أمريكا في المحيط الهادئ، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، يدعمونها لردع شي.
استراتيجية ثلاثية الأبعاد
لجعل 2026 عاماً للاستقرار، يرى تحليل "سي إن إن" أنه يجب على واشنطن تعزيز الدعم لأوكرانيا، زيادة التكاليف على روسيا، والسعي لتسوية تفاوضية.
وفي الشرق الأوسط، عليها إنهاء حرب غزة وتكامل إقليمي مع قيود على إيران أمر حاسم، فيما تحذر الشبكة الإخبارية من أنه إذا استمرت الصراعات، ستتمزق طبقات النظام العالمي، مع تفوق "التحالف الصيني" في مناطق متعددة.