المصدر: AD Middleast
الأربعاء 22 تشرين الأول 2025 16:13:28
بين 22 و26 تشرين الأول 2025، تستعيد بيروت أنفاسها الفنية من خلال عودة فعالية «نصمّم بيروت» (We Design Beirut)، التي تحوّل العاصمة اللبنانية إلى مساحة مفتوحة للإبداع، تجمع بين التصميم، العمارة، الفن، والحِرف التقليدية، تحت عنوان عميق الدلالة: «الإرث، النهضة، والاستمرارية».
الحدث، الذي يأتي في الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، لا يقتصر على عرض أعمال فنية أو مشاريع تصميمية فحسب، بل يسعى إلى إعادة قراءة علاقة اللبنانيين بمدينتهم وذاكرتهم، من خلال استكشاف القوة الكامنة في الجمال والحِرفة والعمارة كأدوات للشفاء وإعادة البناء.
بيروت كمختبر مفتوح للذاكرة والإبداع
في هذا الحدث الممتد على خمسة أيام، تنبض بيروت بالحياة في مواقع متعددة تُعيد وصلها بتاريخها المهدور ومبانيها المنسية. من مصنع أبرويان في برج حمود إلى برج المرّ وفيلا أودي والحمّامات الرومانية في وسط المدينة، تتحوّل هذه المساحات إلى محطات للحوار بين الماضي والحاضر، بين الخراب والنهضة.
في مصنع أبرويان، تتجاور الحِرَف اليدوية القديمة مع التصميم المعاصر في معرض يكرّم الصنّاع المحليين ويعيد الاعتبار للمادة واللمسة البشرية في زمن الإنتاج السريع.
في برج المرّ، أحد أكثر المباني رمزية في ذاكرة الحرب، يفتح المعرض «التصميم في زمن الصراع» نقاشًا حول دور المعمار والفن في توثيق العنف وتحويله إلى معرفة حسية.
أما فيلا أودي، فتحتضن أكثر من خمسين مصممًا في معرض بعنوان «طواطم الحاضر والغياب»، حيث تتخذ الأعمال شكل رموز توازن بين الفقدان والذاكرة، بين ما بقي وما تلاشى.
وفي الحمّامات الرومانية، يستعيد تركيب فني جماعي بعنوان «عن الماء والحجر» روح المدينة كمكان للتنقية والشفاء، بمشاركة 21 مصممًا استخدموا الماء كعنصر رمزي للاستمرار.
جولات في عمارة الذاكرة
ضمن فعاليات المهرجان، تُنظَّم جولات معمارية مجانية في أرجاء بيروت يومي 25 و26 أكتوبر، تتيح للزوار اكتشاف نحو خمسين مبنى من رموز الحداثة اللبنانية، مثل فندق هوليداي إن ومبنى «ذي إيغ» السينمائي ومجموعة من الأبنية التراثية في الحمرا والأشرفية.
تهدف هذه الجولات إلى استعادة العمارة كمصدر سردي يحكي قصة مدينة قاومت النسيان، ويعيد قراءة علاقتها بجروحها المفتوحة.
التصميم كفعل مقاومة ثقافية
تؤكد مديرة الفعالية هايا مراد، في تصريحاتها لموقع Architectural Digest Middle East، أن «نصمّم بيروت» ليس مجرد احتفال بالإبداع، بل هو مشروع مقاومة ثقافية في وجه الجمود والانهيار، ومحاولة لإثبات أن الجمال لا يزال ممكنًا في بلد يعيش على الحافة.
«من خلال الفن والتصميم، نحاول إعادة ربط الناس بأماكنهم، وبذاكرتهم الجمعية، لأن التصميم في لبنان ليس ترفًا... بل فعل بقاء»، تقول مراد.
بيروت... مدينة تصنع الجمال من بين الركام
تأتي هذه الدورة من «نصمّم بيروت» بعد سلسلة من المبادرات الثقافية التي أعادت الأمل إلى المشهد الفني اللبناني خلال السنوات الأخيرة، رغم الانهيار الاقتصادي والاضطرابات السياسية.
في بلد أرهقته الأزمات، يبدو هذا الحدث بمثابة تذكير جماعي بأن الإبداع يمكن أن يكون لغة مشتركة للنجاة، وأن التصميم ليس مجرد إنتاج للأشكال، بل بحث دائم عن معنى العيش في مدينة لم تتوقف يومًا عن السقوط والقيام.