2024... أزمات متراكمة وأخرى مستجدة

بعد حوالى 5 سنوات من بدء الأزمة المالية والانهيار الاقتصادي لم تتخذ الدولة اي قرار بعد او تخطو خطوة واحدة نحو التعافي الاقتصادي، لتُضاف اليوم الى الأزمات المتراكمة منذ تشرين الاول 2019، سلسلة تحدّيات جديدة، غالبيتها مستجد بعوامل خارجية، لكن سيتأثر لبنان بتداعياتها.

ينطلق العام 2024 مع مجموعة تحدّيات، بعضها «ترِكة» سنوات من الاهمال السياسي للحلول مثل الأزمة المالية والاقتصادية وانهيار العملة... ومنها مستجد ناتج من حرب غزة وما تبعها من تطورات اقليمية في المنطقة، سيتحمّل لبنان تداعياتها، لا سيما منها أزمة الشحن البحري وارتفاع كلفته، خصوصاً انّ لبنان يعتمد على الاستيراد بالدرجة الاولى.

في السياق، يرى الخبير الاقتصادي باسم البواب لـ»الجمهورية»، انّ تحدّيات العام الجديد كثيرة، منها يأتي عن طريق قرارات محلية تتمثل بقرارات حكومية، وأخرى تعود الى مجلس النواب مثل مشروع الموازنة، ومنها أمنية وسياسية، وأخرى منبعها عالمي ولكن لبنان سيتأثر بها مثل ارتفاع اسعار النفط والذهب عالمياً وارتفاع اكلاف الشحن البحري وتعثره وتداعياته على ارتفاع اسعار السلع.

ورأى البواب انّ أزمة الشحن البحري هي الأزمة المستجدة راهناً وستطال تداعياتها لبنان، كونه يعتمد كثيراً على الاستيراد. متوقعاً ان تنقطع بعض السلع من الاسواق لفترة وأن ترتفع اسعار بعضها ما بين 15 و 20%، عازياً ذلك الى ارتفاع كلفة الشحن من 2500 دولار للمستوعب الى 9000 دولار خصوصاً تلك الآتية من الشرق الأقصى. أضف الى ذلك ارتفاع المدة التي يستغرقها وصول المستوعب الى لبنان من فترة تتراوح ما بين 30 و 35 يوماً الى 75 يوماً.

وتوقّع البواب ان يعاني التجار في الفترة المقبلة من شح في السيولة، إذ عادة يدفع التاجر ثمن البضاعة ويبيعها ليحصل على السيولة ويستعملها مجدداً، انما اليوم وبسبب أزمة الشحن، فوصول البضاعة بات يستغرق وقتاً مضاعفاً ما يعني انّه سيعاني من نقص في السيولة ريثما تصل البضاعة ويبيعها، هذا الى جانب النقص في عدد المستوعبات الشاغرة عالمياً، والنقص في طاقم البواخر...

أضاف: «سيعاني من هذه الأزمة المستوردون والمصدّرون بشكل مباشر. الاّ انّ ازدياد مدة الشحن وارتفاع كلفته سينعكسان ارتفاعاً في اسعار السلع على المستهلك، وفي هذا سيكون لبنان امام دورة تضخمية جديدة تتراوح ما بين 15 و 20% ما سينعكس مزيداً من التراجع في قدرته الشرائية التي هي متدنية اصلاً».

موازنة 2024

أما داخلياً وعلى الصعيد الاقتصادي المالي، اعتبر البواب انّ موازنة 2024 تشكّل ابرز تحدّيات العام مع ما تحمله من ضرائب جديدة على المواطنين، ويُضاف اليها ارتفاع الأكلاف أكان من حيث الرسوم الجمركية، ورسوم معاملات الدولة ورسوم البلدية وارتفاع كلفة الايجارات، لا سيما غير السكنية منها، والتي ستزيد الكلفة على التجار والصناعيين...

ورأى البواب انّه في ظل الظروف الراهنة يجب على الدولة الّا تفرض ضرائب جديدة والّا ترفع من الرسوم، انما الأجدى بها توسيع الصحن الضريبي وليس زيادة الضرائب، خصوصاً انّ الاقتصاد غير الشرعي بات يفوق الـ 50% من الاقتصاد الشرعي، لذا عليها التفكير في كيفية الحدّ من توسّع الاقتصاد غير الشرعي وتوقيفه، هذا ما يتطلب قراراً سياسياً يقضي بجباية الرسوم والجمارك والضرائب و TVA من كل المهرّبين وإقفال المعابر غير الشرعية، ومراقبة المعابر الشرعية ايضاً للحدّ من التهريب الحاصل في مرفأي طرابلس وبيروت. ومكافحة ما يُعرف بـDOOR TO DOOR اي رسم مقطوع على كل مستوعب بغض النظر عمّا يحويه. وشدّد البواب على ضرورة تحرّك الدولة في هذا الاطار، والّا فالكارثة آتية لا محال.

من جهة أخرى، شدّد البواب على ضرورة إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول رغم التأخّر، وذلك للتمييز ما بين الدولار النقدي ودولار المصارف، وكي تتمكن المصارف مجدداً من تسليف التجار والصناعيين، اذ من دون التسليف لا يمكن تكبير الاقتصاد وعودة النمو، كما يجب اعادة هيكلة المصارف، واعادة تفعيل الاتفاق مع صندوق النقد، وإعادة جدولة الديون... كل هذه خطوات مطلوبة منذ 4 سنوات، والطريق لتنفيذها معروف، انما للأسف ينقصنا القرار السياسي للسير بها.

حرب غزة

والى جانب هذه التحدّيات يبقى الهاجس الأمني هو التحدّي الأبرز، فلبنان المتأثر بحرب غزة جبهته الجنوبية مشتعلة، وقد شكّل الانفجار الذي حصل منذ يومين في الضاحية الجنوبية تطوراً بارزاً، لا شك ستكون له تداعيات اقتصادية وسياحية...

كذلك سيتأثر لبنان بجملة تغييرات عالمية مثل ارتفاع اسعار النفط، اسعار المعادن مثل الذهب والفضة والنحاس... في ظل تراجع قيمة الدولار عالمياً.