المصدر: وكالة أخبار اليوم
الاثنين 8 شباط 2021 16:44:13
تمضي إيران في ضغوطها المستمرّة على الإدارة الأميركية الجديدة، لإجبارها على العودة الى "الإتّفاق النووي" الموقَّع في عام 2015، سواء من خلال تهديد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأن 21 الجاري هو الموعد النّهائي لوقف الإلتزام بالبروتوكول الإضافي لمعاهدة منع الإنتشار النووي، الذي يسمح بوصول مفتّشي "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" الى منشآت إيران النووية، أو من خلال أنشطة تخصيب اليورانيوم المُلتبِسَة، أو عبر رفض طهران طرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالتوسُّط لإعادة إحياء "الإتفاق النووي".
أكثر دقّة!
وفي موازاة ذلك، يصرّ الرئيس الأميركي جو بايدن على موقفه من رفض رفع العقوبات، ما دامت طهران لا تحترم التزاماتها في الملف النووي، وذلك رغم إشارات إيجابية كثيرة أرسلها الى الإيرانيين، لا سيّما في ما رشح من معلومات قبل أيام عن أنه (بايدن) يبحث في طُرُق لتخفيف الضغط المالي على إيران، ولكن من دون رفع العقوبات الإقتصادية الرئيسية.
وبين بايدن وطهران، نلفت الى أن الإصرار الإيراني على العودة الى "الإتّفاق النووي" قبل أي نقاش آخر، يهدف الى تأخير البحث بالبرنامج الصّاروخي، وبالتدخّلات الإيرانية في دول شرق أوسطية. وهذا سلاح إيراني تقليدي، ولكنّه فتّاك، قد يُسقِط الإدارة الأميركية سقطة لا طلعة منها، في ما لو تجاهلت مفاعيله الأكثر دقّة من الصّواريخ الدّقيقة.
وقت طويل
فالشرط الإيراني بعودة واشنطن الى اتّفاق عام 2015، قبل أي بحث جديد، يعني الإفراج عن مليارات إيرانية، وعن دخول طهران السّوق النفطية الدولية مجدّداً، رسمياً وقانونياً. بالإضافة الى استعادة الشرعية الدولية لملفها النووي، ضمن مدّة زمنية متدرّجة، كفيلة بتأجيل وضع الصّواريخ الباليستية والنّفوذ الإقليمي على الطاولة، الى وقت طويل، وطويل جدّاً ربما، إذ سيجعلهما في خلفيّة أبعَد ممّا يُمكنه أن يحصل في المنطقة، خلال مرحلة استعادة الثّقة بين واشنطن وطهران، من خلال العودة الى اتّفاق عام 2015، حصراً.
الأقوى
الوقت هو السّلاح الإيراني الأقوى، الذي يُلهي القوى "المُعادِيَة"، ويستنزف قدراتها، ويحوّر نظرها عن... وعن...، ويغيّر وجهة اهتماماتها.
وفي تلك الحالة، ستحصل إيران على كل شيء، وستحقّق أهدافها النووية (حتى ولو كانت محصورة بالإطار السلمي فقط)، بموازاة الفَرَج الإقتصادي والمالي، وذلك مقابل امتصاص و"إماتة" البحث بالملف الصّاروخي، وبسلوكياتها الإقليمية، إذ من يدري ماذا يُمكن أن يحصل في المنطقة، في المدّة الزمنية الفاصلة بين جنيها (إيران) ثمار فوائد اتّفاق عام 2015، وموعد بدء البحث بباقي الملفات العالقة مع واشنطن؟
من يعلم؟
ومن يعلم أي حدث قد يبدّل كلّ المعادلات، ويجعل من القدرات الصاروخية الإيرانية، ومن تمدّدها الإقليمي، تهديداً غير وشيك، أو ربما حاجة ولو لمدّة زمنيّة محدّدة، بالنّسبة الى واشنطن والغرب؟
ومن يدري ما الذي يُمكنه أن يستحوذ على الإهتمام الأميركي، شرق أوسطياً، أو ربما عالمياً، في مرحلة استعادة طهران تعافيها المالي والإقتصادي و"النووي"، المتدرّجة؟
الوقت...
الوقت، واستنزافه. سلاح إيراني أكثر فتكاً وتدميراً من الصّواريخ، وربما من امتلاك طهران قدرات نووية عسكرية. فلا رادارات ترصد الوقت المُستَنزَف، ولا منظومات قتالية تتعقّبه أو تدمّره.
الوقت، واستنزافه. قد يُدخِل الملف الصّاروخي، والنّفوذ الإقليمي لإيران، ضمن إطار شرعي، انسجاماً مع نضوج احتمالات المقايضة بين واشنطن وطهران مستقبلاً، على خلفيّة مطالبة إيرانية مُحتَمَلَة بالحصول على تعويض من جراء اغتيال قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري" قاسم سليماني، والعالِم النووي محسن فخري زاده، العام الفائت.
الوقت واستنزافه. هو الذي قد يُطلق الأمر الواقع الصّاروخي، وربما النووي العسكري، الى جانب التوسُّعي، لطهران، الى ما هو أبعَد من الحدود الإيرانية، ضمن إطار دولي جديد، حتى ولو كان ذلك على حساب الكثير من دول وشعوب المنطقة.
الوقت واستنزافه... سلاح بلا منصّة إطلاق!؟...