50 في المئة من الأسر غير قادرة على الحصول على الأدوية

لا يخفى على أحد حجم الأزمة التي تضرب البلاد، وبات الجميع يعلم أنّه، ومن دون السياسات والحلول المستدامة والجذرية، سيسير الوضع الاقتصادي والاجتماعيّ نحو الأسوأ.
 
هذا في العموم، أمّا في معاناة القطاع الصحّيّ فحديث آخر.
 
إنّ استمرار تفاقم الأزمة وضَعَ الأمن الصحّي تحت خطر داهم، فقد زادت أعداد الأسر المحرومة من الحصول على الرعاية الصحية بنسبة كبيرة، وأكثر من 50 في المئة من الأسر غير قادرة على الحصول على الأدوية، و أكثر من 40 في المئة من اللبنانيين لا يستفيد من أيّ شكل من أشكال تغطية الرعاية الصحّيّة الرسمية.
 
وقد كانت نسبة الإنفاق من الجيب في لبنان كارثية ما قبل الأزمة، وأصبحت اليوم أسوأ بكثير، فإنّ عدد الذين يدفعون من مالهم الخاص على التغطية الصحية يزداد، ما يعني أنّ اللبنانيين أصبحوا تحت خطر الإنفاق الصحّي الكارثيّ، حيث تشير التوقّعات الى أنّ آلاف المواطنين لن يتمكّنوا من الوصول إلى خدمات الرعاية الصحّية.
 
وعلى الرغم من وجود صناديق ضامنة ووزارة الصحة العامة، فإنّ خطط تغطية الرعاية الصحية لا توفّر حماية كافية في وجه النفقات الصحية الكارثية، إذ إنّ 55 في المئة من العاملين في لبنان هم موظّفون في القطاع غير الرسميّ، ما يجعلهم غير مؤهلين للتغطية بأيّ خطة حماية صحية اجتماعية، وبما أنّ الأزمة الاقتصادية أثقلت الأموال العامة، أصبح من غير الممكن توفير تغطية شاملة للمستفيدين.
 
هذا من جهة، ومن جهة أخرى أصبحت طرق الدفع للعديد من شركات التأمين الخاصة في الدولار "الفرش"، ما جعل خيار التأمين مستحيلاً لدى البعض، وأجبر البعض الآخر على تخفيض التغطية مثلاً، ومن أجل إيجاد حلّ مشترك يوسّع التعاون بين شركات التأمين، نظّم مركز ترشيد السياسات في الجامعة الأميركية في بيروت K2P Center طاولة حوار بمشاركة عدد من المدراء العامّين لشركات التأمين في لبنان تحت عنوان: البناء على دور التأمين لتحسين الوصول الى الخدمات الصحّية وتحسين التغطية الصحّية.
 
النقاش عرض المشكلة كما هي، حيث شارك ممثّلو شركات التأمين عارضين تأثير تفاقم الأزمة على القطاع الصحّي والصناديق الضامنة، وكذلك التأمين، ولكنّهم لم يتوقّفوا عند هذا الحدّ، فالحوار أسفر عن مقترحات حلول، إقرارها والعمل بها يفتح كوّة في جدار الأزمة، ويعطي جرعة أوكسيجين لقطاع الصحّة.
 
ومن مقترحات الحلول المطروحة، إعادة تصميم رزم التأمين الصحّي الخاصّ لتشمل خدمات منخفضة الأسعار لزيادة التغطية وإمكانية الوصول إلى الرعاية الصحّية.
يمكن لشركات التأمين أيضاً، تصميم حزم تأمين صحّي تكميلية مصمّمة للمستفيدين من الصناديق الضامنة العامة لتعويض فجوات التغطية.
 
أمّا المقترح التالي، فجاء بناءً على ما ذكر في الاستراتيجية الوطنية للصحّة 2030 بإنشاء صندوق انتقاليّ للاستجابة للأزمة الصحّية التي تمرّ بها البلاد لتأمين الخدمات الصحية للأكثر حاجة في المجتمع.
 
هذه الخطوات جميعها قابلة للتطبيق، ويجب التحرّك الآن ووضع خطة طوارئ صحّية، مع التعويل على دور القطاع الخاصّ وشركات التأمين لتأمين تغطية صحية للأكثر حاجةً، بشرط تعزيز التعاون بين مختلف الشركات لتوحيد الرؤى والمقاربات، فيصدر عنها قرارات كائتلاف موحّد، وبذلك ترتفع فرص صنع التغيير، ولكنّ أحادية القرارات لن تؤدّي الى أيّ نتيجة، ولن تؤمّن للمواطن تغطية أكبر وأكثر عدلاً، فإمّا أن نتصرّف اليوم وإمّا أن ندخل في متاهة الفرص الضائعة.