80 ترليون ليرة في السوق..هل تمتصهم الدولرة وماذا عن الرواتب؟

مع الانهيار المستمر لليرة اللبنانية مقابل الدولار الاميركي وفي ظل غياب السياسة المالية المستدامة القادرة على لجم السوق السوداء، شرع السوق اللبناني أبوابه امام الدولار الاميركي الذي بدأ يأخذ مكانه بين السلع والخدمات ليطوي معه صفحة التسعير بالليرة اللبنانية. 

أطلقت القطاعات والنقابات صرختها من المحروقات الى الادوية والسوبرماركت، كلها تُنادي بالتسعير بالدولار، مهددة بقطع خدماتها واقفالها حتى اشعار آخر في حال لم تُبادر الدولة الى اتخاذ القرار.. فهل دخلنا فعلا مرحلة التصفية العامة لليرة اللبنانية، وماذا ايضا عن المواطن اللبناني غير القادر على الدفع بالدولار؟ 

الخبير الاقتصادي والمالي باتريك مارديني يؤكد لـ "المركزية" أن لا سقف لارتفاع الدولار، حتى وان شهد محطات استقرار ظرفية، معللا أسباب هذا الارتفاع باستمرار المصرف المركزي في طباعة الليرة بشكل كثيف، وبالتالي طباعتها وضخها في السوق يقابله طلب مرتفع على الدولار. 

مارديني الذي أكد ان لا شح بالدولار في لبنان، أشار في المقابل الى وجود فائض بالليرة اللبنانية حيث وصل حجم التداول اليوم في السوق الى حوالى 80 ترليون ليرة في حين كان مع بداية الازمة 4 ترليون ليرة، مؤكّدا: "ارتفعت الكمية حوالى العشرين مرة"، وهذه الزيادة مرعبة وتؤدي حكما الى رفع الدولار الاميركي كون الطلب عليه سيكون مرتفعا.  

أمّا ضبط الوضع فيكون حكما عبر ضبط طباعة الليرة، مشيرا الى أن ضخ الدولار من قبل المصرف المركزي عبر صيرفة لا يحل المشكلة بل ينقلها الى مكان آخر وتحديدا الى ودائع المواطن، مستبعدا في المقابل اقدام المركزي على وقف الطباعة بأمر من الدولة، لاسيما وأن الحكومة في عجز مالي نتيجة ارتفاع النفقات مقابل الايرادات وامتناعها عن ايجاد الحل عبر الاصلاحات واعتماد الطباعة. 

وعن ظاهرة تسعير السلع بالدولار، يرى مارديني أنها أكثر شفافية ولكنها ليست حلا، اذ يتمكن المواطن على سبيل المثال من مقارنة اسعار السلع بين سوبر ماركت وأُخرى خلافا لآلية التسعير بالليرة اللبنانية، حيث يعزو التاجر سبب ارتفاع السعر الى ارتفاع الدولار في السوق، وهذا الامر يساعد على مراقبة الاسعار بالدولار بين السوبر ماركات ومعرفة من يتقيد بالسعر ومن يخالف. 

برأي مارديني ان دولرة الاسعار حل لا بد منه لضبط القطاع، ويدخلنا ايضا الى مرحلة ثانية وهي دفع رواتب الموظفين والعاملين بالدولار ايضا"فالسوبر ماركت الذي اعتمد الدولار على السلع وُجب عليه دفع رواتب موظفيه بالدولار ايضا"، مشيرا الى أن خطوة دفع الرواتب بالدولار تعني استقرارا للقدرة الشرائية للموظفين بعكس الليرة اللبنانية حيث تتآكل معها الرواتب والاجور.