أصبحنا في زمن "لبن العصفور" أسهل من "سقف منزل"

في ظل الظروف الإقتصادية والاجتماعية والأمنية والصحية العصيبة التي يعيشها اللبنانيون، يرزح الشباب والشابات المقبلون على الزواج تحت وطأة البحث عن "سقف" يأويهم.

هذه المشكلة أصبحت حديث الساعة والهم الأكبر على قلب "العرسان" اذا صح التعبير كون تكاليف العرس أصبحت نقمة أكثر من نعمة.

ناهيك عن تفاصيل وتكاليف الزفاف و"يوم الحلم" الذي يطمح إليه العرسان، تأتي المشكلة الاكبر والأهم وهي الاستحصال على بيت.

بعد أن توقف مصرف الاسكان منذ سنوات عن إعطاء قروض لشراء المنازل، تراجعت نسبة الأشخاص الذين يقبلون على الزواج أو يفكّرون ببناء عائلة جديدة، فأحد لا يستطيع تحمل عبء الإيجارات و"النقلة" كل فترة، وكثيرون يعتبرون أن العيش في منزل موقت فكرة مزعجة وغير مطمئنة.

الشباب والشابات انتظروا وانتظروا آملين إعادة إحياء قروض مصرف الاسكان، ولكن الانتظار بات دون جدوى وسيطر اليأس أكثر فأكثر على العقول والقلوب واضطرّ البعض الى الهجرة أو فسخ الارتباط و"الدعس على القلب" لأن المصيبة أكبر من التوقعات والأحلام.

فأصبحنا في زمن يصعب فيه على الانسان الحلم والتفكير بمستقبل وبناء عائلة...

مرّت سنوات ودخلنا في دوامة الثورة وارتفاع الدولار والغلاء المعيشي وأصبح الوضع يتراجع شيئاً فشيئا، فعادت وانكسرت الآمال وهذه المرّة كلياً. فالدولة عاجزة والحلول غائبة والشباب يتخبّط...

بتنا لا نعرف على من نلقي اللوم أو الى من نلجأ، في حين أن الأزمة بدأت بالتفاقم... والعمر لا يرحم!

مرّت الأيام والوضع الاقتصادي والمعيشي الى تأزم والدولار الى تحليق، إلاّ الرواتب رفضت التقدّم وبقيت على حالها لتزيد "الطين بلّة".

فكيف للشقق ألا تتأثر بهذا الوضع؟ وأن يصبح ثمن إيجار الشقة في الدولار الأميركي مع العلم أن الرواتب في الليرة اللبنانية أو جزءاً بسيطاً من الدولار "الفريش" لحق بها.

هنا المفاجأة! بعد أن استسلم الشاب اللبناني من فكرة شراء منزل، ورضخ للأمرالواقع بالايجار، أتت الصفعة الجديدة بأسعار الشقق التي تثمّن بالفريش دولار بدءاً من 200$ الى "هات ايدك ولحقني".

 

الحلّ الوهمي

بعد توقف قروض الاسكان لأكثر من ثلاث سنوات، أصدر رئيس مجلس الادارة المدير العام لمصرف الاسكان انطوان حبيب قراراً يهدف لإعادة الأمل لدى جيل الشباب، لمساعدتهم على شراء عقار أو ترميم منزل في القرى والمناطق النائية والبعيدة من بيروت، من خلال قرض تصل قيمته الى مليار ليرة كحد أقصى ويقسَّط خلال 30 عاماً بفائدة 5 في المئة، ووضعت الشروط اللازمة للاستفادة من هذه القروض.

وهنا يكمن السؤال، من منا يستطيع أن يترك بيروت والمناطق الساحلية ليسكن في القرى والمناطق النائية؟ واذا صرفنا النظر عن موضوع الانتقال الى القرى، ماذا يفعل المواطن بارتفاع أسعار المحروقات التي تحلّق يوماً بعد يوم وكيف سيستطيع عبور مسافات طويلة للوصول أقّله الى مكان عمله مع أزمة البنزين؟

أسئلة لا تحصى ولا تعد، والمشكلة الى تفاقم، وكما بات واضحاً أن الدولة تستغبي مواطنيها وتخلق "حلاّ وهميا" لمشاكل بحاجة الى "أعجوبة إلهيّة" لحلّها! والعترة... عالشباب.