المصدر: النهار
الكاتب: علي حمادة
الخميس 7 آب 2025 08:37:49
سيدخل الرئيس جوزف عون التاريخ، بوصفه صاحب العهد الرئاسي الذي أسقط رسميا شرعية كل السلاح من خارج الدولة اللبنانية، وفي المقدمة سلاح "حزب الله". وسيدخل الرئيس نواف سلام التاريخ بوصفه رئيسا مسلما سنيا للحكومة التي أسقطت شرعية السلاح المذكور، باندفاعة سياسية وشجاعة ما كانت متوقعة منه في الأساس. فالحدث تاريخي، بصرف النظر عن النتائج والمآلات والتنفيذ. وقرار مجلس لوزراء بغالبية أعضائه، السير باقتراح تكليف الجيش اللبناني مهمة إعداد خطة تنفيذية لحصر السلاح بيد الدولة في موعد أقصاه نهاية العام الحالي، قوي، لأنه قفز فوق كل القراءات والمواقف التي كانت تعتبر "حزب الله" حزبا مقاوما له حيثية مستقلة عن النظام العام في البلاد، وأن سلاحه مُقاوِم لا يجوز المس به، وصولا إلى إسباغ البعض هالة من "القداسة"، ولو مزيفة على هذا السلاح. ومن هنا أهمية الخطوة التاريخية والخطيرة والخطرة في آن واحد. فكما قلنا منذ البارحة على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الحزب المذكور لن يسلّم بالقرار، بل إنه سيواجهه، وسيتمرد على الدولة. وقد صدر عن الحزب موقف رسمي أساسه هذه الفقرة: "هذا القرار يسقط سيادة لبنان، ويطلق يد إسرائيل للعبث بأمنه وجغرافيته وسياسته ومستقبل وجوده، وبالتالي سنتعامل مع هذا القرار كأنه غير موجود".
معنى هذا الكلام أن الحزب يعلن التمرد على الشرعية اللبنانية، وموقفه حاد جدا، ومن المتوقع أن يقترن بقرار للمواجهة على الأرض، ولاسيما عندما يحين موعد البدء بجمع السلاح غير الشرعي في البلاد. بكلام أوضح، هذا مؤشر على أن صداما عسكريا وأمنيا سيحدث لحظة تبدأ الشرعية اللبنانية بتنفيذ قراراتها المتصلة بموضوع السلاح. ومن هنا احتمال سقوط دماء على الأرض. فمن يعتبر القرار أميركيا - إسرائيليا هو الحزب المشار إليه الذي يشكل في جانب آخر من تكوينه وطبيعته امتدادا لمحور تقوده إيران التي لا تريد أن تبدد رصيدها الإقليمي، في إحدى أصعب المراحل بعد الضربة القاسية التي تلقتها من إسرائيل والولايات المتحدة.
وبما أن "حزب الله " يتصرف باعتباره ذراعا إيرانية على الأرض اللبنانية، فلن يتم تسليم السلاح إلا بقرار إيراني ليس متوافرا في الوقت الحاضر. ولذلك فإن التصعيد سيكون سيد الموقف في الأشهر القليلة المقبلة. ولن تكون مهمة الحكومة اللبنانية ومؤسسة الجيش في منأى عن المخاطر التي ستتجمع على طريق إخراج لبنان من زمن الميليشيا.
إن قرار الحكومة اللبنانية تاريخي، لكنه غير كافٍ لأنه قد لا يكون الوسيلة الوحيدة لسحب سلاح "حزب الله". فماذا لو حصلت مواجهة على الأرض بين الحزب المذكور والجيش اللبناني؟ وماذا لو خرجت حركة "أمل" برئاسة الرئيس نبيه بري من الموقع الوسطي وانحازت كليا تحت عناوين طائفية ومذهبية إلى "حزب الله"؟ الأسئلة كثيرة وصعبة جدا. ويقيننا أن لا أحد يمتلك اليوم أجوبة المستقبل. في مطلق الأحوال، ومهما حصل لاحقا، نقول للرئيسين عون وسلام شكراً!