إنزال دبلوماسي في الميدان العسكري لمعاينة خطة الجيش...الفرصة متاحة لتجنب الحريق

لا يزال لبنان عالقًا في قلب منخفض سياسي وحربي ساخن. وبينما ترزح الملفات الداخلية وفي طليعتها استحقاق الانتخابات النيابية، في "ثلّاجة" رئيس مجلس النواب نبيه برّي، تنشط الجهود الدبلوماسية لـ "فكفكة" اللغم الأساسي، أي حصر السلاح الميليشياوي كشرط لنزع فتيل الحرب.

لذا شكّلت ثلاث عواصم محاور هذه الحركة: بيروت التي تستعد لاستقبال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بعد غد. تل أبيب، حيث التقى المبعوث الأميركي توم براك رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وباريس التي تتحضر لعقد مؤتمر دعم الجيش اللبناني في 17 و18 الجاري. أمّا الوسط الميداني، فكان أمس من نصيب السفراء والملحقين العسكريين العرب والأجانب، الذين لبّوا بعد الإعلاميين، دعوة المؤسسة العسكرية لزيارة الجنوب، في جولة تسبق مغادرة قائد الجيش العماد رودولف هيكل إلى فرنسا.

الفرصة متاحة لتجنب الحريق

وبانتظار ما إذا كانت هذه الحركة سترشح "بركة وسلامًا" وتبدّد غيوم الحرب التي تُلبّدها أوهام "حزب الله" المسنود من المُحرّض الإيراني، أشار مصدر وزاري لـ "نداء الوطن"، إلى أن الفرصة الوحيدة المتاحة حاليًا، تتمثل في تفعيل عمل لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، ولا سيما مع ترؤس السفير سيمون كرم الجانب اللبناني فيها، نظرًا إلى ما يتمتع به من خبرة دبلوماسية واسعة، وقدرة على إدارة الملفات التفاوضية المعقدة. واعتبر أن هذا المسار يشكّل قناة أساسية لمتابعة المطالب اللبنانية، وفي مقدّمها وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة والانسحاب الكامل من المواقع التي لا تزال محتلة، داعيًا إلى مواكبة هذا المسار بزخم سياسي داخلي يسهّل مهمته ويعزز نتائجه، ويتجاوب مع أي تطور إيجابي، عبر تسريع عملية حصرية السلاح على جميع الأراضي اللبنانية بعيدًا من الأجندات الإقليمية، التي تضع لبنان في خطر وجودي داهم.

في السياق، شدد رئيس الجمهورية جوزاف عون على أهمية المفاوضات عبر لجنة "الميكانيزم" لتثبيت الأمن والاستقرار في الجنوب، مؤكّدًا استمرار الاتصالات داخليًا وخارجيًا لتحقيق هذا الهدف. ولفت إلى أن الوحدة الوطنية أساسية في دعم الموقف اللبناني، معتبرًا أن "تصويب البعض على الدولة لن يُجدي نفعًا، لأن رهان اللبنانيين عليها ثابت، والثقة بها قد عادت".

من جهته، أكد وزير الخارجية يوسف رجّي خلال مؤتمر مجلس الشراكة بين لبنان والاتحاد الأوروبي في بروكسل بعد انقطاع 8 سنوات، أن لبنان دخل مرحلة حاسمة لاستعادة الدولة عام 2025، مشددًا على أن قرار الحكومة في 5 آب بحصر السلاح بيد الدولة يشكّل تحولاً مفصليًا، وينهي وجود المجموعات المسلحة غير الشرعية، بما فيها "حزب الله". وأوضح رجّي أن الجيش بدأ تنفيذ القرار بدءًا من جنوب الليطاني، على أن يكتمل التنفيذ في كل لبنان مع نهاية 2026. كما دعا إلى دعم مستمر للجيش، مشيرًا إلى أن ذلك استثمار في الاستقرار، وطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة والإفراج عن المعتقلين اللبنانيين، والالتزام بوقف الأعمال العدائية.

سفراء ودبلوماسيون عند الحدود

جنوبًا، خرق الإنزال الدبلوماسي الميدان العسكري، إذ نظمت قيادة الجيش، بحضور قائد الجيش العماد رودولف هيكل، جولة ميدانية لسفراء وملحقين عسكريين للاطلاع على المرحلة الأولى من خطة الجيش في جنوب الليطاني ومهماته على كامل الأراضي اللبنانية. وفي قيادة قطاع جنوب الليطاني – صور، ألقى هيكل كلمة أكد فيها حرص المؤسسة العسكرية على تأمين الاستقرار والتزامها تنفيذ القرار 1701 رغم الإمكانات المحدودة، مشيرًا إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات. كما قدم إيجازًا عن مهام الجيش في مختلف المناطق والتعاون مع "اليونيفيل".

وأشاد الحاضرون باحتراف الجيش وتضحياته، وتبع اللقاء جولة ميدانية على بعض المواقع المشمولة بالخطة. وعلمت "نداء الوطن"، أن الوفد الدبلوماسي الذي انطلق من ثكنة بنوا بركات في صور، باتجاه قرى القطاع الغربي، شمل منشأة جديدة لـ "حزب الله" في وادي زبقين، لم تكن ضمن الجولة الإعلامية السابقة التي نظمها الجيش.