المصدر: نداء الوطن
الكاتب: ألان سركيس
الأربعاء 12 تشرين الثاني 2025 07:14:49
سرق دخول الرئيس السوري أحمد الشرع إلى البيت الأبيض الأضواء الإقليمية والدولية. وتظهر ملامح مرحلة جديدة عنوانها عودة سوريا إلى المجتمع العربي والدولي. وفي هذا الوقت، يبقى لبنان يترنح ولا تجرؤ السلطة السياسية على اتخاذ القرار الواضح.
تسلك سوريا الجديدة طريقها نحو استعادة دورها ومكانتها الإقليمية والعالمية. في 8 كانون الأول المقبل، تحلّ الذكرى الأولى لسقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ووصول الشرع إلى سدّة الحكم. وقام الشرع في أقلّ من عام بقفزات نوعيّة جعلته يلتقي الرئيس الأميركي ثلاث مرّات في أقلّ من سنة.
ويغرق المسؤولون في لبنان في وحول التذاكي والمراوغة، ويضيعون الفرص الثمينة. ولا يزال «حزب الله» الذي تلقى ضربات عسكرية وسياسية ومالية الأقوى داخل الدولة. وإذا كان تأثيره على القرار الداخلي أمرًا خطيرًا، إلا أن الأخطر هو جرّه البلاد إلى حرب جديدة ومدمّرة، والبقاء في دائرة الغارات اليومية المتصاعدة والاستنزاف اليومي.
وعلى رغم التصريحات الإعلامية المتكرّرة من مسؤولين لبنانيين، بأن الوضع جيّد ولا خوف من تجدد الحرب، إلا أن ما يُتداول في الصالونات والخفايا مغاير تمامًا. فجميع المسؤولين على دراية بخطورة الوضع. وبلّغت واشنطن لبنان عبر زيارات المسؤولين الأميركيين بما يُحضر، لكن كل هذه التحذيرات لم تدفع الدولة إلى التحرّك الحازم والفعلي والجدّي، وبقيت التصرفات في لبنان كما كانت منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني من العام الماضي.
ودخلت القاهرة بقوّة على الخطّ. ويحاول «حزب الله» ورئيس مجلس النواب نبيه برّي تفسير الموقف المصري على أنه ليونة تجاه «الحزب» وسلاحه، ومغاير تمامًا للموقف الأميركي والخليجي. لكن الحقيقة ليست كما يحاول «الحزب» تصويرها. مصر دولة إقليمية ولها علاقات مع الخليج والولايات المتحدة الأميركية ولها اتصالات مباشرة مع إسرائيل.
وتعمل القاهرة على تجنيب لبنان الضربة الإسرائيلية الكبرى، وتحاول الانطلاق من نقطة معينة، ودخلت على خطّ المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، ويختلف أسلوبها عن الأسلوب الأميركي والخليجي.
وإذا كان الأسلوب مختلفًا، فالمضمون واحد ولا يتغيّر، ويتوجب على لبنان بسط سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية وحصر السلاح بيد الشرعية. وبالنسبة إلى موضوع جنوب الليطاني، تحث القاهرة بيروت على فعل شيء ما في هذه المنطقة التي تعتبر مهمّة لإسرائيل لكي يتمّ إبعاد الضربة عن لبنان.
ولا يعني هذا الأمر تسليمًا مصريًا بضرورة بقاء سلاح «حزب الله» أو التعايش مع هذا السلاح، بل محاولة أخيرة مع الدولة اللبنانية، وبمعنى آخر، تقول مصر للبنان: أنجز ما عليك في منطقة جنوب الليطاني، وانطلاقًا من ذلك نستطيع التحدّث مع إسرائيل وأميركا والقول إن لبنان قام بعمل مهمّ، وبذلك نكون أمام واقع تفاوضي جيّد.
ومهما حاولت ماكينات «حزب الله» تحوير الموقف المصري وتصويره إلى جانبه، فالثابت وجود قرار إقليمي ودولي بإنهاء ملف سلاح «حزب الله»، ويوجد انزعاج مصري من الدولة اللبنانية، إذ لا تقدم على خطوة مهمّة حتى في جنوب الليطاني، وتتصرّف وكأن الوضع بألف خير ويمكنها الاستمرار بسياسة التذاكي على واشنطن والمجتمع العربي والدولي، ولا تستطيع القاهرة الخروج عن الإجماع العربي، ومخطئ من يظن أن بإمكان مصر السير باتجاه معين عكس المملكة العربية السعودية.
يراهن كثر على أن عودة رئيس المخابرات المصريّة حسن محمود رشاد إلى بيروت ستكشف الخيط الأبيض من الأسود، خصوصًا أن زيارته ستتمّ بعد جولة اتصالات قام بها مع الأميركيين والإسرائيليين والفرنسيين، لكنه سيعود ويرى تصلبًا من «حزب الله» أكثر، وعدم قدرة الدولة اللبنانية على فعل شيء، وموقف أميركي حازم عبّر عنه وفد الخزانة الأميركية الذي زار لبنان وقال ما يجب قوله وبصراحة تامة.