اجتماعات الصندوق والبنك الدوليين انطلقت في مراكش وسط التحديات العالمية المتنامية

انطلقت في مراكش أمس الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين قبل الافتتاح الرسمي المقرر يوم الجمعة المقبل، وعلى أجندة المؤسستين الدوليتين أبرز التحديات الاقتصادية والمالية والمناخية التي تواجه العالم في ظل أزمات متعددة الأوجه تشهدها مناطق النزاع والدول الكبرى كما الدول الأكثر ضعفاً وهشاشة.

وتكتسب هذه الاجتماعات أهمية استثنائية عبّر عنها حجم المشاركة الكثيفة للدول الأعضاء، ليس فقط نظراً الى الظروف الدقيقة التي يمر فيها العالم، وانما بسبب مكان وتوقيت انعقادها، بعد عامين من الموعد الأساسي الذي كان مقررا لها في 2021، وتعذّر ذلك نتيجة تفشّي جائحة كورونا، وبعد اقل من شهر على الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب، ووضع إمكان انعقاد الاجتماعات في دائرة الشكوك، ما جعل من التزام المؤسستين الدوليتين الإبقاء على الموعد والمكان تعبيراً واضحاً عن الدعم والتضامن الدولي مع المغرب التي قابلت هذا الالتزام بتحضير تام وجهوزية واكبت انطلاق الاعمال بسلاسة وتنظيم فائقين.

أبرز المواضيع التي ستتناولها الأيام الستة تتمحور حول التحديات الاقتصادية الكبيرة والتهديد الوجودي المتمثل في تغيّر المناخ والذي يقلق الاسرة الدولية نظراً الى تفاقم المخاطر التي يحملها في ظل عدم كفاية الإجراءات المتخذة عالمياً لمواجهة هذا الخطر، فضلاً عن التحول الرقمي وارتفاع مستويات الديون وتصاعد التوترات الجيوسياسية في العديد من الدول. وفي بيان مشترك لكل من المديرة العامة للصندوق كريستالينا جورجيفا ورئيس البنك الدولي أجاي بانجا قبيل انطلاق الاجتماعات، ان السياسات الجيدة التصميم والتسلسل المناسب يشكلان أهمية بالغة للمساعدة في تسريع النمو وتخفيف المفاضلات السياسية ودعم التحولات الرقمية. وتأتي هذه التحديات في وقت تتصاعد التوترات الاقتصادية والجيوسياسية التي ساهمت في تباطؤ النمو بحيث أصبحت التوقعات على المدى المتوسط هي الأضعف منذ اكثر من ثلاثة عقود، وقد توقف التقدم في الحد من الفقر فيما الصراع والهشاشة آخذان في الارتفاع، والعالم يواجه تقسيما جغرافيا اقتصاديا وكوارث طبيعية شديدة تفاقمت بسبب تغير المناخ وارتفاع نِسب الدين العام.

ويسعى البنك والصندوق في هذه الاجتماعات الى التأكيد على تعزيز التعاون في شكل مبكر، ولا سيما في ما يتعلق بتغير المناخ وتحديد نقاط الضعف المرتفعة المتعلقة بالديون والتحول الرقمي. ذلك ان التغير المناخي يشكل بالنسبة الى الصندوق والبنك الدوليين تهديداً للسلام والامن والاستقرار الاقتصادي والتنمية.

أما بالنسبة الى نقاط الضعف المتعلقة بالديون، فإن هذه المسألة تتطلب من المؤسستين حاجة ملحّة ومتجددة لتكثيف التعاون والبناء والاستفادة من مجالات الخبرة المتاحة للمساعدة على منع تراكم المزيد من نقاط الضعف ومساعدة الدول على تعزيز إدارة الديون والشفافية، ولاسيما في الدول المنخفضة الدخل.

وعشية اطلاق تقرير آفاق الاقتصاد العالمي اليوم، تكشف مسودته استمرار التعافي العالمي ببطء من ضربات الوباء والغزو الروسي لأوكرانيا وأزمة تكاليف المعيشة.

يرى التقرير ان الاقتصاد العالمي تباطأ لكنه لم يتوقف، ورغم ذلك يبقى النمو بطيئاً ومتفاوتاً مع تزايد التباينات العالمية، وقد وصل النشاط العالمي الى ادنى مستوياته في نهاية العام الماضي. وفيما تمت السيطرة تدريجاً على التضخم فإن التعافي الكامل لِما قبل الجائحة يبدو بعيد المنال على نحو متزايد خصوصا في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية.

وقدّر الصندوق تباطؤ الاقتصاد العالمي من 3,5 في المئة في 2022 الى 3 في المئة في 2023 و2,9 في المئة في 2024. ويظل هذا التراجع اقل بكثير من المتوسط التاريخي. اما بالنسبة الى التضخم فسيتراجع من 9,2 في المئة الى 5,9 في المئة هذه السنة فـ 4,8 في المئة في السنة المقبلة. وبنتيجة ذلك، أصبحت التوقعات تتفق في شكل متزايد مع سيناريو "الهبوط الناعم" مما يؤدي الى انخفاض التضخم من دون تراجع كبير في النشاط وبخاصة في الولايات المتحدة الأميركية.

ولا يُستبعد في المقابل ان يدخل الوضع المتفجر في غزة وانعكاساته بنداً طارئاً على المناقشات الجارية في مراكش، خصوصاً اذا ما انتقلت الاضطرابات الحاصلة الى مرحلة أشد وأقسى مع اعلان حكومة إسرائيل حالة الحرب.