اشتغل على "المحطة".. رئيس بلدية يجنّب أبناء بلدته طوابير الذلّ

لا يقتصر دور البلديات على بناء الارصفة وتنظيف الشوارع وتشييد القصور البلدية... بل البشر قبل الحجر.

وترتسم في الاذهان صورة رئيس البلدية مرتديا البذة الرسمية وربطة العنق، يرافقه يمينا ويسارا عناصر "شرطة البلدية" وكأنهم موظفون عنده وليس عند ابناء البلدة وفي خدمتها، في حين يجب ان يكون بين الناس ومعهم، يعالج مطالبهم بنفسه، لا ان يحيلها الى هذا او ذاك او الى اللجان!

وهذا الدور-اي التركيز على البشر لا على المظاهر- لا بد من ان يظهر اكثر من اي وقت في ايام الازمات، اذ على البلديات ان تقف الى جانب الناس، خصوصا في ظل الغياب التام للدولة ومؤسساتها لا سيما تلك التي تعنى بالرعاية الاجتماعية.

ومعلوم في هذا الاطار ان البلديات هي الشكل الوحيد للامركزية الإدارية في لبنان، اذ انها تتمتع بالاستقلال المادي والإداري  ويقع على عاتقها  كل عمل ذي منفعة عامة.

وصحيح انها تعاني – اسوة بالناس – من المشاكل في إمكاناتها المالية المحدودة، لكن من اراد ان يكون على تماس مع ابناء بلدته، يجد السبيل، دون الكثير من الخطط والبحث والنقاش.

وفي وقت يقف معظم اللبنانيين في "طوابير الذل" لساعات طويلة تحت شمس حارقة بانتظار الحصول على صفيحة بنزين، اتخذ رئيس بلدية مار شعيا والمزكه (المتن الشمالي) نجيب الحاج قرارا جريئا مجنبا اهل بلدته هذه "الوقفة"! فكان على الارض الى جانب الناس يستمع يلبي وينفذ، كاسرا تلك الصورة النمطية للبلدية ورئيسها.

فقد فرض الحاج على محطة المحروقات الواقعة ضمن نطاق البلدية تعبئة خزانات الوقود لسيارات ابناء البلدة دون الوقوف في الطابور، اذ به يصل بشكل شبه يومي الى المحطة، ويوجه الرسائل الى ابناء البلد من اجل الحضور تباعا، وتأمين حاجاتهم دون اي انتظار وبشكل منظم، وايضا دون ازعاج الآخرين، حيث خصصت المحطة "خرطوما" لهؤلاء، وذلك بالتعاون مع عناصر الجيش المتواجدين على المحطة من اجل تنظيم المرور.

صحيح ان البلدية صغيرة، وامكاناتها محدودة، لكن "مبادرة صغيرة بتعمل فرق كبير"، خصوصا وان رحلة المواطن لتأمين حاجته اليومية من خبز وادوية ومحروقات باتت تستغرق اكثر من 24 ساعة واحيانا يعود خائبا خالي الوفاض.

ولو ان البلديات تحذو حذو الحاج، فتوفر البنزين لابنائها او سكانها، فان اعداد الواقفين "بالصف" ستنخفض، خصوصا وان الامر لا يحتاج الا الى قليل من التنظيم.

ولا بد من الاشارة ان بلدية مار شعيا والمزكه، وقفت ايضا الى جانب ابناء وسكان البلدة خلال فترات الحجر التي فرضتها اجراءات الوقاية من تفشي وباء كورونا، حيث كانت جاهزة لتأمين الحاجات ومتابعة اوضاع المصابين. 

يجب على البلديات كافة ان تكون "خط الدفاع" في مواجهة الازمات رغم إمكاناتها وميزانياتها المحدودة، عبر مبادرات خاصة تعتمد فيها على قدراتها الذاتية فـ" البحصة تسند خابية".