الأساتذة المسافرون: عقدة جديدة بملف التفرغ بالجامعة اللبنانية

ما زال ملف التفرغ ينازع بين الإقرار وعدمه. وبات رهن التنازل عن السقوف المرتفعة التي فرضعها الثنائي الشيعي. فصحيح أن الثنائي يتفوق على باقي الأحزاب بنقطة تسهيل أو تعقيد انعقاد مجلس الوزراء، وجلسة إقرار الملف ضمناً، إلا أن هذا لا يعطيه أفضلية على باقي القوى، في رفع الفيتوات الحزبية. ويبدو أن فكرة تفريغ جميع الأسماء التي رفعها رئيس الجامعة، حتى لو على دفعات، التي أعاد اقتراحها الثنائي الشيعي، لن تمر. فهي من شأنها أن تفضي إلى "المثالثة" في الجامعة اللبنانية، كما تقول الأصوات المعترضة عليها.

ويقول مطلعون على تعقيدات الملف، والمناورات الحاصلة، أن ملف التفرغ لم يمت بعد. فليس من مصلحة الثنائي الشيعي عدم إقراره، طالما أن هناك أكثر من ثلاثمئة متعاقد شيعي في عداد المراد تفريغهم. أما مجاراة الثنائي الشيعي في عدم تطبيق المعايير عليه لإدخال الأسماء وفق المعيار الحزبي، فقد يؤدي إلى مطالب حزبية مماثلة من باقي الأطراف.

ملف المسافرين
كشفت الخلافات الأخيرة بين القوى الحزبية عن أسباب عدم شطب أسماء المسافرين، الذين أبلغوا المدراء والعمداء عدم رغبتهم بالتفرغ، من الملف. فمن المعروف أن المسافرين جلهم من الكليات العلمية والتطبيقية وموزعين بشكل أساسي بين الطوائف المسيحية والسنّة. ولم يسأل الذين يعملون على الملف إذا كان المسافرون من أصحاب حق بالتفرغ بعدما تركوا الجامعة منذ ثلاث سنوات، أو لماذا سمح لهم التعليم من بعد طوال هذه السنوات، أو لماذا احتفظوا بعقودهم من دون تعليم. بل البحث في هذا الشأن، وفق مصادر "المدن" تركز على أن شطب المسافرين يقلص عدد المراد تفريغهم عملاً بمبدأ التوازن الطائفي: شطب متبادل بين الطوائف. وهذا الأمر مرفوض من الثنائي الشيعي، الساعي لرفع العدد الذي سيرفع إلى مجلس الوزراء.

السنّة يفضلون شطب المسافرين لأنه مقابل شطب كل مسافر يوجد متعاقد سنّي غيره سواء في الكلية عينها أو في غيرها. فهم ليس لديهم مشكلة العدد، في حال تقرر رفع عدد المراد تفريغهم. ويفضلون متفرغين فعليين لا مسافرين قد لا يعودون بتاتاً إلى لبنان.

المقاربة المسيحية مختلفة. يعترضون على الشطب في حال رفع العدد الكلي للمراد تفريغهم، نظراً لعدد المسيحيين المحدود ً قياساً بباقي الطوائف (يحكى أنه سيتم تفريغ الجميع لدى الطوائف المسيحية، حتى من لديهم نصاب بعشر ساعات، للحفاظ على توازن الملف). فأولاً، لا يوجد من يحل مكان المسافر الذي يشطب اسمه، مسيحي آخر في لبنان. وثانياً لأن التفرغ قد يشجع المتعاقد المسافر على العودة إلى البلد ولو بعد حين. بمعنى آخر يفضل المسيحيون شطب من يؤكد بشكل مطلق أنه لن يعود إلى لبنان. علماً أن عدم شطب المسافرين من الملف يؤدي إلى توازن وهمي بين المسلمين والمسيحيين، أو توازن مؤجل إلى حين عودة المتعاقد من الخارج.

إشكالية شيعية
لكن شطب المسافرين من الملف يخلق إشكالية من نوع آخر عند الشيعة. ففي حال تم شطب المسافرين ينخفض العدد الكلي للمراد تفريغهم. وحينها ينخفض عدد الشيعة المرشحين للتفرغ (مثل غيرهم)، فيما يطالب الثنائي الشيعي برفع العدد الكلي للمتفرغين. فقد تبين أن تقليص العدد لتأمين التوازن أدى إلى شطب أكثر من نصف المتعاقدين الشيعة. كما أنه أدى إلى انخفاض الحصة الحزبية للشيعة، كما سبق وكشفت "المدن". فقد تبين الحصة الشيعية تتركز على متعاقدين شيعة لم يتفرغوا في العام 2014، وهم إما غير حزبيين أو مستقلين. وهذا أحد أسباب ممارسة الثنائي الشيعي ضغوطاً على رئيس الجامعة بسام بدران لرفع جميع أسماء المتعاقدين مع الجامعة. أي بمعنى أوضح اتاحة الفرصة للثنائي باختيار أسماء المراد تفريغهم من الثنائي الشيعي حصراً.

وفق مصادر مطلعة، عرض الثنائي الشيعي فكرة تفريغ المسافرين، وإعطاء فترة سماح محددة لهؤلاء للالتحاق. وفي حال عدم الالتحاق يختار رئيس الجامعة بسام بدران بدلاء عنهم من الملف. لكن الاقتراح ووجه بالرفض، خوفاً من استبدالهم بمتعاقدين من الطائفة الشيعية.

الشعبوية قضت بتضخيم الملف ليشمل كل المتعاقدين مع الجامعة من دون دراسة الحاجة. ووصل الملف إلى مرحلة الصراعات الحزبية، حول تقاسم الحصص. وهي مرحلة دقيقة وتضع التفرغ في المجهول. إلا إذا حمل الأسبوع المقبل، في ظل المشاورات الحاصلة خلف الكواليس، إلى إيجاد صيغة ترضي الثنائي الشيعي، ولا تضرّ بحصة باقي الأطراف.