الإمارات تعيد إشراقة الثقة العربية في لبنان

منذ إغلاق السفارة الإماراتية في بيروت عام 2021، شعر اللبنانيون بأن نافذة أساسيّة على محيطهم العربي قد أُغلقت، ما زاد شعورهم بالعزلة وسط أزمات سياسية واقتصادية خانقة. اليوم، يحمل تعيين السفير الإماراتي الجديد، فهد سالم سعيد الكعبي، رسالة واضحة: أبو ظبي لم تتخلَّ عن لبنان، وانفتاحها عليه ثابت رغم سنوات الانقطاع. الإمارات، التي تنتهج سياسة التسامح والاعتدال، لا تفرّق بين الطوائف، وليست طرفًا في النزاعات، بل تعمل على تهدئة الصراعات ودعم استقرار لبنان ومجتمعه.

عودة الإمارات إلى بيروت ليست مجرّد خطوة بروتوكولية، بل تعبير عن إرادة لتعزيز حضورها العربي وإعادة صياغة العلاقة مع لبنان في لحظة يحتاج فيها البلد إلى دعم خارجي ينعش ثقته بنفسه ويعيد وصل ما انقطع مع محيطه.

الكعبي: خبرة ودبلوماسية راسخة

مصادر لبنانية مطلعة أكّدت لصحيفة "نداء الوطن" أن تعيين السفير الكعبي جاء نتيجة مسيرة مهنية مميّزة وخبرة واسعة في الشأن اللبناني. خلال عمله السابق في بيروت، تميّز بقربه من مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية ومبادراته لبناء جسور تواصل بين المكوّنات المختلفة. شخصيّته الهادئة ومهاراته الدبلوماسية ساعدت على ترسيخ علاقات قائمة على الاحترام والثقة، ما يجعل عودته مؤشرًا على مرحلة جديدة من الانفتاح الإماراتي على لبنان. وجوده في بيروت سيعيد الزخم للعلاقات الثنائية ويعزز التعاون في الملفات السياسية والاقتصادية والإنسانية.

لبنان يعود إلى حضن العرب بدعم إماراتي

الباحثة اللبنانية شيرين خالد أوضحت لصحيفة "نداء الوطن" أن تعيين السفير الكعبي يعكس ثبات موقف الإمارات من لبنان، ويأتي في مرحلة حسّاسة تشهد تراجعًا في الثقة الدولية بالوضع الداخلي. أبو ظبي ترى في لبنان شريكًا عربيًا لا يمكن الاستغناء عنه، وتركّز على الاستثمار في الإنسان اللبناني للخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. إعادة التمثيل الدبلوماسي بهذا الشكل تعكس رغبة حقيقية في مساعدة لبنان على استعادة ثقة المستثمرين والمجتمع الدولي.

وقوف الإمارات مع لبنان في أوقات الأزمات

خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، لعبت الإمارات دورًا محوريًا في تقديم الدعم الإنساني، عبر مساعدات عاجلة تشمل الغذاء والدواء والإيواء. كما ساهمت المؤسّسات الخيرية الإماراتية وجاليات اللبنانيين في الإمارات في تعزيز الروابط الإنسانية. وقدّمت الشيخة فاطمة بنت مبارك دعمًا مميزًا للبرامج الإنسانية والإغاثية، بما ساهم في تخفيف معاناة المدنيين وتأمين احتياجاتهم الأساسية، إلى جانب دعمها المستمرّ للمرأة اللبنانية والعربية، من خلال مبادرات تعزز مشاركتها الاقتصادية والاجتماعية.

بعد اقتصادي واستثماري جديد

أكدت مصادر لبنانية مقيمة في الإمارات لصحيفة "نداء الوطن" أن تعيين السفير فهد الكعبي يعكس رؤية شاملة لإعادة إحياء العلاقات الاقتصادية وتعزيز الحضور العربي في لبنان. هذا التمثيل الدبلوماسي المتجدّد يفتح آفاقًا لمشاريع استثمارية جديدة تسهم في خلق فرص عمل وتعزز الثقة بالاقتصاد اللبناني. كما سيعمل السفير الكعبي على تشجيع الشراكات بين رجال الأعمال الإماراتيين واللبنانيين. واعتبرت المصادر أن زيارة رجل الأعمال الإماراتي الشيخ خلف الحبتور إلى بيروت تمثل مؤشرًا عمليًا على التوجّه الإماراتي نحو تفعيل الاستثمارات، خصوصًا في القطاعات الإنتاجية والسياحية.

رسالة دعم وانتماء

في ظلّ الأزمات التي يعانيها لبنان، يمثل حضور الإمارات دعمًا للهوية والانتماء العربيين، ويؤكد أن لبنان ليس وحيدًا في مواجهة تحدّياته. تقدّم الإمارات نموذجًا عمليًا يمكن للبنان الاستفادة منه لإعادة بناء مؤسّساته وتعزيز اقتصاده. كما تحرص أبو ظبي على إعادة الثقة بين لبنان ومحيطه العربي، وتقوية الروابط بين الشعبين اللبناني والإماراتي، بما يمهّد لمرحلة جديدة من التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي.