الامتحانات الرسمية رهن الكباش بين المكاتب التربوية وكرامي

أنهت وزارة التربية استبياناً شمل جميع الثانويات في القرى الحدودية لمعرفة كيفية السير بالمناهج الدراسية للامتحانات الرسمية للثانوية العامة. وتبيّن أنه ليس هناك من دواعي لاعتماد المواد الاختيارية التي تطالب بها رابطة أساتذة التعليم الثانوي (الثنائي الشيعي) بذريعة مراعاة ظروف طلاب القرى الحدودية. فقد أظهر استطلاع رأي المدراء أن هناك مفارقة كبيرة في تأخر الثانويات في انجاز مقررات المواد. فمشكلة التأخّر متفاقمة في بيروت أكثر من القرى الحدودية، التي تعلم طلابها من خلال تقنيات التعليم عن بعد. وهذه المفارقة تؤدي إلى انتفاء حجة رابطة الثانوي لاعتماد المواد الاختيارية.

كباش سياسي
منذ أكثر من شهرين، تطالب "رابطة الثانوي" بعدم تمديد العام الدراسي لصالح تقليص المناهج واعتماد المواد الاختيارية. وأجرت استفتاءات واستبيانات لتبرير موقفها، بغية مقارعة وزيرة التربية ريما كرامي، الرافضة اعتماد المواد الاختيارية. بل طرحت تمديد فترة الدروس في الصف الثالث الثانوي، إلى حين انجاز كل المدارس المقررات المطلوبة للامتحانات.

ما هو حاصل أن واجهة التجاذبات حول الامتحانات الرسمية بين كرامي وروابط المعلمين عنوانها مصلحة الطلاب، فيما الإشكالية هي سياسية. فلم يعد خافياً على أحد أن المشكلة الأساسية  تكمن في توجهات كرامي بعدم اختصار القطاع التربوي بالمكاتب التربوية للأحزاب السياسية في لبنان. فكرامي تتشاور مع أساتذة ومدراء مستقلين ولا تحصر التشاور مع المكاتب التربوية، كما كان يفعل الوزير السابق عباس الحلبي. فهو كان يتخذ القرارات في قطاع التربية بالعودة إلى المكاتب التربوية، ولا سيما الثنائي الشيعي. مقاربة كرامي أثارت حفيظة المكاتب التربوية، ولا سيما التابعة للثنائي الشيعي، المسيطرة على رابطة الثانوي. فواقع الحال أن ثلاثة أعضاء من أصل 18 عضواً في رابطة التعليم الثانوي يريدون تقرير مصير أكثر من 40 ألف طالب في الامتحانات الرسمية (الرابطة منحلة منذ نحو عامين بسبب استقالة الأعضاء أو تمنع الآخرين عن المشاركة في أي قرار). ويجري هؤلاء الأعضاء، باسم الرابطة، استبيانات واستفتاءات لتبرير موقفهم. أما الهدف فهو تقليب الطلاب وأهلهم على كرامي، على اعتبار أنها ترفض المواد الاختيارية.

استبيانات واستطلاعات رأي
ووفقاً لمعلومات "المدن"، سبق وأن دعت "الرابطة" مقرري المواد وأعضاء اللجان لاستفتاء رأيهم. فحضر في لقاء عقد عبر منصة زوم نحو 100 أستاذ من أصل أكثر من 3 آلاف أستاذ في مرحلة صف الثالث ثانوي. ولم يشارك مقرري المواد بل اقتصر الحضور على مقرر واحد وعضو لجنة أو عضوين. صحيح أن أغلبية الحاضرين طالبت التقليص في المناهج نظراً للتأخر في إنهاء الدروس، إلا أن أكثر من نصف الحاضرين رفضوا فكرة اعتماد المواد الاختيارية، بسبب المشاكل التي حصلت في الامتحانات الرسمية السابقة. ثم أجرت الرابطة استبياناً لأساتذة الثانوي والخاص، لكن تبين أن الرابط الإلكتروني المرسل للاستبيان مفتوح ويمكن لأي شخص المشاركة فيه. وأتت النتيجة لصالح فكرة "الرابطة" بتقليص المناهج واعتماد المواد الاختيارية.

وحسب معلومات "المدن"، أجرى المركز التربوي للبحوث والإنماء تقليصًا للمنهج من 24 أسبوعًا إلى 18 أسبوعًا. فظروف الحرب استدعت تقليص الدوامات في المدارس من أربعة إلى ثلاثة أيام في الأسبوع. ولمعرفة الواقع على الأرض، أجرى المركز التربوي دراسة لمعرفة كيفية تقدم المدارس في المناهج. لكن تبين أن الدراسة تتضمن معلومات وبيانات متضاربة، ليس بين ثانوية وأخرى في المنطقة نفسها، بل حتى داخل الثانوية الواحدة. ففي منطقتي البقاع والجنوب، تبين أن البيانات حول كيفية إنهاء الدروس مختلفة بين مدرسة وأخرى في الحيز الجغرافي نفسه، الذي عاش ظروف الحرب عينها. ففي إحدى الثانويات، تبين من الأرقام أن الثانوية أنهت منهج اللغة العربية بنحو تسعين بالمئة، فيما لم تنه من مادة الرياضيات إلا نحو 30 بالمئة. وهذا أمر غير معقول لأن المادتين متشابهتان بعدد الحصص.

تمديد الدروس والامتحانات في تموز!
 وتضيف المصادر أن الوزيرة كرامي فرملت إصدار القرار النهائي بشأن الامتحانات الرسمية إلى حين الانتهاء من استبيان مديري الثانويات لمعرفة الواقع على الأرض بشكل شامل، وتصحيح التضارب في المعلومات في الاستطلاع الآنف الذكر. وبات من المرجح عدم الإقدام على تقليص إضافي للمناهج، التي سبق أن جرى تقليصها. بل سيصار إلى تمديد فترة الدروس لغاية النصف الثاني من شهر حزيران. بمعنى آخر، لا تمديد للعام الدراسي الذي ينتهي في نهاية حزيران، بل مجرد تمديد لفترة الدروس. ففي العادة تنهي الثانويات الدروس لصفوف الشهادة في نهاية أيار، وتعطي الطلاب فترة شهر للمراجعة في بيوتهم. وحاليًا تنتهي الدروس في منتصف حزيران، ويكون أمام الطلاب نحو أسبوعين للمراجعة قبل موعد الامتحانات الرسمية، الذي سيكون في الأسبوع الأول من تموز، كما أكدت مصادر "المدن".