الامتحانات الرسمية غير عادلة وتفاوت في استعداد الطلاب لها

رغم التفاوت الكبير في اكتساب طلاب الصف الثالث ثانوي للمهارات المطلوبة في الامتحانات الرسمية، لا تزال وزيرة التربية، ريما كرامي، مُصرة على عدم تخفيض الدروس في بعض المواد، ولا سيما العلمية منها.

تعليقاً على الأمر، أكدت مصادر في وزارة التربية لـ"المدن" أن الوزارة سبق وأن أجرت التخفيضات اللازمة، كما تقرر تمديد فترة الدروس حتى منتصف الشهر الحالي، بناءً على دراسة أعدها المركز التربوي، وذلك كي يتمكن جميع الطلاب من إنهاء الدروس المطلوبة من دون أي تفاوت. وأجرت كرامي دراسة وتبين أن هذه المهلة كافية لإنهاء جميع الطلاب للبرامج التي تم تخفيضها أساسًا.

تربويون من مختلف المناطق أكدوا لـ"المدن" أن الامتحانات الرسمية قائمة على مبدأ اللاعدالة قبل انطلاقها. فالعام الدراسي الحالي كان استثنائياً للغاية بسبب الحرب المستمرة على لبنان. وقد انطلق في بعض المناطق في شهر أيلول المنصرم، فيما لم يتمكن الطلاب في الجنوب والضاحية وبيروت والبقاع من ارتياد مدارسهم قبل شهر كانون الثاني. والأسوأ أن طلاب العديد من الثانويات في المناطق المحاذية للقرى الحدودية لم يتمكنوا من العودة إلى الصفوف قبل شهر آذار في انتظار ترميم ما تيسر من الأضرار التي لحقت بمدارسهم.

تفاوت في اكتساب المهارات
علمياً، ينهي طلاب الصف الثالث ثانوي المناهج المقررة للامتحانات الرسمية الأسبوع الحالي في غالبية الثانويات الرسمية، مع تفاوت بين منطقة وأخرى، وثانوية وأخرى. الأسبوع الفائت أنهى غالبية الطلاب في قسمي الآداب الاقتصاد برامجهم، مع تفاوت بين منطقة وأخرى، وهذا الأسبوع ينهي طلاب صفوف العلوم العامة وعلوم الحياة المواد المتبقية لهم ولاسيما الرياضيات. بشكل عام أنهى الطلاب البرامج المطلوبة على عجل وانصرفوا إلى منازلهم استعداداً للامتحانات الرسمية التي تنطلق في التاسع من شهر تموز المقبل. لكن ثمة تفاوت كبير بين منطقة وأخرى ومدرسة وأخرى في المنطقة عينها، ولا سيما في الجنوب، الذي لا يزال يتعرض لاعتداءات إسرائيلية بشكل متكرر.

والملفت أن طلاب القرى الحدودية أنهوا برامجهم الأسبوع الفائت، رغم أنهم يواصلون التعلم عن بعد منذ سنتين، فيما العديد من الثانويات في الجنوب لم تنه البرامج بعد. ويعود السبب إلى أن الثانويات المتضررة جراء الحرب اتبعت التعليم عن بعد إلى حين اصلاح الأضرار ثم عادت إلى التعليم الحضوري، وتأخر الطلاب بسبب هذه الإجراءات، إضافة إلى ظروف الحرب التي لم تنته فصولها بعد. بينما طلاب القرى الحدودية واصلوا التعليم من بعد من دون انقطاع. لكن انهاء البرنامج شيء واكتساب المهارات شيء آخر، فلم يتسن للأساتذة مراجعة الدروس مع الطلاب للتأكد من الأمر. 

بشكل عام، انهاء الطلاب البرامج لا يعني استعدادهم الجيد للامتحانات كما يؤكد أساتذة من مختلف المناطق لـ"المدن" ولا سيما في المواد العلمية. فالظروف التي مر بها الطلاب هذا العام كانت استثنائية جراء تأخر انطلاق العام الدراسي الفعلي إلى بداية العام الحالي، أي بعد التوصل إلى قرار وقف إطلاق النار نهاية العام المنصرم. لكن الضربات الإسرائيلية في الجنوب وفي الضاحية الجنوبية تتواصل. والمسيرات الإسرائيلية تحوم فوق أجواء بيروت وجبل لبنان والجنوب ليلاً نهاراً.

التعويل على لجان المواد
ويؤكد أساتذة لـ"المدن" أنهم اضطروا إلى الاستعجال في انهاء البرامج من دون مراجعة للتأكد من اكتساب الطلاب المهارات المطلوبة، ولا سيما في المواد العلمية، مثل الرياضيات وعلوم الحياة والفيزياء وغيرها لطلاب قسمي العلوم العامة وعلوم الحياة. وكانت النتيجة أن الاختصار في إعطاء الدروس كان على حساب موضوعات أساسية مطلوبة منهم للامتحان، وبالتالي جرى "سلق" المواد، كما يقال باللغة الدارجة. ويتبين خوف الطلاب من هذه الدروس من خلال المراجعات التي يقومون بها لدى أساتذتهم.

وتشير مصادر مطلعة لـ"المدن" أنه حتى لو لم تراجع كرامي موقفها بشأن تخفيض بعض الدروس، فهذا لا يعني أن لجان المواد ستتشدد في كيفية وضع مسابقات الامتحانات. فالتعويل هو على مقرر المواد في عدم انتقاء أسئلة من الدروس الأخيرة التي لم يتمكن كل الطلاب من إنجازها، أو التي أعطيت وتعطى لهم على عجل لإنهاء البرنامج.