البابا في لبنان... إعلان مقاومة لاغتيال الهُويّة أو تعويم للمنظومة؟

منذ عصر امس يستمر اللَغَط الواسع حول زيارة البابا فرنسيس إلى لبنان، إذ أعلنت رئاسة الجمهوريّة، عبر موقعها الرّسمي خبر تسلّم رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون من السّفير البابويّ في لبنان المونسنيور جوزف سبيتري رسالة خطّية أعلمه فيها ان "قداسة البابا فرنسيس قرّر زيارة لبنان في شهر حزيران المقبل، على أن يصار إلى تحديد تاريخ الزيارة وبرنامجها وموعد الإعلان عنها رسمياً، بالتّنسيق بين لبنان والكرسيّ الرسوليّ".

 

بضع ساعات بعدها، ردّ مراسل الفاتيكان لصحيفة "ناشونال كاثوليك ريبورتر"، كريستوفر وايت موضِحاً عبر حسابه على "تويتر" أنّ "الفاتيكان لم يؤكّد الزيارة بعد".

 

ما حصل، أثار موجة من ردود الفعل المحليّة، حيث رفض البعض استخدام الزيارة للاستثمار الانتخابي الرخيص والاستغلال السياسي والشعبوي السخيف. فيما استغرب البعض الآخر الحملة على رئاسة الجمهورية معتبرين أن هدفها التشويش على الزيارة انطلاقاً من خلفيات كيدية سياسية لا مصلحة للبنان بها.

 

فهل ما جرى يندرج ضمن البروباغندا التي تنتهجها المنظومة لاستغلال أي احتِمال لتبرير خطاياها تُجاه الشّعب اللّبناني، وتسويق أنّ ثمّة مباركة للخيارات التي تأخذها، ام هو بعيد منها؟

 

في معرض تعليقه على كلّ ما سبق يقول المدير التّنفيذي لـ"ملتقى التأثير المدني" زياد الصّائغ: "الفاتيكان يُعلن رسميّا عن زيارات البابا، هذا بروتوكول فاتيكاني، وتجاوزه خطأ جسيم. وبالتّالي كلّ ما قيل ويقال لا يستقيم إلّا بعد الإعلان الرّسمي عن الزيارة من الدّوائر الفاتيكانيّة، وحَتماً من خلال السّفارة البابويّة. وكان الأجدى والأكثر احتراماً الالتزام بهذا البروتوكول بعيداً من الاستغلال الشّعبويّ والسّياسيّ. الاستعجال بالاستنتاج يحمل ما وراءه توظيفاً غير صحيّ وحتّى خبيث".

 

أمّا في ما يُثار عن أنّ البابا فرنسيس يزور لبنان في حزيران، إذا ثبّتت الزّيارة، ليعوّم المنظومة، فيقول الصّائغ: "هل زار البابا القدّيس يوحنّا بولس الثّاني لبنان العامّ 1997 ليُشرعِن الاحتلال السّوريّ، لِنَعُد بالذّاكرة إلى تلك المرحلة. للأسف حتّى القوى المجتمعيّة الحيّة باتت ضحيّة بروباغندا. الفاتيكان يحمل في سُلّم أولويّاته همّ حماية الهويّة الحضاريّة للبنان واختباره التّاريخيّ، هو رسالة الحريّة والأخوّة. بُتنا نحتاج بوصلة تصويب الرّأي العامّ حتّى لدى النّخب. الفاتيكان لديه ثوابت، وهو المنخرِط الأكبر في تحرير لبنان من خاطفيه. أمّأ الأوهام العبثيّة، والخيارات الانتحاريّة فلها في التّاريخ موقعها المعروف".