البطاقة التمويلية "طبخة بحص"

كتب جان فغالي في "أخبار اليوم":

ما لا يعرفه كثيرون من اللبنانيين، ولاسيما منهم أولئك الذين ينتظرون البطاقة التمويلية ويعوِّلون عليها من اجل إعانتهم على ما سيصرفونه على المحروقات التي سيُرفَع الدعم عنها وعلى المواد الغذائية التي رُفِع الدعم عنها، ان هذه البطاقة مازالت أثرًا بعد عين، وان البحث فيها مازال في المربَّع الاول.

هذا ما كشفه الإجتماع الذي عُقِد برئاسة نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع والخارجية زينة عكر في حضور وزير الاقتصاد راوول نعمة مع وفد من شركات تحويل ونقل الأموال.

 

الخبر "الرسمي" يقول انه جرى خلال الإجتماع عرض لموضوع كيفية مشاركة شركات تحويل ونقل الأموال، والآلية التي ستعتمد من أجل تطبيق برامج المساعدات المالية لمساعدة المواطنين في حال بدء عملية الدفع لهم. وتم التأكيد أن البطاقة التمويلية سيبدأ تنفيذها خلال شهر أيلول، ويجري العمل مع وزارة المالية ومصرف لبنان والجهات المعنية على إيجاد الآليات السريعة لعملية التنفيذ في الوضع الضاغط إقتصادياً ومالياً.".

إنتهى الخبر "الرسمي".

ما  يلفت فيه ورود العبارة التالية:

"لمساعدة المواطنين في حال بدء عملية الدفع لهم"! السؤال هنا: لماذا استخدام صيغة التشكيك،

" في حال"؟ هل لأن هناك ريبة من عدم القدرة على الدفع؟

مشاركون في الاجتماع كشفوا لوكالة "اخبار اليوم" ان بلبلة سادت الاجتماع من خلال عدم إعطاء اجوبة حاسمة وحازمة على الاسئلة التالية:

ما هو عدد العائلات الذي سيستفيد من البطاقة التمويلية؟

كيف ستمَّول البطاقة التمويلية؟

هل ستُدفَع بالدولار "فريش" او بالليرة اللبنانية؟ وفي حال بالليرة اللبنانية ، فوفق اي تسعيرة للدولار؟ هل هي على تسعيرة المنصَّة أم على تسعيرة السوق السوداء للدولار؟

إذا كان الدفع سيتم عبر شركات الصيرفة وتحويل الاموال، فهل هناك كوتا معينة لكل شركة؟ ووفق أي معيار؟

إذا كانت كل عائلة ستقبض مئة دولار مثلًا على سعر عشرين الف ليرة للدولار، فهذا يعني انها ستتقاضى مليوني ليرة شهريًا، وإذا كانت هناك 750 الف عائلة تستفيد من البطاقة التمويلية فهذا يعني ان على مصرف لبنان ان يؤمن شهريًا 1500 مليار ليرة "كاش" فقط لتمويل البطاقة، عدا الرواتب والاجور التي صارت تُدفَع كلها بالليرة اللبنانية، فهل في مقدور مصرف لبنان ان يؤمن هذه الكمية الهائلة "كاش"؟ هل يمكن ان يلجأ إلى طبع مزيد من الليرات اللبنانية من مختلف الفئات؟ هل يتسبب ضخ المزيد من العملة اللبنانية في الاسواق اللبنانية في "تجفيف" الدولارات أو ما تبقَّى منها في الاسواق اللبنانية؟ وهل يمكن ان يؤدي ذلك إلى مزيد من الطلب على الدولار وارتفاع سعره؟

ما هي نوعية البطاقة التي ستوزَّع على المستفيدين؟ هل هي بطاقة ممغنطة ام سيتم تعديلها، بمعنى ان لا تكون ممغنطة؟ هل هذا التعديل يحتاج إلى تعديل قانون البطاقة التمويلية؟

وهل هذا يستدعي جلسة لمجلس النواب لتعديل القانون؟

هذه أسئلة لا بد منها، بعضها طُرِح في الإجتماع وبعضها طرحه بعض المشاركين، بعد الاجتماع في ما بينهم، لكن الجامع المشترك بين النوعين من الاسئلة ان لا احد استطاع تقديم اي جوابٍ شافٍ عنها! فهل تكون البطاقة التمويلية وسيلة امتصاص لنقمة العائلات بالتزامن مع رفع الدعم؟

وحتى لو طُبِّقَت فإن هذا الأمر لن يكون قريبًا كما تقول الوعود. فهل هي " طبخة بحص على نار هادئة " ؟