الدولة مفلسة طارت ودائعكم أين الحرائق؟

كتب راجع خوري في صحيفة النهار- عندما يعلن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي إفلاس الدولة ومصرف لبنان، فإنه عملياً لا يكشف شيئاً لا يعرفه اللبنانيون والعالم وطبعاً صندوق النقد الدولي، ولكن ربما كان عليه الحديث عن "تفليس" مصرف لبنان، لأن هذه الدولة دولة عصابات الفساد والنهب والتشبيح، هي التي ظلت تفرض عليه تمويل سرقاتها فوقع في الإفلاس، رغم انه كان عليه ان يقفل ابوابه في وجه دولة السرقات!

 

الشامي يقول انه سيجري توزيع الخسائر على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، وهذا كلام يفترض ان يقيم قيامة المصارف والمودعين باعتبار أنه تكرّم وأبلغنا ان الدولة مفلسة والبنك المركزي مفلس، بما يعني ان مسؤولية تغطية الإفلاس تقع على أموال المودعين المساكين الذين لم يتحركوا بعد لإحراق الدولة ومَن كان فيها من العصابات، وإذا كانت المنظومة السياسية الفاسدة هي التي أفلست الدولة، فمن الغريب ان يقول الشامي انه ليس هناك من تضارب في وجهات النظر حول توزيع الخسائر، وانه سيجري توزيعها على الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، ولكن إذا كانت الدولة افلست وكذلك مصرف لبنان وان الخسارة وقعت، فكيف يمكن مجرد التفكير في تحميل الناس وزر هذا الإفلاس الهائل؟
فعلاً ماذا يعني الدولة أفلست والخسارة وقعت، وسنسعى الى تقليل الخسائر على الناس، ومن الذي سيقوم بكل هذا يا سيدي، المنظومة السياسية الفاسدة عينها، التي افلست الدولة والمصرف المركزي والمصارف والناس؟ لا، هذا كلام لن يمر قطعاً حتى لو كان في لبنان المواطنون يُذبحون كالنعاج على يد المنظومة السياسية الفاسدة، ولم يشعلوا البلد بعد ويا للعجب!
في الاجتماع الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي بين وفد صندوق النقد الدولي وجمعية المصارف للبحث في المواقف من طريقة توزيع الخسائر، كانت هناك مطالبة واضحة بوضع اليد بأي طريقة من الطرق التي تراقبها إدارة دولية، على ممتلكات الدولة اللبنانية ومؤسساتها التي يمكن ان تشكل مورداً لتعويض الخسائر المالية عبر استثمارها أو تخصيصها بطرق ووسائل متنوعة بهدف تعويض الخسائر اللاحقة بكل من مصرف لبنان واصحاب المصارف والمودعين طبعاً.
هذا في ما يتصل بممتلكات الدولة اللبنانية التي لا يزال بعضها يُستعمل باباً للإهدار والنهب المقونن، كالعقارات والأبنية المؤجرة كتنفيعات، واذا أردنا الذهاب الى ما هو أعمق في دهاليز السرقة والنهب، يجب ان نتذكر المشاعات التي تقدَّر بملايين الدولارات والتي تستعملها الدولة لخدمة الأزلام، والى مئات ملايين الأمتار من المشاعات التي تم تسجيلها خلسة وسرقة كملكيات شخصية للزعماء وابنائهم وأزلامهم. وفي هذا المجال من المناسب ان يتذكر المرء مثلاً الإستملاكات بمئات الملايين التي جرت قبيل البدء بمشروع طريق الشام الدولية.
وليس خافياً ان التدقيق في دهاليز الموازنات اللبنانية يتكشف عن مزاريب للهدر المقونن عبر الجمعيات والمؤسسات والتنفيعات، الى درجة انه يتردد ان الدولة مستمرة في دفع مئات الملايين من الليرات لقاء إيجارات لمكاتب مهجورة ومتداعية منذ زمن، وهناك محظوظون يملكونها ويملكون رضى السلطة الفاسدة!
يواصل وفد صندوق النقد الدولي اجتماعاته مع الهيئات الاقتصادية، بهدف الوصول الى اتفاق - اطار قبل الانتخابات لأن دور الحكومة بعد الانتخابات سيقتصر على تصريف الأعمال، في حين ان على لبنان ان ينجز امرين مهمين يمهدان لحصوله على المساعدات وفق برنامج "خطوة إصلاحية مقابل دفعة من المساعدة"، فهو لن يحصل على المساعدة دفعة واحدة!
الدولة مفلسة، إذاً عليها ان تتحمل عبر ممتلكاتها المنهوبة على الأقل التعويض عن الإفلاس، فلا دخل للمصارف ولا للمودعين بقباحات العصابة التي ادارتها وتديرها كمزرعة سائبة ورثتها.