الروابط بمأزق: الحكومة تخذل الحلبي والأساتذة استنفدوا سلاح الإضراب

دخل العام الدراسي في موت سريري. بات من الصعب إيجاد علاج له في ظل تعنت أطراف في الحكومة وإصراراها على عدم إبداء أي مبالاة بمعاناة الأساتذة. وبات وزير التربية عباس الحلبي على قناعة أن العام الدراسي أنتهى، وينتظر من يعلن هكذا موقف بدلاً منه، تقول مصادر مطلعة في وزارة التربية، تعقيباً على جلسة الحكومة التي عقدت اليوم. فلم يبدر عن الجلسة إلا منح الأساتذة بدل نقل، عبارة عن دفع ثمن خمسة ليترات بنزين عن كل يوم عمل.


خمسة ليترات بنزين فقط
ووفق المصادر، أصر غالبية الوزراء المجتمعين على عدم منح الأساتذة بدل الإنتاجية بالليرة اللبنانية، أسوة بباقي القطاع العام، وعلى رأسهم وزير المالية يوسف الخليل، على اعتبار أن الأساتذة سيحصلون على بدل إنتاجية بالدولار من وزارة التربية من أموال مشاريع البنك الدولي.
وضع الأساتذة آمالاً على جلسة الحكومة التي عقدت اليوم الإثنين، لإقرار مراسيم دعم موظفي القطاع العام ببدل إنتاجية بالليرة اللبنانية. لكن جل ما بدر عن الجلسة موافقة مجلس الوزراء على منح الاساتذة والمعلمين 5 ليترات بنزين يوميًّا، وفق آلية تصدر بقرارٍ مشترك بين وزراء الطاقة والمال والتربية. لكن تم إرجاء البت بموضوع بدل الانتاجية لموظفي القطاع العام، بانتظار الدراسة التي يقوم بها مدير عام وزارة المالية جورج معراوي، تؤكد مصادر مطلعة.

ربط نزاع مع الحكومة؟
روابط المعلمين في القطاع الرسمي ستعقد اجتماعات لاتخاذ الموقف المناسب، كما تؤكد مصادر الروابط لـ"المدن"، مشيرة إلى إمكانية التوافق على فك الإضراب رغم عدم مبالاة الحكومة بالأساتذة وبالتعليم الرسمي. لكن الأمر بحاجة إلى عقد جمعيات عمومية للأساتذة لاستفتاء رأيهم. فالعودة إلى التعليم لن تكون يسيرة في ظل الفوضى الحاصلة، وعدم وجود رغبة لدى الحكومة في إيجاد حل للأساتذة.
وتضيف المصادر أن ثمة توجهات عند بعض الأطراف في روابط المعلمين، تفيد بأن الإضراب استنفذ، ويفترض إعلان العودة عنه ولو لمدة أسبوعين، تكون بمثابة ربط نزاع مع الحكومة لمعرفة ماذا ستقرره بخصوص بدل الإنتاجية للقطاع العام. ففي حال أقرت الحكومة بدل الإنتاجية للقطاع العام من دون الأساتذة، تعود الروابط حينها وتعلن الإضراب مجدداً، وتتحمل الحكومة مسؤولية قضاء على العام الدراسي. إذ لا يمكن الاستمرار بالإضراب إلى حينها إقرار الحكومة بدل الإنتاجية، مع ما يحمله الأمر من إمكانية تأجيله لأسابيع إضافية. لكن ثمة رؤوس حامية في الروابط ترفض أي ربط نزاع، على اعتبار أن الأساتذة يعيشون غلياناً ولن يعودوا إلى مدارسهم.

العودة يوم الإثنين المقبل مستحيلة
ووفق المصادر، الحكومة لا تريد أي حل، ويتعمد أطراف فيها تضييع المزيد من الوقت، كما لو أن ما ضاع من العام الدراسي يمكن تعويضه. ورغم ذلك باتت روابط المعلمين أمام خيارات صعبة، لأنه لا يمكن الاستمرار بالإضراب إلى ما لا نهاية. بل يجب أن يعود الأساتذة إلى التعليم ولو لمدة قصيرة.
وعن إمكانية العودة إلى التعليم الإثنين المقبل، أي بعد الانتهاء من استفتاء رأي الأساتذة، تعلق المصادر بأن الأمر يفترض أن يحل على مستوى الهيئات الإدارية للروابط بداية، والتوافق على رأي موحد بهذا الخصوص. وفي حال توافقت القوى السياسية في الروابط على هذا الأمر يصار إلى عقد جمعيات عمومية للأساتذة. غير ذلك يتكون العودة إلى المدارس الأسبوع المقبل متعذرة. وفي حال عقدت الحكومة جلسة أخرى الأسبوع المقبل، وأقرت بدل إنتاجية للقطاع العام واستثنت الأساتذة، ستتعقد الأمور أكثر من السابق.

لا يمكن تحقيق مطالب الروابط
مصادر مطلعة على ملف الحوافز التي يفترض أن تقر للأساتذة بالدولار من وزارة التربية، أكدت أن أموال البنك الدولي التي يفترض أن تدفع منها الحوافز غير متوفرة بالمبالغ التي أشيعت بعد اجتماع وزير التربية مع روابط المعلمين. وأموال صناديق المدارس، لدفع بدل إنتاجية بالليرة اللبنانية للأستاذة، تحتاج إلى آلية ومسار دونه عقبات كثيرة.
وتضيف المصادر أن مشكلة روابط المعلمين في أن بعض الأطراف فيها تريد الحوافز بالدولار كما وعد بها الوزير، وتريد بدل إنتاجية بالليرة اللبنانية مثل سائر موظفي القطاع العام. ومرد ذلك أن مرتبة الأستاذ بمعزل عن فئته الوظيفية، أعلى شأناً من مرتبة موظفي القطاع العام في الفئة الوظيفية عينها. وهذا الأمر يصعب تحقيقه في الظروف الحالية للبلد. هذا فيما على الأساتذة الاختيار بين بدل الإنتاجية التي ستقررها الحكومة للقطاع العام أو تلك التي سعى وراءها الوزير عباس الحلبي وحاول تأمينها بالدولار في محاولة منه لانتظام العام الدراسي. لكن يبدو أن مسعى الحلبي هذا لم يصل إلى خواتيمه المرجوة. فمطالب القطاع العام ومراسيم بدل الإنتاجية، التي كان يفترض أن تقر لموظفي القطاع العام في جلسة اليوم، أدت إلى رفع الأساتذة لواء مظلوميتهم، وتعقدت طرق الحل أمام الوزير الحلبي من جديد.