السلطة سبب الأمراض النفسية: بعد الذهول.. عنف ودم بين المواطنين!

"ويلٌ لأمة تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر"... هذا هو الواقع الذي اوصل دولتنا الى "الانهيار الحاد" اضف الى ذلك الفساد المعشعش في كل زاوية والمستشري في كل دائرة.
لقد ذهب جنى عمر اللبنانيين سدى وأحلام الشباب تتبخر تحت وطأة مستقبل مجهول... انها أزمة لم يشهد لبنان لها مثيلا منذ زمن طويل فالذل أصبح عنوانا لـ"يوميات لبناني".

وبعدما ثار الشعب في تشرين الاول العام 2019 على خلفية البحث في فرض ضريبة 6 دولار (حين كان سعر الصرف 1515 ل.ل.) على تطبيق الواتسآب، فان السؤال اليوم: لماذا يصمت "المواطن المسكين" الذي ينتظر ساعات امام المحطات لـ"تسول" بعض البنزين وكي يتمكن من تأمين ابسط حاجاته؟.. من أسكت العسكري الذي أهلكه سعر الدولار راضيا براتب لا يساوي ربع ما كان يقتضيه؟.. من أسكت الأم التي تذهب لشراء حليب لأطفالها ولا تجد.. واذا وجدته فسعره بات يوازي ربع مليون؟

ازمة أدخلت الوطن جبهة من دون حرب أو معركة! وكلما تفاقمت هذه الأزمة كلما سيطر الصمت على اللبنانيين.. من أين كل هذا الجمود؟ وهل رضخ الشعب؟ّ
يشرح الطبيب النفسي الدكتور وائل كرامة أن هذا الصمت المسيطر على الشعب يعبّر عن نوع من "التجاهل" ما يمثل الرفض التام للأمر الواقع الذي وصل اليه المواطنون. وعقب ذلك تأتي ردود الفعل غريبة نوعا ما، اذ يحاول المواطن أن يطمئن نفسه وكأن لا شيء تغير لاجئا الى السخرية وروح النكتة كـ "خود أركيلة وروح عالترامبة" وكأن الدولة لا تهدر من وقته وعرقه ولا تذله.
ويرى كرامة ان هذه الحالة قد تدوم لأشهر قبل الاعتراف بالوضع المذري في لبنان. وبعدها، ستظهر حالات عدة من الاكتئاب وقلة النوم وغيرها...
في هذا السياق، يشير الى أن هذا الواقع أدى اليه غياب الدولة والسلاح المسيطر اذ لا يمكن فصل الوضع السياسي عن الوضع النفسي خاصة أن ما يمر فيه لبنان اليوم هو حالة مختلفة عما سبقها من أزمات كذلك عما شهدته بلدان أخرى. ويصف ردة فعل المواطنين كحالة من "الذهول" أمام المتغيرات الجديدة.
وردا على سؤال عن النتائج التي ممكن أن تحصل بعد هذا الذهول؟ يجيب د. كرامة أنه سيسود العنف والدم بين المواطنين وبدأنا نلتمس هذه الحالة على المحطات، مبديا خشيته من أن تتكاثر الجرائم وحالات الانتحار نتيجة الفوضى والانكسار الذي يظهر على وجوه المواطنين الذين ينتظرون لساعات على المحطات مثلا.
ويختم أن الأمراض ستستمر بعد الأزمة لافتا الى أن الشعب اللبناني يعيش حالة من الـ "تروما" أي الاضطراب ما بعد الصدمة، وعندها يكون الانفجار الكبير.