الصايغ: ندعو حزب الله الى تحكيم لغة العقل بعيداً عن خطاب الكراهية والتخوين فلبنان أولا وأخيراً هو لبنان لنا جميعا ولا رغبة أو إرادة لبنانية بأن نستمر جبهة مساندة كانت او غيره.

وصف النائب الدكتور سليم الصايغ هدنة غزة بأنها خليط من هدنة ووقف اطلاق نار، ونحن في لبنان اعتدنا على مثل هذه الحالة إذ ننتقل من هدنة الى هدنة وقد نكون اليوم نعيش في هدنة داخل لبنان، والهدن في غزة ليس مستغربة انما المستغرب انها تأخرت.

واعتبر في حديث مع الاعلامي بسام أبو زيد عبر برنامج "نهاركم سعيد" أن المشهد في غزة الآن يزاوج بين  خطاب الكراهية لتبرير كل انواع الجرائم من إبادة و ضد الانسانية والحرب وبين العمل العسكري الذي لا يقيم اي اعتبار للحياة والاضرار. ورأى ان الهدنة في غزة يجب ان تفسح في المجال لعقلنة الصراع وتأطيره تمهيداً الى استشراف الأفق السياسي ، لذلك فالهدنة على أهميتها إنسانياً تؤكد على ضرورة أن نفكّر "سياسة" ونفتش عن مخرج لأنه لا يمكن إبادة شعوب وتغيير خرائط عسكرياً بفعل القوة الغاشمة.

ولفت النائب الصايغ الى ان ما يفرض الخطاب تطوّر موازين القوى على الارض "فالحديث كان بداية عن إجلاء قادة المقاتلين تمهيدا لإيجاد حل سياسي ولكن تشبث الناس من الفريقين بالارض له كلمة الفصل، فالقضية قضية مصير ووجود بالنسبة للفريقين وليس من السهل بالتالي أن يفرض أي رئيس أميركي ارادته على اسرائيل كذلك ليس من السهل على أن يفرض أي فريق ارداته على الفلسطينيين الصامدين".

وقال: "الخشية من أن ننحرف من قضية وطنية قومية فلسطينية الى حرب وصراع حضارات، كما أن الإستنجاد بالأمة الاسلامية لنصرة فلسطين ليس في مكانه إذ ان قضية فلسطين ليست قضية اسلامية فللمسيحيين في القدس ما للآخرين وربما أكثر، وفي أدبياتنا نتكلم عن الاراضي المقدسة" ورأى ان ثمة تطوراً نوعيا في خطاب حماس وهذا ما ظهر في موقف المسؤول في حماس في لبنان اسامة حمدان الذي ذهب الى نوع من الوسطية وعقلنة الخطاب.

واعتبر الصايغ أن اي هدنة طويلة اليوم يجب ان ترينا ما العملية السياسية التي ستطلق وهل ستصبح السلطة الفلسطينية أكثر تماهياً مع طرح حماس مما سيؤسس الى طرف فلسطيني جدي في اي عملية سلام، مشدداً على ان إطالة أمد الهدنة فرصة ذهبية للفلسطينيين يجب أن يتلقفوها للسير بها بسرعة والانتقال الى العملية السلمية.

وأوضح أن الانتقال من هدنة الى أخرى لا يمكن ان يطول ومن مصلحة اسرائيل ان تتلقّف اي فرصة جدية لإطلاق عملية السلام، فالإفق مسدود ولا انتصار عسكري حاسم وكل طرف أظهر قوته، من الأميركي الى الروسي فالإيراني الى الفصائل على الارض والوقت بات للعمل من أجل السلام وذلك يحتاج خطابا تأسيسياً، ولا يمكن ازالة لا اسرائيل ولا غزة عن الخارطة ولا أحد سيحقّق انتصاراً بالضربة القاضية بل الانتصار سيكون للسلام ويجب ان ينزل الفريقان عن الشجرة ونطلق خطاباً سلمياً مختلفاً ".

وركّز الصايغ على دور لبنان في أي عملية سلام، قائلاً: "لنساعد لبنان كي يصبح عاصمة ديبلوماسية ونلعب دورنا ونتكلّم لغة السلام، لأن الحرب بيّنت أن لا راعي لها وبرهنت أن هناك قراراً عند حماس ولو كان ثمة من يمون على الحركة أكثر من غيره فايران تعتبر حماس ورقة من أوراقها وتريد ان تحافظ على ما تبقى منها الا ان من دفع الدم لن يقبل بوكيل من هنا أو هناك. قد نشهد حواراً فلسطينياً فلسطينياً سريعاً يخرج من يتكلم بإسمه لأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس "ابو مازن" فقد الكثير من المشروعية لدى اسرائيل، ومن أهم انجازات ما بعد 7 تشرين استعادة الفلسطينيين القضية الفلسطينية والقرار الفلسطيني بعملية السلام في المنطقة".

وعن مشاركة حزب الله في حرب غزة، قال الصايغ:"حزب الله قال انه مساند لحرب غزة ولا يمكن المساندة اذا ما توقفت غزة عن الحرب، من هنا عندما تحلّ القضية الأمّ اي القدس فالقضية الفرعية لن يعود لها معنى.انا اساسا ضد جر لبنان الى الصراع العسكري  ولا يمكن أن يتحمّل لبنان وحده تبعات تحرير القدس بل الجامعة العربية هي من تأخذ القرارات".
وحذّر من أنّ توسّع الحرب أمر مرفوض ولا نية لحزب الله ولا ايران وأميركا بتوسيع الحرب ولكن هل سألنا الإسرائيلي ما يريد وهل يمكنه في ظل الحشد الغربي أن يفوّت الفرصة التاريخية لحلّ أموره بطريقة نهائية؟
من هنا كل خوفي ان نعطي اسرائيل اي حجة كي تبادر الى توسيع الحرب لاسيما أنها استدعت جزءاً من الاحتياط وعندها امكانية مادية للتعبئة لشهور طويلة والمساندة من الجنوب ضررها اكبر على لبنان.

وقال: "ننادي أصدقاء لبنان كي يمارسوا الضغط على ايران وحزب الله لئلا نعطي حجة لاسرائيل بحرب شاملة، ولن نقوم بفحص دم يومي بأن اسرائيل عدو لذلك ندعو الحزب الى تحكيم لغة العقل من دون خطاب كراهية او تخوين فلبنان اولا واخيراً بالنسبة لنا ولا رغبة أو إرادة لبنانية  بأن نستمر جبهة مساندة لأن هذا لا ينفع.

أضاف النائب الصايغ :"إانطباعي أن ميزان القوّة العسكرية لن يتغيّر وما هو قائم قائم والميزان الحقيقي هو ميزان القيم وإرادة الشعوب والشعب الفلسطيني يعطي دروساً بارادة تقرير المصير والمحافظة على أرضه ولا يحتاج لمساندة اي قوى أخرى غير فلسطينية".

وأكد ان لبنان لن ينفع القضية الفلسطينية اذا كان منصة صواريخ انما هو منبر حرية تعبير محفوظة في بيروت و"أن ننصر القضية من بيروت أهمّ من ان نُطلق الصاروخ من جنوب لبنان".

ولاحظ الصايغ ان حزب الله يضع مسافة ما بينه وبين الفصائل كي لا يتحمّل التداعيات انما الدولة غير موجودة فمن هو القائد الأعلى للقوات المسلحة اليوم في لبنان؟ ومن المسؤول عن الامن القومي في لبنان؟ معتبراً ان "السلطة هي وسيط بين الواجب الدستوري والمؤسسات الشرعية وعلى رأسها الجيش، وبين قوى أمر الواقع التي تستبيح ساحة الجنوب".

وسأل: كيف يتحرّك الجيش اذا لم يعطَ الامر ومن يعطيه الامر اليوم؟ مشددا على ان المدخل لعودة الدولة هي بإنتخاب رئيس للجمهورية فوراً.

وفي هذا الاطار:" أشعر أنّ الجميع تحسّس خطر غياب الرئيس اليوم وقد نذهب الى شيء ما في هذا الاتجاه اذ أن هناك قناعة بضرورة قيام دولة فعلية لا صورية".

وأضاف:" اذا صفت النوايا تسري عملية انتخاب الرئيس لأن البديل تحلل الدولة أكثر والذهاب الى سيناريو الفوضى ونتذكّر في الماضي ما حصل في ألوية الجيش وذهب كل لواء الى منطقته ونكون عندها قد خربنا آخر مربع تنطلق منه الدولة الا وهو الجيش اللبناني".

واشار الصايغ الى ان هناك جبهة مفتوحة في الجنوب ولا يمكن لأحد ان ينصر وينتصر وأضاف:"لسنا أصحاب الأرض في غزة بل نحن أصحاب الأرض في لبنان ولدينا نظرة الى لبنان يعبّر عنها الدستور ولن نتنازل عن ذلك واذا غابت الشراكة على قدم المساواة فذلك يؤسس الى ما لا يحمد عقباه".

وشدد على أننا لن نقبل ان يصرف ما يحصل في فلسطين في الداخل اللبناني ولن نقبل بالضغوطات الكبيرة لأننا لا نرى كيف سيعطى شرق المتوسط الى ايران، بل نلاحظ أنّ هناك دعماً أميركياً لإيران في ايران ولا دعم لها في مشروعها الإقليمي، والايراني يعمل لتحسين موقعه التفاوضي ويريد ان يظهر شريكاً مسؤولاً يستطيع ان يشتري ويبيع في سوق قضايا الشرق الاوسط.

ورأى الصايغ ان إشارات حزب الله تجاه البطريرك الراعي هي لمد الجسور لأن الحزب يعلم أن وضعه سيكون صعباً أيا كانت نتيجة المعركة في غزة.

وقال:"سنطوي الصفحة مع رئاسة جمهورية تقوم على أساس المساواة وسنتحاور، "لا أحد يشك بأن قوة حزب الله لا يجب ان تكون في سلاحه لأن معادلة الحرب والسلم لا تسمح له بإستعمال فائض قوته كما يحصل مع قواعد الاشتباك في الجنوب، واذا كانت المنطقة ذاهبة الى السلام فهل سيعود حزب الله قويا بسلاحه؟"

وأعلن النائب الصايغ أنه مثّل حزب الكتائب وقدّم واجب العزاء للنائب محمد رعد بوفاة نجله، والنائب سامي الجميّل اتصل به للمحافظة على جسور التواصل بين كل اللبنانيين مشيراً الى ان التفتيش عن القيم المشتركة في اليوم الثاني للحرب أمر ضروري.

وشدد على ان خطوط التماس الحقيقية يجب ان تسقط ونحن نريد لبنان "بشير الجميّل" والـ10452 ولنا حصة في كل كيلومتر لأن بناء السلام أصعب بكثير من الذهاب الى الحرب.

واعتبر انه اذا لم يطبّق القرار 1701 فهذا لا يعني انه غير موجود فإتفاق الهدنة 1949 والقراران 1701 و1559 كلها سلة قرارات تشكّل القانون الدولي الذي يرعى لبنان والأرضية الصالحة للتدخل لحماية الاستقرار او ما تبقى منه في لبنان.
وحذّر الصايغ من ان الدول المشاركة في اليونيفيل قد تكون أمام خيار سحب كل قواتها وعندها يصبح لبنان مكشوفاً بالكامل مؤكدا ان الجيش يحتاج قراراً سياسياً لأنه قادر على فرض الأمن.

وقال: "الجيش موجود في رميش على سبيل المثال ومنصات اطلاق الصواريخ التي تطلق من عين ابل ورميش تعتبر انتهاكاً واضحاً للقرار 1701 والجيش لا يقدر ان يتدخّل لان لا أمراً سياسياً لديه".

أضاف:"اذا تمّ  الاعتداء على الاراضي اللبنانية فمسؤولية الشعب كلّه ان يدافع ولكن ليس نحن من يجب ان نفتح حرباً عبرالحدود ونختار المواقع ونصدر بيانات يومية، ولا يجب أن ننسى اننا نحن من فتحتنا الجبهة في الجنوب بعد 7 تشرين الاول وانتهكنا القرار 1701 واشعلنا الجبهات من الناقورة الى مزارع شبعا وخوفي ان تتحمّل الدولة اللبنانية المسؤولية عن افشال القرار 1701.

وسأل: هنا من نعاقب؟ وأخشى ما اخشاه ان تعتبر الدولة فاقدة لمقوماتها وبالنتيجة لا مكان لها، ونتجه عندها الى قرارات أممية أخرى اشد قساوة على لبنان من 1701 تفرض على لبنان ما لا يفرضه الـ1701 من هنا نسمع اليوم تقارير صحافية عن نوايا للعودة الى المنطقة الآمنة جنوبي الليطاني لا قواعد اشتباك لا نعرف من وضعها، وهذا لا يؤسّس للسلام فهل نعيد سيناريوهات الماضي ونخرب لبنان".

وتابع الصايغ: "اليوم الفرصة متاحة اذا لم يغلبنا المنطق المؤسساتي ان نصبح عشائر متناحرة وهذا سيكون مقتلا لكل اللبنانيين لاسيما المسيحيين".

وعن انتخاب رئيس للجمهورية قال الصايغ:" لا حديث جدياً معنا بعد ولكن المواعيد تُضرب في آخر لحظة وليس الكتائب العقبة ولا المعارضة انما العقبة معروف أين تكمن ومن يمنع قيام رئاسة الجمهورية، فليحلّها الثنائي الشيعي ويتأكدا انهما لا يمكنهما فرض رئيس على لبنان".

وأشار الى ان ثمة تماهٍ كامل مع المعارضة "ونحن من ضمنها، وعبّرنا لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي أننا مع تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزيف عون ونحن على تماهي مع مواقف غبطة البطريرك الراعي وليس الوقت لزعزعة الثقة بما تبقى من مؤسسات الدولة خاصة ان ما هو مطروح اليوم فئوي لا يمت الى الخير العام بصلة".

وعن قول الرئيس بري ان المشكلة مارونية، قال الصايغ:" انها حجة قديمة جديدة من نوع "التنقيف" السياسي ونحن في المعارضة لسنا مسيحيين فقط انما من كل الطوائف وحرام ان نعطل المؤسسات ونضع الحجة عند المسيحيين دائما".
وختم متحدّثاً عن جولته في استراليا، فقال: "رأيت لبنان في استراليا وعبّرلنا اللبنانيون هناك عن رغبتهم بإعادة بناء لبنان كما سيدني وملبورن، وهم ينشدون العودة الى الجذور. واكتشفت جالية ووطناً قائما بذاته مشيداً بدورهم في السياسة الاسترالية. و"بالنتيجة الجولة ليست علاقات عامة انما استكمال لجولة البطريرك الراعي وتوحيداً للجهود اذ اكتشفت ان الجالية في استراليا بتضامنها وحرصها على الوحدة وعلى القيم اللبنانية الوطنية والاجتماعية تعطي نموذجا صالحا للداخل اللبناني ".