الكازينو "أونلاين" يثير السجال والجدال مع هيئة الشراء العام

كتبت سلوى بعلبكي في النهار: 

كعادته، القانون في لبنان وجهة نظر، وله استعمالات ووظائف عدة، وفق ما يبتغيه مطبقوه ومعارضوه في آن واحد. أبرم كازينو لبنان عقداً مع شركات تتعاطى إدارة ألعاب الميسر "أونلاين"، إعتبرته إدارته قانونيا وعادلا في الشكل والمضمون والجدوى الاقتصادية، فيما اعتبره آخرون ومنهم هيئة الشراء العام غير قانوني لأنه لم يُعرض عليها.

تصرّ إدارة الكازينو على أن المشروع موضوع الجدال، تقرر قبل إقرار مجلس النواب قانون "الشراء العام"، وتاليا لا تسري عليه إلزامية المرور بدائرة المناقصات، اضافة إلى أن الخضوع لقانون الشراء العام من عدمه، يحمل التأويل وربما قد يكون غير ملزم في بعض الحالات.

من جهتها، هيئة الشراء العام تعتبر أن العقد غير قانوني لأنه لم يمر عبرها، وتستند في ذلك الى أحكام قانون الشراء العام الذي يلزم الشركات والمؤسسات التي تملكها الدولة أو تملك حصة فيها، الخضوع للقانون والمرور بالهيئة كما تقتضي موجباته.

هاتان الوجهتان، مع ما تتسببان به من إرباكات قانونية ومالية، وما تثيرانه من شبهات وشكوك، تتحولان كالعادة "اللبنانية" إلى اتهامات متبادلة بمخالفة القانون، وعدم الشفافية، وهدر أموال عامة، وتحضر السياسة و"الطائفية" أحيانا، واصطفافاتهما في تفسير القانون وروحيته ومندرجاته وووو... ليسقط الجميع كما مئات المرات سابقا، في دوامة من التساجل الإعلامي المتبادل لا حدود له، ولا مرجعية موثوقة تحسم بالعلم والخبرة والموقع، صحة الأمر من عدمه. وفي حال وُجد من يتصدى لهذه المسألة، محاولا إنقاذ ما تبقّى، أو درءا لسوء قد يقع، يضيع في متاهة أو يضيّعه أهل الأزمة في فقه كل منهم، لأن القانون في لبنان بغياب مشروع الدولة وحكم القانون، كان، ولا يزال، كما الأرقام "وجهة نظر".

هل ينطبق قانون الشراء العام على كازينو لبنان؟ وهل صحيح أن إحدى الشركتين التي تم تلزيمهما من ادارة الكازينو لألعاب الميسر عبر الإنترنت لها ارتباطات مع "إسرائيل"؟ سؤالان أثيرا في الساعات الماضية وضجّت بهما وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي. لكن القضية لم تقف عند هذا الحد، إذ إن تسريب كتاب موجّه من هيئة الشراء العام الى ادارة الكازينو، فيما مضمونه يتعلق بشركة طيران الشرق الاوسط، اعتبره البعض فضيحة بحق الهيئة، في حين اعتبر البعض الآخر أن تسريبه مقصود لحرف الانظار عن القضية الاساسية.

وما بين هذا وذاك، تدخّل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي فوجّه كتابا الى وزير المال يوسف الخليل "للتحقق من صحة هذا التلزيم وخضوعه للشروط والإجراءات القانونية المفروضة بحسب الأصول، وبما من شأنه تطبيق القانون وتحقيق الشفافية المطلوبة، وعرض الموضوع بتفاصيله ومستنداته كافة على ديوان المحاسبة وعلى هيئة الشراء العام، كل بحسب إختصاصه، لإبداء الرأي القانوني بشأنه، لاسيما حول طريقة التعاقد ومضمونه، وتعليق العمل بالتلزيم برمته الى حين ورود الآراء المطلوبة".

وللوقوف على التفاصيل، استقبل ميقاتي رئيس مجلس الإدارة المدير العام لكازينو لبنان رولان الخوري بحضور وزير السياحة وليد نصار والمدير العام لوزارة المال جورج معراوي. وبعد شرح خوري مراحل وتفاصيل ودقائق استدراج العروض التي افضت الى تلزيم خدمة لعب الميسر عبر الإنترنت (اونلاين)، تقرر عدم تجميد العمل في منصة "الاونلاين" التابعة للشركة، على أن يصار إلى تقديم كل المستندات المطلوبة إلى ديوان المحاسبة في الأيام المقبلة تأكيدا لقانونية عملية التلزيم وشفافيتها.

خوري أكد لـ"النهار" أن الكازينو هو شركة خاصة (ش.م.ل)، وتاليا لا تخضع لهيئة الشراء العام، لافتا إلى أن استدراج العروض لتفعيل ألعاب المراهنات عبر الإنترنت تم في العام 2021.

ولم يستبعد خوري أن تكون ثمة خلفيات سياسية وغير سياسية لإثارة الموضوع، خصوصا أن إثارته جاءت بعد بدء شركتي "ألفا" و"تاتش" وهيئة "أوجيرو" بإغلاق عشرات المواقع الإكترونية غير الشرعية بناء على إشارة من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، مشيرا إلى أن انطلاق اللعب "أونلاين" بدأ قبل 6 أشهر تقريبا.

وبالنسبة الى ما يشاع عن أن ثمة شركة من الشركات التي تم تلزيمها لها علاقة بإسرائيل، نفى خوري أي علاقة للشركات التي جرى تلزيمها بإسرائيل، بدليل أن وزارة الاقتصاد ارسلت كتابا الى الكازينو تؤكد فيه أنه يمكن التعامل مع الشركات التي تم تلزيمها.

وإزاء هذا اللغط، علمت "النهار" أن ميقاتي استقبل خوري بحضور وزير السياحة وليد نصار والمدير العام لوزارة المال جورج معراوي، حيث قام خوري بشرح مراحل وتفاصيل ودقائق استدراج العروض التي أفضت الى تلزيم خدمة لعب الميسر عبر الإنترنت (اونلاين). كما ابرز الوثائق التي تثبت عدم التعامل مع اسرائيل، وذلك عبر كتاب موقّع من وزارة الاقتصاد عبر مكتب مقاطعة اسرائيل الإقليمي والامن العام، وأكد للمجتمعين ان استدراج العروض تم في 11-6-2020 اي قبل البدء بتنفيذ قانون الشراء العام.

 

وبناء على هذه الإيضاحات، طلب ميقاتي منه اعداد كتاب خطي بتلك الشروحات لدرسها، على ان يصار الى الالتزام بقرار التعليق فور تبلغ الشركة له، وذلك في انتظار ورود الاراء المطلوبة من ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام.

لا ينكر رئيس هيئة الشراء العام جان العلية الخطأ الذي وقعت فيه الهيئة، اذ انها ارسلت كتبا الى الجهات كافة، ومن ضمنها "الميدل ايست"، "وقد استدركنا الامر بالاتصال بخوري والاعتذار عن الخطأ المادي الذي حصل". ولكن هذا الخطأ برأيه "لا يخوّل إدارة الكازينو مخالفة القانون، فتطبيق القانون لا يتوقف على مراسلة بيني وبينه. صحيح اننا أخطأنا، لذا فليحاسبونا بالطرق الإدارية بدل التذرع بهذا الخطأ لمخالفة القانون وبدل التشهير بنا وتوزيع الكتاب على وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي".

وفي حين يؤكد خوري أن قانون هيئة الشراء العام لا ينطبق على الكازينو كونه شركة خاصة (ش.م.ل)، يوضح العلية: "بالنسبة إليّ القانون يطبق على الكازينو، وفي حال كان رأي خوري مخالفا لرأيي فليراجع مجلس النواب، او فليرد على كتابنا بكتاب آخر يشرح فيه الاسباب التي تجعل الكازينو لا يخضع للقانون".

واكد انه "اذا أصر خوري على عدم تقديم العقد الى هيئة الشراء العام، سأطعن به، وسأطلب من ديوان المحاسبة تغريمه بالحد الأقصى من الغرامات المالية المنصوص عليها في المادة 112 ثالثا من قانون الشراء العام، اضافة إلى ممارسة حقها في اللجوء إلى المراجعات القضائية عند الاقتضاء وفقا لأحكام المادة 77 من قانون الشراء العام. وفي حال كانت حجته الكتاب، فليدلي به أمام القضاء، وليأخذ القانون مجراه، علما أن خوري كان قد اتصل بي، وأعلن استعداده لتطبيق القانون وإرسال الوثائق والمستندات المتعلقة بالعقود التي تجريها إدارة الكازينو إلى الهيئة. إلا أن هذا الأمر لم يحصل". وكان العلية أصدر بيانا أمس، حول ما يتردد في الإعلام أن إدارة الكازينو تقوم بإجراء تلزيمات خلافا لأحكام قانون الشراء العام والمذكرات التطبيقية له الصادرة عن رئيس الهيئة، وأهمها المذكرة الرقم 15/ هـ.ش.ع./2022 تاريخ 7/12/2022 المتعلقة بوجوب امتثال المتعاقد معه من غير الجنسية اللبنانية لأحكام قانون مقاطعة العدو الإسرائيلي".

ولكن، وفق المعلومات فإن القضية بدأت حين أعلنت إدارة الكازينو عن استدراج عروض من شركات للعب على الإنترنت، في العام 2021، وارسلت الى المديرية العامة لوزارة الاقتصاد اسماء الشركات المشاركة في استدراج العروض، فتبين للمدير العام للوزارة محمد أبو حيدر أن ثمة شركتين تدور حولهما شبهات في شأن علاقتهما بإسرائيل هما شركة «Oryx Gaming» و«Bragg gaming group»، فطلب من الكازينو عدم التعامل معهما، وأوقفت على اثرها العملية برمتها. ومن ثم أعاد الكازينو المحاولة عبر 5 شركات جديدة هي: Intuition Software Solutions Limited، TV ZaidiMaiLtd، The Holdings A.S، Evenbet GamingLimited، وEZUGI N.V. فأرسل أبو حيدر اسماء هذه الشركات الى الامن العام للتحقق من عدم علاقتها بإسرائيل، فكان الجواب أن "شركة EZUGI N.V تأسست عام 2012 في كيان العدو الاسرائيلي على يد ضابط سابق في جيش العدو، عنوانها في مالطا ولاتفيا وفي قبرص، إلا أن الخادم الرئيسي لكافة الفروع هو في تل أبيب في كيان العدو الاسرائيلي".

وابلغ أبو حيدر ادارة الكازينو المعلومات عن EZUGI N.V في انتظار البت بالشركات الاربع الاخرى، لكن ادارة الكازينو بدأت بتلزيم الشركات الاربع بناء على معلومات من أحد اعضاء مجلس ادارة كازينو لبنان بأن وزير الاقتصاد أجرى اتصالاته بالمكتب الرئيسي لمقاطعة اسرائيل وحصل على معلومات أن في امكانها البدء بالعمل مع الشركات المعنية، فباشرت العمل قبل الحصول على الكتاب الرسمي من الوزارة.