الكويت تُموّل إعداد دراسة لبناء أهراء جديدة.. هل ستتكفل بالبناء؟

لا تزال صوامع أهراء القمح التي دفعت الثمن الأكبر بعد الضحايا، في انفجار مرفأ بيروت، منتصبة في وسط الخراب، فيما ينتظر اللبنانيون همّة الدولة لمعالجة مشكلة "تشرّد" تخزين القمح وتشتته بين المطاحن الخاصة، وبعض المخازن التابعة للدولة في بيروت والبقاع.

في الانتظار، عادت "النخوة" الكويتية عبر تبرّع الصندوق الكويتي بتكاليف وضع دراسة علمية لمشروع بناء صوامع جديدة، بديلة من الأهراء المدمّرة، التي قرر وزير الثقافة غسان سلامة وضعها على لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية في لبنان.

المنحة الكويتية بقيمة 1.5 مليون دولار خُصّصت لتمويل الدراسات التفصيلية الخاصة بإنشاء أهراء جديدة لتخزين الحبوب، تشكل وفق وزير الاقتصاد عامر البساط، "المرحلة الأولى للبدء بأعمال بناء الأهراء في مختلف المناطق اللبنانية في أقرب وقت ممكن، بما يعزز الأمن الغذائي الوطني ويؤمن بنية تحتية استراتيجية لحماية المخزون الغذائي، وضمان استقرار الإمدادات وتخفيف المخاطر المرتبطة بالأزمات العالمية أو الظروف المحلية الطارئة".

فهل ستشمل الدراسة إعادة إعمار أهراء المرفأ؟ يؤكد وزير الاقتصاد لـ"النهار" أن الهبة الحالية تتعلق بإعداد دراسة تفصيلية لبناء أهراء جديدة في بيروت وخارجها فقط، وليس لها علاقة بما بقي من أهراء مرفأ بيروت". وبحسب التوجهات التي لا تزال قيد الدراسات الأولية، يرجح البساط أن "تُبنى أهراء جديدة في موقع آخر داخل مرفأ بيروت، نظراً إلى صعوبة إعادة ترميم الأهراء القديمة، ولأنها مع محيطها ستتحوّل إلى "نصب" يؤرّخ انفجار المرفأ في الذاكرة الوطنية". ويقول: "نسعى إلى تحقيق نوع من "لامركزية" في التخزين الغذائي، عبر دراسة إمكان إنشاء أهراء أخرى موازية، في طرابلس والبقاع، تتفاوت أحجامها، لكنها حتماً لن تكون بحجم الأهراء الحالية، بحسب التقديرات الأولية".

ويؤكد البساط أنه لإجراء الدراسة "ستُستدرج عروض لشركات استشارية وهندسية ومعمارية محلية ودولية، ووفق الشراء العام والشفافية المطلوبة".

هل ستتكفل الكويت ببناء الأهراء؟

وعشيّة الذكرى السادسة لانفجار مرفأ بيروت، حسم وزير الثقافة الجدل حيال الخيارات المتداولة في شأن الصوامع "الجريحة" لأهراء القمح، إذ بعدما أشيع عن خياري هدمها أو ترميمها، قرر وزير الثقافة وضعها على لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية في لبنان، على أعتبار أنها "موقع ذو قيمة تاريخية ووطنية خاصة". ويستبعد البساط خطر انهيارها، مؤكداً أن "الدراسات تشير إلى أن أساساتها لا تزال قوية ومتينة، ولا تزال قادرة على الصمود رغم ضخامة الانفجار وعوامل الطبيعة".

قد تكون المنحة الكويتية لإعداد دراسة علمية لمشروع بناء صوامع جديدة، مرتبطة بموقفها التاريخي، المساعد الدائم للبنان في الأزمات من جهة، وبارتباطها الأدبي والأخلاقي والعاطفي بموضوع الأهراء التي بُنيت عام 1969 بقرض منها. فهل هذا يعني أنها ستتكفل ببناء الأهراءات الجديدة؟

يوضح البساط أنه حتى الآن "لا التزام كويتياً (الصندوق الكويتي) بإعادة بناء الأهراء بعد انتهاء الدراسة، وإن كان ذلك لا ينفي إيلاءها المشروع اهتماماً كبيراً نظراً إلى دورها التاريخي في بناء أهراء المرفأ. وقد يُشكل مستقبلاً تحالف للحصول على تمويل إضافي لبناء أهراء عدة، لكن كل ذلك يعتمد على نتائج الدراسة النهائية".

الهدف من بناء الأهراء الجديدة هو إنشاء مخزون استراتيجي، على أن يُخصّص جزء منه للطوارئ، بما يعكس أهمية التخزين الاستراتيجي في ظل التهديدات المحتملة، سواء كانت حروباً أهلية أو عدواناً خارجياً. ويقول البساط إنه "في إطار التخطيط للأمن الغذائي، يتم التركيز على اللامركزية، فبيروت تبقى مهمة لوجود المرفأ والمطار والكثافة السكانية، فيما تتميز طرابلس بمينائها وقربها من سوريا للتصدير. أما البقاع، فمخصّص لتخزين الإنتاج الداخلي".

والمعروف أنه "يجري حالياً استيراد القمح عبر القطاع الخاص تحت إشراف الدولة. ويتم التخزين في مخازن متعددة تابعة للمطاحن أو للقطاع الخاص، وفي المخازن التابعة للدولة، وهي مخازن صغيرة إجمالاً". ويشير البساط إلى أن "المخزون الحالي يراوح بين 40 و50 ألف طن، ويكفي لمدة شهر ونصف إلى شهرين، في ظل استهلاك شهري يبلغ 25 إلى 30 ألف طن".