اللبنانيون يترقبون "فسحة أمل" في احتجاجات الإيرانيين..

يتابع اللبنانيون الاحتجاجات الشعبية في إيران، وكأنها تجري داخل بلدهم، واستطاعت مشاهد التظاهرات أن تشغلهم لبرهة عن همومهم المعيشية الضاغطة والأزمات المتعددة التي تعصف بلبنان، وتهدد مستقبله ووجوده.

ويزداد الانشغال اللبناني بالأحداث الإيرانية نتيجة سطوة "حزب الله" على الحياة السياسية وتحكمه بأداء السلطات اللبنانية، فضلا عن إمساكه بالسياسة الخارجية للبلاد وقرار السلم والحرب فيها، فيما لا تخفي الميليشيا الشيعية اللبنانية تبعيتها الآيديولوجية والمالية، وارتباطها العضوي بنظام "ولاية الفقيه" في إيران.

كل ذلك، أشعر فئات كبيرة من اللبنانيين بأنهم باتوا في ظل "احتلال إيراني للبنان" من الواجب التحرر منه، الأمر الذي يفسر سبب الترقب الذي يعيشه اللبنانيون تجاه الاحتجاجات التي تجعل النظام الإيراني يعيش "أسوأ أيامه" وفق وصف مراقبين.   

ويذكر الأستاذ الجامعي بأن بيروت "واحدة من العواصم العربية الأربع التي يهيمن عليها النظام الإيراني بشكل تام، لا بل هي أكثر عاصمة يهيمن عليها كون حزب الله هو الذراع الأقوى لإيران في الخارج، وبالتالي شئنا أم أبينا نحن مرتبطون بالحدث في إيران على المستوى السياسي".

صالح يشرح الأبعاد التي ينظر منها إلى الاحتجاجات في إيران، والتي تبدأ من "حق الشعب الإيراني في التعبير عن نفسه والمطالبة بحقوقه من جهة، وتأثير هذا الحراك على الوضع الداخلي في لبنان من جهة أخرى، فضلا عن تكامله مع موجة مواجهة الإسلام السياسي المتنامية في المنطقة، ويتضح الأمر من خلال منطلق هذه الاحتجاجات وأساليب التعبير فيها المرتبطة بقضية فرض الحجاب على المجتمع، وصولا إلى البعد المرتبط بالحركة النسوية ووضع المرأة بشكل عام في هذا الجزء من العالم والذي يمتد من لبنان إلى إيران مرورا بالمحيط العربي".

ووفقا للمحلل السياسي غسان جواد، " لا أثر مباشرا لها على الواقع اللبناني، وعلى موازين القوى فيه"، معتبرا أن "بعض اللبنانيين ينساقون في تحليلات غرائزية وعاطفية يخلطون الأمور ببعضها، ويقومون بإسقاطات للأوضاع الدولية على الواقع المحلي بما يخدم طموحاتهم ورغباتهم واصطفافاتهم الداخلية فيما الواقع غير ذلك كليا".

وعلى الرغم من التعارض في الموقف السياسي، إلا أن كلام جواد يتوافق مع رؤية الأمين العام لـ"المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان"، مصطفى علوش، لناحية استبعاد التأثير المباشر على الواقع اللبناني.

"إلا في حال سقوط النظام الإيراني"، يقول علوش في حديثه لموقع "الحرة"، ويستدرك "لكنه أمر ليس بمتناول اليد حاليا، مع العلم أن معظم الأنظمة القمعية تسقط فجأة، وليس بالضرورة ان تنحدر بشكل تدريجي، لكن النظام في إيران لديه أدوات قمعية أوسع بكثير من أن يسقط في هذه اللحظة، وبالتالي أظن أن الأمر لن يغير شيئا في سلوك حزب الله في هذه المرحلة في لبنان، والأمر الوحيد إللي ممكن يغير المعادلة هو أن يتحول النظام الإيراني إلى نظام طبيعي كما كل أنظمة العالم، يحترم حريات الناس ويتعايش مع الدول المحيطة به كأي دولة عادية".

علوش يحذر من أن الأنظمة القمعية  تلجأ في أكثر الأحيان إلى العنف بأقصى درجاته، "ولا أظن أن الوضع حاليا سوف ينعكس، إلا إذا كان خياره اللجوء إلى مواقف أكثر تشددا في لبنان"، مؤكدا على أن "الأمر متروك إلى كيفية تطور الأحداث في إيران وإذا ما ستحمل مزيدا من تحكم للثوار بمسار الأمور، ولكن بحسب التجربة التاريخية في إيران وبوجود مئات آلاف المناصرين للخمينية السياسية، الأمر سيؤدي إلى حمام دم إذا ما شعر النظام بتهديد لوجوده".

يرى الاستاذ الجامعي باسل  صالح في حديثه لموقع "الحرة" أن لبنان وصل إلى مرحلة انسداد في الأفق منذ نحو عامين وحتى اليوم، وهو ما ترجم على شكل حالة إحباط وملل عام في الشارع اللبناني، إلا أن ما جرى في إيران، وما أظهره الشعب الإيراني من استمرارية وصلابة أعطى نفسا إيجابيا جدا في لبنان.

ويضيف "نشعر بعنفوان على المستوى الإنساني، لاسيما مع طابع الاحتجاجات النضالي النسوي الراديكالي، والذي يصل إلى استشهاد ناشطات إيرانيات يوميا في مواجهة النظام، هذا النفس الإيجابي ساهم في شد الانتباه اللبناني إلى ما يجري في إيران، بالإضافة إلى تداعياته السياسية في هذه اللحظة التي بلغ فيها اللبنانيون مرحلة مشابهة ليس أمامهم إلا القتال لتحصيل حقوقهم".

يصف الناشط السياسي الاحتجاجات في إيران بـ "فسحة أمل، تحمل رجاء للبنانيين بتغيير ما قد ينعكس عليهم، لاسيما لناحية حزب الله، والدور الذي يلعبه في تقويض أي فعل اعتراضي في لبنان، وبالتالي هذه التظاهرات هي التي يمكن أن تضرب في المكان الصحيح لإحداث تغيير ما في لبنان والمنطقة المتأثرة بالدور السلبي الذي تلعبه إيران.