اللّبناني يخاف الجوع ويسأل عن تخزين طعامه... فماذا يقول الشيف أنطوان؟

يُستحضَر في العادة، خلال فترات الأزمات، المَثَل الشّعبي الذي يقول إن "القلّة تولّد النقار". ولكن الأزمة المعيشية اللّبنانية التي بدأت مفاعيلها بالظّهور بعد اندلاع انتفاضة 17 تشرين الأول، وازدادت بعد أزمة تفشّي فيروس "كورونا"، أضافت الى المشهد اليومي المَثَل الشعبي القائل إن "الحاجة هي أمّ الإختراع"، ولا سيّما في كلّ ما له علاقة بالمطبخ.

فمواد غذائية كثيرة باتت مفقودة من الأسواق. فيما يتّجه اللّبنانيّون مُكرَهين، للإلتزام بسلّة غذائية مدعومة، قد تُصبح الملاذ الغذائي الفعلي لأكثرية لبنانية ساحقة، في أواخر العام الجاري، خصوصاً أن القدرة الشرائية تتآكل يومياً، وعدد الفقراء يزداد.

المطبخ

فضمن هذا الإطار، تتّجه الأنظار الى المطبخ، والى ما يُمكن أن يحتويه لتأمين الأمن الغذائي للعائلات، بمعيّة فقدان الكثير من السّلع من الأسواق، أو عدم القدرة على شرائها إذا توفّرت في المحال والسوبرماركت، بحُكم أن أسعارها باتت مرتفعة جدّاً.

تفجير مواهب

هذه الحالة، دفعت وتدفع بكثيرين الى "تفجير" مواهبهم "المطبخية". وساعدهم على ذلك، فترة المكوث في المنازل بسبب الحَجْر الصحي الذي تسبّب به فيروس "كورونا" قبل ثلاثة أشهر. فارتفع منسوب نشر صُوَر وفيديوهات لمأكولات وأطعمة وحلويات على مواقع التواصُل الإجتماعي، من الصّعب تحضيرها في المنازل في العادة، وما كان أحد يفكّر بتحضيرها منزلياً أصلاً، قبل أقلّ من سنة. حتى إن كثيراً من النّساء والرجال على حدّ سواء، باتوا يُنافسون أكبر وأشهر الطهاة حول العالم.

"توفيرية"

وبموازاة ذلك، يطرح غلاء الأسعار ضرورات التوجّه نحو الأطعمة "التوفيرية"، و"إعادة هيكَلَة" المطابخ لتتناسب مع الجيوب الفارغة أو شبه الفارغة، بلا أي انعكاس سلبي على الأمعاء. وهذا كلّه يطرح ضرورة تأمين البدائل الغذائية الصحية، دون المساس بالأمن الغذائي للكبار والصّغار على حدّ سواء، بموازاة عدم إنفاق الكثير من الأموال.

فلا عيب في الاكتفاء بما يُحضَّر، خصوصاً أن عائلات كثيرة لا تملك ولو كسرة خبز واحدة. والله "يشبع" الجميع من نعمته، على الدّوام.

الشيف أنطوان

أوضح الشيف أنطوان الحاج أن "لبنان بلد زراعي، وفيه أشجار مثمرة تسمح بالاكتفاء الذاتي من الخضار والفواكه والحمضيات بنسبة كبيرة. فضلاً عن أنه ينشط فيه إنتاج زيت الزيتون. ومهما انخفضت القدرة الشرائية لدى الناس، فإن تلك الأصناف والسّلع تبقى متوفّرة للجميع، بنسبة كبيرة. وهي أساسية للمطبخ، ولتأمين غذاء صحي".

وأكد في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" ضرورة "توجيه النّاس الى التخفيف من استهلاك اللّحوم، واستبدالها بلحم الدّجاج الذي يتميّز بأنه مغذّي. ويتمتّع بنِسَب بروتينات مهمّة أيضاً، وهو أخفّ من اللّحوم الحمراء، من حيث أنه يحتوي على سعرات حرارية ونِسَب كولسترول، بنسبة أقلّ منها".

وشدّد على "أهميّة استهلاك الحبوب. فنحن معتادون عليها في لبنان، ولا سيّما البرغل والفاصوليا والحمّص والعدس مثلاً، التي تحتوي على مواد بروتينية ونشوية، وهي مفيدة جدّاً الى جانب الخضار التي نتناولها في موسمها. وانطلاقاً من هنا، لن يُصاب اللّبنانيون بنقص غذائي، لأن هذه المأكولات المهمّة موجودة في مطبخنا، ويُمكنها أن تكون متوفّرة لدينا دائماً، وهي تؤمّن لنا التنوّع الغذائي المتكامل، وتُغنينا عن المأكولات الجاهزة التي تفتقر الى الفيتامينات والأملاح المعدنية والألياف".

تخزين في المنازل؟

وردّاً على سؤال حول صحة الدّعوات الى تخزين كميات كبيرة من المواد الغذائية في المنازل، خوفاً من الجوع، أجاب الشيف أنطوان:"أنا لا أحبّذ ذلك".

وقال:"لا شيء سينقطع في لبنان. وحتى ولو إن بعض السّلع التي تنتمي الى "ماركات" معروفة، انقطعت، إلا أنه يُمكننا الاستعاضة عنها بأخرى من النّوع نفسه، ولكن من "ماركات" مختلفة. وإذا قال البعض إن حليب البودرة قد ينقطع من الأسواق، فإن الحليب الطازج سيظلّ متوفّراً. مرّ اللّبنانيون بظروف أصعب في الماضي، ولم يجوعوا".

وشرح:"الحبوب إذا خُزِّنَت، ولا سيّما في المنازل الساحلية التي تتعرّض للطّقس الحارّ أكثر من الجبلية، تفسد، وهو ما سيكبّد الناس خسارة مُضاعفَة في تلك الحالة. وهذا يعني أن التخزين غير محبَّذ".

وختم:"اللّبناني لا ينقصه الفَهْم والصّبر والشجاعة. ويُمكنه تحضير مأكولاته التقليدية المعروفة مثل التبولة والمنقوشة والفلافل وغيرها، بالمواد الموجودة لديه. وهو ما سيؤمّن له تغذية صحية سليمة".