المالك والمستأجر وعقدٌ على قصة إبريق الزيت

على أبواب السنة الجديدة أزمة متجددة في الانتظار بين شريحتي المالكين والمستأجرين مع انتهاء مهلة المستأجرين المستفيدين من منحة قانون الايجارات الصادر عام 2014 والمحددة بتسع سنوات، في نظر الشريحة الاولى، في حين تعتبر الشريحة الثانية ان امام انتهاء المهلة ثلاث سنوات اخرى لنفاذ هذا القانون ،الذي أغرق العدليات بالدعاوى والاجراءات، اعتبارا من تاريخ تعديله عام 2017. والمرتقب مزيدٌ من المراجعات من المالكين امام القضاء وسط تباين الاستناد القانوني بين الفريقين وفي غياب التشريع في مجلس النواب الحريّ بالفصل في نقاط النزاع الذي يجرجر المالك والمستأجر منذ تاريخ صدور هذا القانون .

المستشار القانوني لنقابة المالكين المحامي شربل شرفان بقول ان ايجارات غير المستفيدين من الصندوق ستتحرر ايجاراتهم في آخر السنة الحالية 2023 بخلاف المستفيدين منه الذين يمنحهم القانون ثلاث سنوات تستحق في آخر سنة 2026.

ويؤكد لـ"النهار" ان قانون الايجارات نافذ منذ عام 2014 .أما من يعتبر تاريخ تنفيذه منذ عام 2017 فهو غير قانوني مستندا الى قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز وكذلك النتاج القانوني للقاضي عفيف شمس الدين الذي يشير الى ان بدء مهلة تنفيذ القانون هو عام 2014، ومثله عضو المجلس الدستوري الراحل المحامي الياس ابو عيد، والقاضي الياس الحاج، الى احكام القاضي المنفرد في جونيه، ولا حق قانونا للقائلين بسنة 2014. ومع اقتراب انتهاء السنة وخطوة المستأجرين القدامى المرتقبة يضيف: "ننتظر انتهاء المهلة، وفي حال لم يتم تحرير المأجور سيلجأ المالكون الى القضاء الذي نحن نحتكم الى قراراته".

الدولة غائبة عن هذا الاستحقاق. في الاعوام الخوالي كان يفترض بأهل التشريع سنّ الكلمة الفصل وعدم وضع المالك والمستأجر وجهاً لوجه لحل المشكلة التي نتجت عن هذا القانون واغرقت المحاكم بالدعاوى واستهلاك المواطنين في التقاضي وتفاقمها بعد الانهيار الاقتصادي وتدني قيمة النقد الوطني. ويأسف المحامي شرفان "ان تصل قلة الضمير لدى نسبة لا بأس بها من المستأجرين الميسورين الى ارسال 150 الف ليرة او 200 ألف ليرة بدل ايجار سنوي عبر الكاتب العدل ودفع بدل رسوم للأخير وإتمام التبليغات المترتبة تصل الى ثلاثة ملايين ليرة، في حين لا يعدو هذا البدل نفقة موقف سيارة.

هم يعيشون حياة مترفة واسفار ومساعِدة منزلية تتقاضى اجرها بالفريش دولار، ولدى مطالبتهم بالايجار يسددون البدل المذكور. وهنا مكمن المشكلة التي نعاني منها مع هذه الفئة من المستأجرين من دون الذين يمرون بظروف مادية صعبة او ميسورين التزموا القانون او من ذوي الدخل المحدود ممن التزموا تطبيق قانون الايجارات"، مشيرا الى "توقيع عقود كثيرة بالتوافق بين الطرفين. ولا أحد هوايته اللجوء الى القضاء وصرف الوقت الطويل الذي تستنفده المحاكمات، ولكن عند التمنع عن احقاق الحق يكون القضاء سبيلا لنيله بإزاء توقف التشريع في مجلس النواب رغم وجود محاضر لديّ تبين تلاقي آراء عدد من النواب سارٍ منذ عام 2014". وفي رأيه ان "هذه المحاضر تعتبر جزءا من التشريع لأنها تعبر عن نية المشرع، لكن للأسف ثمة فئة من المستأجرين لا يريدون الاعتراف بذلك".

وبلا تردد يردّ مستقرئا ان "ثمة ازمة على الابواب لأن للمالك حقا، فهو ليس بجمعية خيرية او وزارة شؤون اجتماعية انما هو مستثمر في هذا القطاع ليتمكن من العيش، وللأسف طعنته الدولة في الظهر وحمّلته مأزق السكن بدل ان تتحمله هي منذ 70 عاما اليوم". ويخلص شرفان الى ان "صندوق التعويض على المستأجر والمالك موجود في وزارة المال بعد نشر المرسوم المتعلق به في الثالث من تشرين الاول 2019 ويحتوي على 50 مليار ليرة تقريبا، وينتظر قرارات اللجان القضائية المختصة. وقد استأنفت تلك التابعة لبيروت عملها وباشر المالكون تنفيذ تبليغات على صلة".

في المقابل، يتمسك تجمّع الحقوقيين بالطعن وتعديل قانون الايجارات الذي اعيد نشره عام 2017 وليس عام 2014 وتنتهي مفاعيله عام 2029، بحسب ما ذكره رئيس التجمع المحامي اديب زخور لـ"النهار". ويدعم هذا التوجه بأحكام مبرمة صدرت في هذا الموضوع منها حكم لمحكمة الإستئناف المدنية في بيروت تاريخ 24/6/2021 للقاضي ايمن عويدات ومنها قرار إعتبر ان سريان الزيادات على قانون الايجارات من تاريخ نشر القانون الرقم 2/ 2017، وتاليا يكون التمديد لسريان القانون الى عام 2029.

ويتلاقى هذا القرار مع رأي القاضية في محكمة الاستئناف في بعبدا ريما شبارو التي طبقت قانون الايجارات القديم 160/92 قبل صدور قانون الايجارات 2/2017 والمطابق لقرار هيئة التشريع والاستشارات برئاسة القاضية الراحلة ماري دنيز المعوشي وارست فيه قاعدة عدم قابلية القانون 2014 للتطبيق، ما يتطابق مع قرار مجلس شورى الدولة وهيئة القضايا وقرار وزير المال بتمويل الصندوق حصرا بدءا من عام 2017، ليركز على ان المادة 58 من هذا القانون علقت العمل بكل ما يتعلق باللجان القضائية وصندوق التعويضات.

واذ يلفت زخور الى ان محكمة الاستئناف هي المرجعية الاستئنافية لقرارات اللجان القضائية، يعتبر ان المهل المنصوص عليها للتقدم بطلبات الى هذه اللجان والصندوق للإستفادة من تقديماته هي مهل مسقطة للحقوق لعدم انشائها في مواعيدها منذ إصدار القانون وفي التواريخ المحددة لها. وادى ذلك الى تناقص التعويضات كل عام، وفقا لما هو منصوص عليه في القانون ومن دون أي خطأ من المستأجرين، وتاليا لا يمكن تصحيح الخطأ بعد سقوط المهل، متوقفا عند موانع تحول دون استئناف اللجان عملها منها انه يدخل في صلب عملها اعطاء الامر للصندوق بالدفع للمستأجرين حقوقهم وتعويضاتهم التي لم تعد موجودة بسبب مرور الزمن المسقط وافرغ التمويل الرمزي للصندوق الموجود بالصندوق من عام 2017 لحين صدور المرسوم المتعلق به عام 2022. وفي المحصلة، بحسب زخور، ان محكمة الاستئناف، التي باتت المرجع الاستئنافي للجان، علقت الاجراءات المتصلة بالاخيرة ريثما يدفع الصندوق تعويضات للمستأجرين انفاذا لقراراتها، ليرى ان تحرك المالكين في اتجاه المستأجرين مخالف للقانون ومن شأنه ارهاق هذه الفئة الرازحة تحت وطأة الازمة الصعبة لجهة اعباء التقاضي المادية، مطالبا بتعديل القانون برمته وإيجاد تعويضات للمستأجرين وتعديل المهل والاجراءات وإعادة صوغ القانون برمته في كل الاحوال او ايجاد قانون بديل.