"المركزي" ولجنة تدقيق جديدة.. حكيم: أي تدقيق جديد لن يكون فَعَّالًا إِلَّا إِذا نُفِّذَ بشفافية كاملة وبحوكمة وإدارَة رَشيدَة

بَعدَ الإِعلانِ عَن بَدءِ مَصرِفِ لبنان آلية تعيين شركة تدقيق عالمية للتحقيق في حركة خروج الأَموَال مَن احتَيَاطِيّ المصرف بين تشرين الأَوَّل 2019 وأواخر 2023، يبقى السؤال عما ستحققه هذه اللجنة من نتائج في ضَوءِ تجارب سابقة لِلِجَانِ تَدقيقٍ مماثلة، لم تُفضِ إلى أَيِّ نتيجة. وهل أَنَّ مَا يُحكَى عن سعي رئيس الحكومة نواف سلام لِإِرجَاعِ الوَدَائِع قَبلَ نِهَايَةِ العَام الحَالِيّ يُمكِن تَطبِيقه على أَرضِ الوَاقَع؟

في السِّياق، أَكَّد وَزيرُ الاقتصَاد الأسبق الان حكيم أن كثرة الجهات المُتُدَخِّلَة في الملفات المالية تؤدي غالِبًا إلى إرباك في النتائج، مُشَبِّهًا الوضع بـ"كثرة الطباخين بتحرق الطبخة". ولفت إلى أن توسع دور الشركات الاستشارية والمالية الوسيطة بين مُختَلَفِ الأطراف في القطاعين المالي والمصرفي يُثيرُ تَساؤُلاتٍ حَولَ الجَدوى والمصداقية، خصوصًا بعد إعلانِ مصرف لبنان رغبَتَهُ بِالتَّعَاقُدِ مَعَ شَرِكَةٍ عالَمِيَّةٍ جَديدَة لَتَتَبُّعِ حَرَكَةَ الأَموَال.

وأشار عبر مِنصّة "بالعربي" إلى أن التدقيق الجِنَائِيّ السَّابِق لَم يُتَرجَم إلى مُحَاسَبَةٍ أَو تَغييرٍ فِعلِيّ، بل استُخدِمَ كأداة سياسية أكثر منه خطوة إصلاحية، مُحَذِّرًا مَن أَنَّ أَي تدقيق جديد لن يكون فَعَّالًا إِلَّا إِذَا نُفِّذَ بشفافيةٍ كاملةٍ وبحوكمةٍ وإدارَةٍ رَشيدَة، مَعَ ضمانِ وُصُولٍ كَامِلٍ وغير مشروط إلى المعلومات وإرادة سياسية وقضائية حقيقية للمحاسبة.

وفي شأن إعادة الودائع قبل نهاية العام، اعتبر حكيم أن هذا الكلام طموح لكنه غير واقعي في ظل غياب خطة مالية واضحة وعدم تحديد حجم الخسائر أو آلية توزيعها بين الدولة والمَصرف المركزي والمصارف، مُشَدِّدًا على أَنَّ إعادة الودائع تحتاج إلى خطَّةِ تعاف شفافة وممولة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي أو تمويله، لا وعود سياسية ظرفية.

ولفت إلى أن أي تمويل خارجي، خصوصًا من الدول العربية، مرتبط بمعالجة ملف السلاح غير الشرعي في لبنان، مؤكِّدًا أن استمرار التخبط الداخلي يمنع الوصول إلى نتائج ملموسة، موضِحًا أَنَّ كَثرَة الاستعانة بشركات التدقيق والاستشارات لم تؤدِّ إلى حلول، بل حولت المشهد إلى "دائرة مغلقة" مِن دُونِ إنتاجية.

وَشَدَّدَ حكيم على ضَرُورَةِ تَحديدِ حَجمِ الخَسَائِر، وهو أَمرٌ لا يَزَالُ غَامِضًا، مُشيرًا إلى أن هناك ميلًا لتحميل المصارف الجزء الأكبر من الخسائر على الرَّغمِ مِن مسؤولية الدولة الأولى، مع ضرورة التوصل إلى توزيع عادل بين الأطراف المختلفة، مُنتَقِدًا رَفضَ استخدام أصول الدولة أو الذهب لتحقيق الأرباح، معتبرا أن ذلك يعكس محاولة الالتفاف على المسار الصحيح.

ورَأَى أَنَّ إِعَادَةَ تأهيل القطاع المصرفي واستعادة الثقة تتطلب إصلاحات جذرية تشمل دمج بعض المصارف أو إعادة رسملتها وإغلاق المؤسسات غير القابلة للاستمرار. كَمَا أَكَّدَ أَنَّ تحقيق نموٍّ اقتصادي واضح شرط أساسي لنجاح أي خطة، مُشَدِّدًا على دَورِ الثِّقَة واسترجاعِ الأَموالِ المَنهُوبَة مَعَ ضَرورَةٍ الشَّفافِيَة والإِرادَةِ الرَّشيدَة.

وختم حكيم: الحديث عَن إِعَادَةِ الوَدَائِع يبقى بلا جدوى من دون تنفيذ هذه الخطوات ضمن رؤية واحدة، وقد يحتاج تحقيق الحل إلى 20 سنة من خلال خطة إصلاح مالي واضحة، مُؤكِّدًا أَنَّ المواطن اللبناني يواجه وَاقِعًا صَعبًا في ظل تعدد اللاعبين والشركات الاستشارية.