المصدر: المدن
الكاتب: بلقيس عبد الرضا
الخميس 18 أيلول 2025 14:11:12
مع انطلاق العام الدراسي الجديد، تنشغل الكثير من العائلات اللبنانية في تجهيز المستلزمات المدرسية الأساسية من قرطاسية وملابس مدرسية وغيرها من اللوازم الضرورية. وعادة ما تعتبر هذه التجهيزات جزءاً من الروتين أو الواجبات السنوية التي ترافق كل موسم دراسي. غير أن هذه التحضيرات، تحولت إلى عبء ثقيل على معظم الأسر، وليس فقط بسبب ارتفاع الأسعار، وتراجع القدرة الشرائية ومحدودية الرواتب، إنما أيضاً لإصرار العديد من إدارات المدارس على شراء أنواع معينة من العلامات التجارية المستوردة للقرطاسية وبكميات كبيرة.
أسعار مرتفعة
تفاجأت سعاد كركي، وهي أم لثلاثة أولاد في المراحل الابتدائية، من ارتفاع الأسعار، التي وصفتها بـ "الخيالية" مقارنة مع أسعار العام الماضي.
تقول كركي لـ"المدن": يحتاج كل ولد ما لا يقل عن 20 مليون ليرة لشراء الاحتياجات الأساسية من دفاتر وأقلام، ما يعني أنني مضطرة لدفع نحو 50 في المئة من راتبي لشراء الاحتياجات الأساسية للأطفال الثلاثة، من دون احتساب تكاليف الثياب المدرسية، والحقائب وغيرها. وتضيف بأنها تفاجأت بقرار المدرسة، بضرورة شراء بعض اللوازم من علامات تجارية محددة، تباع في بعض المكتبات وبأسعار مبالغ فيها وفق تعبيرها.
وتشير كركي إلى أنها قد تضطر لتقليل الكميات والاكتفاء بالأساسيات، والاستعانة ببعض المستلزمات الدراسية من العام الماضي، لتغطية النقص، مؤكدة أن "التحضير للمدرسة بات عبئاً ثقيلاً".
التكاليف الأساسية
تظهر جولة ميدانية على المكتبات في بيروت، وجود ارتفاع ناهز 50 في المئة في أسعار القرطاسية مقارنة مع العام الماضي. وبشكل عام، فإن متوسط تكلفة مستلزمات العودة إلى المدرسة، بما في ذلك الزي المدرسي والقرطاسية، تقدر بما لا يقل عن 500 دولار أميركي لكل طفل في العام الدراسي، وترتفع إلى 700 و800 دولار باختلاف المدارس، وهي تكلفة تفوق بطبيعة الحال القدرة المعيشية للكثير من العائلات في لبنان.
وعلى سبيل المثال، يبدأ سعر الحقيبة المدرسية من 50 دولاراً ويرتفع إلى 120 دولاراً أميركياً، خصوصاً للحقائب المستوردة، فيما يبدأ سعر "عبوة المياه" من 25 دولاراً ويصل إلى 70 دولاراً، حتى أن حافظات الطعام، فإن أسعارها تبدأ من 20 دولاراً وترتفع تلقائياً. لا يختلف الأمر بالنسبة إلى أسعار القرطاسية، من أقلام، وحاسبات، ودفاتر. ويبدأ سعر أقلام الحبر من 1.5 دولار وترتفع إلى 7 دولارات، أما بالنسبة إلى أقلام التلوين، تبدأ الأسعار من 5 دولارات. كما زاد سعر أقلام الرصاص، إذ يتراوح سعر علبة أقلام الرصاص بين 5 و7 دولارات، كما ارتفع سعر الممحاة أو المبراة لتتخطى حاجز الدولار ونصف تقريباً، وتبدأ الأسعار من 125 ألف ليرة وتصل إلى 400 ألف ليرة. فيما سعر "المقلمة" يبدأ من 10 دولارات.
حتى أن الحاسبات العلمية والتي عادة ما يبدأ سعرها من 10 دولارات ، فقد تخطت حاجز 20 دولاراً، حتى أن بعض أنواع الحاسبات المستوردة يصل سعرها إلى 70 و80 دولاراً.
كذلك الأمر بالنسبة إلى أسعار الدفاتر وهي تعتبر من المستلزمات الرئيسية التي يحتاجها كل طالب، فالأسعار تتراوح ما بين 200 و250 ألف، أي ما يقارب من 3 دولارات تقريباً للدفتر الواحد، ويرتفع السعر بحسب النوعية والجودة، ما يعني أن الطالب الذي يحتاج 10 دفاتر عليه تسديد 30 دولاراً.
تعتقد سناء الرفاعي وهي أم لثلاثة أبناء، بأن الأسعار هذا العام مبالغ بها إلى حد كبير، حتى بالنسبة إلى العائلات الميسورة، إذ تصل تكاليف كل طفل نحو 500 دولار، شاملة ثياب المدرسة باستثناء الكتب. وتقول لـ"المدن": إن أسعار الثياب المدرسية "الزي الموحد"، أغلى من أسعار الثياب في أرقى المحلات".
وتصل تكاليف زي الرياضة الصيفي في بعض المدراس إلى 70 دولاراً، أما الزي الشتوي فيرتفع إلى 110 دولارات، فيما الزي العادي، يبدأ سعره من 40 دولاراً، وهي أسعار غير منطقية بحسب تعبيرها.
أسباب الارتفاع
ولا ينفي صاحب أحد المكتبات في بيروت إبراهيم رمو وجود ارتفاع في أسعار العديد من المستلزمات الدراسية والقرطاسية، وتحديداً المستوردة، ويعزو أسباب الارتفاع إلى الزيادة في كلفة الاستيراد والشحن، إذ أن شركات الشحن زادت رسومها بسبب الأوضاع الجيوسياسية، وهو ما انعكس على أسعار الكثير من اللوازم الدراسية المستوردة وبطبيعة الحال على المستهلكين.
أضف إلى ذلك، يقول رمو لـ"المدن": أن الحكومات السابقة زادت الضرائب والرسوم الجمركية على الكثير من السلع المستوردة، وهو ما يرفع أسعار السلع المستوردة بشكل لافت".
وسط هذه الأعباء الخانقة، يجد الأهل أنفسهم أمام معادلة صعبة بين التعليم والكلفة. ومع غياب أي رقابة جدية على الأسواق، تبقى الأسر الفقيرة الأكثر عرضة للتهميش، فهل يتحول التعليم إلى رفاهية؟