المهرجان اللبناني للأفلام المستقلة يحمل السينما إلى خارج بيروت

تنطلق فعاليات الدورة السادسة من المهرجان اللبناني للأفلام المستقلة (LIFF) وهي تحمل العديد من التطويرات التي ظهرت في شكله ومضمونه. ويطلق المهرجان عروضه الرسمية في بيروت في الأول من سبتمبر القادم ويستمر حتى الثالث منه في Beirut Station تحت رعاية السفارتين الكندية والسويدية في بيروت وبمساهمة عدد من الجهات المجتمعية التي تهتم بالوضع الاجتماعي والنفسي. ويشارك في المهرجان هذا العام ما يقرب من مئة فيلم وستين مبدعا أو عاملا في الشأن السينمائي.

وقد تأسس المهرجان عام 2016 بجهود فنانين من لبنان، على رأسهم اللبناني الفرنسي غوتييه رعد وتشاركه العمل الأميركية دينيتا ويليمز تريغ. كان ومازال الهدف من المهرجان إتاحة مساحة حرة للفنانين من العالم، ليقدموا المزيد من التواصل الفني والإنساني بعيدا عن التشوهات الاجتماعية أو السياسية الموجودة في العالم، ورغم كل المصاعب التي تواجه الحياة اليومية في لبنان حاضرا، أصر منظمو المهرجان على عقد الدورة السادسة منه، بمشاركة طيف واسع من الأفلام والتجارب الشابة.

تماشيا مع المتغيرات الكثيرة اليومية التي تحدث في لبنان، أوجد المنظمون تحديثات في مضمون المهرجان وشكله، فهو يحتفي بحوالي مئة فيلم بين روائي ووثائقي وتحريك وتلفزيوني، قدمت من الكثير من دول العالم، مفسحا المجال كذلك لفنون الكتابة التلفزيونية وورشات السينما التي ينظم واحدة منها مع المخرج كاظم فياض، مناقشا تفاعلات السينما والنت.

ثمان وعشرون فئة سينمائية هي شبكة المنافسات التي ستخوضها الأفلام والسيناريوهات التي ستقدم من خلال المهرجان، وستكون مكونة من أفضل فيلم أجنبي طويل وأفضل فيلم روائي أجنبي قصير وأفضل فيلم وثائقي أجنبي قصير وأفضل فيلم وثائقي أجنبي طويل وأفضل فيلم أنمي قصير وأفضل سيناريو طويل وأفضل سيناريو قصير وأفضل فيلم روائي أجنبي متوسط المدة وأفضل فيلم وثائقي أجنبي متوسط.

كما يقدم المهرجان جوائز أفضل سيناريو للمسلسلات، fiction-web، وأفضل فيلم doc – web وأفضل فيلم تلفزيوني، علاوة على جائزة البحر المتوسط وجائزة التنوع وأفضل فيلم روائي عربي قصير وأفضل فيلم روائي عربي طويل وأفضل فيلم روائي لبناني قصير وأفضل فيلم وثائقي لبناني قصير وأفضل فيلم وثائقي لبناني طويل، إضافة إلى تتويج أفضل حبكة فيلم وأفضل مونتاج وأفضل ممثل / ممثلة وأفضل مخرج وأفضل إضاءة وجائزة الصحة النفسية ومسابقة السيناريو للطالب ومسابقة التصوير الفوتوغرافي.

وتتكون لجنة التحكيم من مجموعة من العاملين في الشأن السينمائي في لبنان والعالم وهم الممثل اللبناني طلال الجردي ومقدم البرامج شادي ريشا والمخرج اللبناني كاظم فياض والكاتب المصري محمد عطية والمؤلف الموسيقي رامي الشافعي والصحافية اللبنانية ليندا تميم والمخرجة والصحافية الكندية الكساندرا سيكوت والمخرجان الشابان من لبنان نور المجبر ورامي عيداموني.

وستقدم في حفل الافتتاح ثلاثة أفلام شبابية قصيرة لمخرجين مستقلين من لبنان، وتستمر العروض على امتداد ثلاثة أيام في ثلاث صالات في موقع المهرجان. ومن اللافت أن عروضا سبقت الافتتاح الرسمي للمهرجان في قرية دوما في منطقة البترون، فرغبة من المهرجان في تحقيق أعلى درجات التفاعل مع الجمهور، نظم عرض سبعة عشر فيلما بين السابع والعشرين والثامن والعشرين من أغسطس الجاري في قرية دوما، أي قبل أيام قليلة من الافتتاح الرسمي، لمبدعين من منطقة البترون في لبنان، وهي التي تتميز بكثرة المواهب السينمائية فيها. والهدف من ذلك الذهاب بالسينما إلى الجمهور وعدم انتظاره ليكون حاضرا في عروض المهرجان وبالتالي تفعيل دور السينما في المجتمع.

ترى باميلا نصور المديرة الفنية للمهرجان في دورته الحالية، صاحبة فيلم “إلى حيث” الذي حقق نجاحات عالمية وكذلك فيلم “محاولة” وخريجة جامعة الكسليك في السينما، أن إنتاج الأفلام ليس وظيفة بالنسبة إليها، فالسينما حالة من الشغف، وهي شبيهة بمعركة يدخلها الإنسان لينتصر، فهي مليئة بالعواطف والمشاعر، والسينما ليست للترفيه، فهي حرية، لمن يؤمن بحرية التعبير.

طيف سينمائي

تبين نصور في حديثها لـ”العرب” عن السبب في وجود 28 فئة سينمائية ستتنافس الأفلام من خلالها “هناك ثمانية وعشرون شكلا لأن المهرجان عالمي التوجه يستقبل الأفلام من كل دول العالم، تعرض على لجنة خاصة وهي التي تقرر من سيكون في المهرجان. وذلك أيضا لأننا حاولنا تقديم أوسع شريحة ممكنة من السينما للجمهور المحلي، ستكون بمثابة ملخص عما يجري في العالم من حولنا”.

وتضيف “هذا العالم فيه الكثير من الحضارات المختلفة التي تتمتع كل واحدة منها بروح تميزها، وهذا ما يعني أن المخرج السينمائي عندما يعمل على فيلم ما فعليه أن يتفاعل مع هذه التفاصيل لكي ينجز فيلما مناسبا ينقل خصوصية الحضارة التي يمثلها، ويحمل الفيلم شكلا يراه مناسبا لتقديم فكرته، فتكون الأفلام روائية أو وثائقية طويلة أو قصيرة وهكذا. هذا التنوع الكبير في الحضارات يحتم على منتجي السينما تقديم المتعدد والمختلف في أشكال السينما، وبالتالي يجعل من الضروري تعدد الفئات التي تتشكل بها الأفلام في المسابقات، فلا يجوز حصر الفئات في عدد قليل والقول إن هذه هي السينما، فطالما أن الحضارات مختلفة فإن الفئات يجب أن تكون مختلفة وعديدة”.

وعن الذهاب بالسينما إلى العرض في الأطراف بعيدا عن المركز في بيروت وملامح هذه التجربة وأسبابها تبين باميلا نصور لـ”العرب” “ذهبنا إلى الأطراف لنحقق تفاعلا أكبر مع الجمهور، بيروت هي مكان يستقطب الفن، وفي ظل الأوضاع الصعبة التي لا تخفى على أحد، وبسبب تراجع إمكانية حضور السينما في بيروت من الأطراف، صار علينا واجبا، نحن العاملون في فن السينما، أن نقوم بشيء ما لتجاوز هذا الخلل، لذلك بحثنا عن فعل يجعلنا قريبين من كل الناس في لبنان، الذي لا يعتبر بلدا كبيرا لكن فيه الكثير من المناطق”.

وتتابع “بيروت فيها حالة متميزة من العروض السينمائية، لكن في الأطراف فإن الناس لا يستطيعون التفاعل مع السينما على الوجه الصحيح، وقد لا يعرفون أن فيها طاقات فنية كبيرة، عندما عرضنا في بلدة دوما، قدمنا أفلاما كانت جميعها من منطقة البترون لمخرجين لا يعرفهم حتى أهل المنطقة، هذه الحالة ستفعل الحراك بين الجمهور المحلي الخام وتلك الأفلام التي ستعرض، وهي طريقة جيدة لنشر ثقافة السينما، التي لا يمكن تقديمها على شاشات التلفزة والأحاديث الصباحية فحسب. فالسينما منذ ظهرت هي مكان لقاء للناس وهذا ما أردنا العمل عليه، والتفاعل مع الجمهور. فإن لم يستطع الجمهور الوصول إلى بيروت فإن السينما ستذهب إليه، محاولة تخليصه من القليل من الهموم اليومية التي يعيشها”.