النهار- سامي الجميّل "الولاية الثالثة": مواجهة سياسية وتعزيز اللامركزية

كتب مجد بو مجاهد في النهار: 

أشبه بامتطاء صهوة مواجهة سياسية في مراحل متقدّمة، بدت مواقف رئيس الكتائب سامي الجميّل قبيل انطلاقة ولايته الثالثة في رئاسة الحزب. كأنّه يعدّ العدّة: "سنبقى هنا ونواجه جميعاً". معركة. وجود. تحرير القرار. افتتح الجميّل حقبة جديدة بمستويات أعلى. طرح مسائل طارئة: محاولات التغيير الديموغرافي، الهجرة النازفة، ضرب الإعلام الحرّ... إنها "معركة على معنى وجود البلد بمسيحييه ومسلميه". في التصدّي السياسي الذي أعلن الجميّل نفيره "سندافع عن أنفسنا"، و"لسنا مستعدين للخضوع" و"لن نقبل العيش مواطنين درجة ثانية". تزامنت انتخابات الكتائب الداخلية في توقيتها مع اشتداد عصف الأزمات المحلية وغياب القدرة على انتحاب رئيس جديد للجمهورية. اقترح رئيس الكتائب مقاربة وجدها مناسبة اذا استمرّ تعنّت الفريق الآخر وإصراره على التمسّك بمرشّح أوحد: "سنعطّل الانتخابات إذا أرادوا الاتيان برئيس يغطي سلاح حزب الله". الولاية الثالثة في رئاسة الكتائب للجميّل، دقّت في لحظة تبحث فيها البلاد عن كيفية تعزيز ركائز الصمود الشعبي. إسناد الجميّل سيكون وفق المعطيات في دعائم من نوع التأكيد على اللامركزية الموسّعة. هذا العنوان الكبير الذي دعمه الكتائب قبل سنوات، وبدأ البحث في العمل ميدانياً على تطبيقه الطارئ وسط تراجع دور الدولة، كيف يمكن أن يتبلور في السنين المقبلة؟ وماذا عن قابلية دعم القوى النيابية فكرة منع اكتمال النصاب إذا كان المرشّح ليس على قدر الطموحات؟

 

البداية مع المعارك التي يعتزم سامي الجميّل - "الولاية الثالثة" خوضها من الاستحقاق "الشاغل الناس" والمتمثل في استحقاق رئاسة الجمهورية. باتت فكرة مواجهة انتخاب مرشّحي "حزب الله" للرئاسة العنوان الأبرز مع إطلاق فتى الكتائب "بطاقة حمراء" في خطابه السياسي تصدّياً لفكرة وصول مرشح رئاسي ينتمي إلى فريق "حزب الله"، ووضع أطر ذلك من خلال نيته حشد منع اكتمال نصاب انعقاد الجلسة الرئاسية ورفض استمرار التصرف على أساس "أم الصبي" في المعادلة السياسية. ويراهن حزب الكتائب على دور للنواب السياديين إلى جانبه في اقتراحه القائم على منع انعقاد جلسة نيابية تنتج مرشحاً لا يتوخى المؤهلات الرئاسية المطلوبة لاستعادة الثقة وخروج لبنان من عزلته القائمة.

 

وتشير معطيات "النهار" التي تؤكدها أوساط كتائبية رسمية إلى أن فكرة عدم تأمين النصاب في موازاة ما يحكى عن محاولة تأمين 65 صوتاً للوزير السابق سليمان فرنجية، ناقشها كوادر الكتائب حديثاً في اجتماعات مع القوى المعارضة وأفضت إلى نتائج ايجابية لناحية تأييد عدد من التكتلات النيابية خطوة مماثلة. وتجدر الاشارة إلى حاجة الكتائب إلى تأمين 42 صوتاً نيابياً معارضاً للقدرة على بلورة مسعاه، وهذا ما يستكمل العمل عليه من طريق مشاوراته المستمرة مع كلّ فئات المعارضة. وتضع رئاسة الكتائب انتخابات رئاسة الجمهورية كاستحقاق فاصل ومفصليّ في المواجهة السياسية مع "حزب الله"، على طريقة إما تخلّي الأخير عن أخذ البلاد والمواطنين رهينة مشروعه الذي أودى إلى الانهيار الكبير، وإما بدء ترجمة الخطوات التصعيدية التي غلّفت نبرتها خطاب فتى الكتائب. وتركّز الاوساط الكتائبية على أن الحديث عن "انفصال" لم يأتِ من بوابة التعبير عن مسعى ذاتي، بل عن انتهاج "حزب الله" بنفسه ممارسات فحواها الابتعاد عن اللبنانيين ما يحتّم عودته إلى المقاربة اللبنانية والجلوس معاً تخت مظلة ترميم البيت الوطني بعيداً عن منطق الفوقية وسياسة الفرض المعتمدة.

 

تؤكد الأجواء الكتائبية أن النائب الجميّل يريد العمل باتجاه خطوات أكبر نحو اللامركزية في السنوات الأربع المقبلة من خلال تفعيل المزيد من المبادرات الفردية في مناطق حضوره والتي كانت برزت بوضوح في الأشهر الماضية عبر مبادرة "عيون الأشرفية" التي دعمها وواكبها النائب نديم الجميّل تعزيزاً للحماية الأمنية في شوارع بيروت. ويضاف إلى ذلك اتخاذ جمعيات خاصة على عاتقها مبادرات قائمة على إضاءة طرقات الأشرفية ليلاً وتركيب إشارات السير. وثمة طموح إلى تعزيز اللامركزية في المناطق عبر تشجيع الجمعيات والأفراد الراغبين في المبادرة على ضخّ مبالغ وإن صغيرة في مشاريع إنمائية محلية أساسية قادرة على تثبيت المواطنين في أراضيهم واستباق موجة "التصحّر الشبابي" وسط نزف الهجرة المستمرّ. ويركّز الكتائب على ضرورة تدعيم اللامركزية بدءاً من إضاءته على ضرورة تعزيز الثقافة المحليّة والحثّ الداخلي على مشاريع وإن متواضعة لا تستثني القطاعات الانتاجية بعد قطاعات الكهرباء والأمن والاعادة تدوير النفايات. ويقرأ الكتائب أن تجارب كهذه تحتاج مزيداً من الثقة التحفيزية والبرامج النموذجية في مناطق متنوعة.