المصدر: Kataeb.org
الكاتب: نهلا ناصر الدين
الثلاثاء 13 أيار 2025 18:08:50
انطلق قطار الانتخابات البلدية في البلدات اللبنانية، وعلى هامش الاستحقاق مواطن مقيم، يعيش الانفصام الديمقراطي، بين بلدة يعيش فيها ويدفع ضرائبها ويؤثر إنماؤها في مفاصل حياته اليومية بشكل مباشر، وبين بلدة نائية ربّما يزورها مرة واحدة في الاستحقاقات الانتخابية، وربما لم يزرها من قبل أو يتعرف إليها. نتحدث هنا عن إشكالية انتخاب المقيم، وحقه في تقرير مصير البلدية التي يعيش فيها، وهو الإصلاح الانتخابي المؤجل لأسباب ديمغرافية طائفية بحتة.
في هذا التقرير نبحث في التحديات التي تمنع انتخاب المقيم في مكان السكن، أين هذ الإشكالية في القانون، أم في السياسة، أم في النظام الطائفي السائد، ماذا تقول الكتل النيابية بطوائفها المختلفة، وهل هو طرح مثالي بعيد المنال؟
يفسّر وزير الداخلية والبلديات الأسبق مروان شربل الإشكالية ويقول "هم يعتبرون في أماكن معينة لأسباب طائفية وأسباب مذهبية أو ديمغرافية أن ابن المنطقة هو من يحق له تقرير مصير البلدية التي ينتمي لها، لا المقيم، وأن عكس ذلك قد يخلق حساسايات أو إشكاليات بين المقيمين وأهل المنطقة الأصليين. علماً أن المنطق، يقول أنه يجب الانتخاب حيث يدفع المواطن ضرائبه ورسومه البلدية". ويؤكد شربل أن قانون الانتخابات البلدية كله بحاجة "لنسف"، حيث فيه الكثير من الإشكاليات، وهذه الإشكالية ليست أوّلها.
"نفضة" في القانون
المديرة التنفيذية في الجمعية اللبنانية من أجل مراقبة ديموقراطية الانتخابات «LADE» ديانا البابا، توضّح بدورها أن الاقتراع في مكان السكن اليوم هو من أحد الأمور التي تم الحديث عنها على المستوى البلدي "لاسيما أن لدينا العديد من المواطنين غير موجودين في مناطقهم وبالتالي هم سكان مناطق أخرى يدفعون ضرائب لهذه البلديات الأخرى، والمشكلة بهذه الحالة أنهم لا يستطعيون محاسبة الجهة التي يدفعون لها الضرائب". وتشير إلى أنه ظهر في الماضي عدة اقتراحات لإشراك هؤلاء في العملية الانتخابية بشكل صحيح، ومنها على سبيل المثال تخصيص بعض المقاعد وليس جميعها في المجلس البلدي للمقيمين "لكن مع الأسف نحن ما زلنا بعيدين عن هذا الطرح فعلياً، فهذا الطرح مثالي وبالأخص لوجود العديد من المخاوف لدى أبناء المناطق، منها مخاوف طائفية" ولهذا ترى البابا أن المشكلة ليست في سهولة أو صعوبة التطبيق بل هي في الرأي العام الذي يجب أن يكون مسانداً لهذا الإصلاح "وهنا يجب أن يتم تنفيذ ورش عمل توعوية ودراسات مكثفة على كيفية التطبيق بشكل يكون فيه هذا الطرح مقبولاً من الرأي العام اللبناني بالدرجة الأولى ".
وتؤكد البابا أن الموضوع البلدي كله بحاجة لنفض "وفي البداية يجب أن يكون لدينا قانون خاص بالانتخابات البلدية، فنحن ملحقين للقانون 44/2017 الذي هو آخر تعديل، وهو مرتبط بالانتخابات النيابية، فمن المفترض قبل أن نصل لمقاعد المقيمين يجب أن يكون لدينا طرح خاص فيما يتعلق بقانون انتخابات بلدية جديد ومعاصر، وأي قانون انتخابات للبلدية لا يعالج النظام الانتخابي المعتمد وتقسيم الدوائر الانتخابية بما يتلائم مع مشروع الدولة الذي هو اللامركزية الإدارية هو قانون يكرّس مراوحتنا في مكاننا".
ماذا تقول الكتل النيابية؟
وفي استطلاع رأي عشوائي مع عدد من النواب من مختلف الطوائف، جاءت الآراء كالتالي:
النائب المستقلّ إبراهيم منيمنة:
عضو كتلة الكتائب اللبنانية النائب الياس حنكش:
عضو كتلة "التنمية والتحرير" فادي علامة:
عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله:
اختلال التوازنات الطائفية
الدكتورة ميرنا زخريّا، مُحاضِرة جامعية وباحثة في عِلم الإجتماع السياسي، تشدد على أن العملية الانتخابية هي بمثابة استحقاق يتيح للمواطن أولاً "المشارَكة" حينما يدلي بصوته وثانياً "المحاسَبة" حينما يسائل حيال الشأن العام، ولذلك فإن معظم الدول تربط مكان الإقتراع بمكان الإقامة الأساسي سيّما أنه المكان حيث تُدفع الضرائب "أما في لبنان، فكل موضوع له صلة باختلال التوازنات الطائفية القائمة، ولذلك نراه يبقى مؤجلاً إلى أجلٍ غير محدّد". وتفسر في حديثها أن حريّة الاقتراع بين مكان القيد ومكان السكن يصعّب قدرة الاحزاب والسياسيين على السيطرة على خيار الناخب، لأسباب عدة، أبرزها كما تفنّدها زخريّا:
وترى زخريّا أن الحل يكمن في الجديّة في إيجاد حل يتطلّب "تحضير الأرض" عبر خطوات مرحلية انتقالية "تبدأ بخطوة قريبة المدى قوامها التصويت من مكان السكن لمقعد في مكان القيد، تمرّ بمرحلة تطبيق أحكام الدستور من إقرار اللامركزية وإلغاء الطائفية، لبلوغ خطوة بعيدة المدى قوامها هذه المرّة التصويت من مكان السكن لمقعد في مكان السكن".
.............
تم إعداد هذا التقرير ضمن مشروع "إصلاح الإعلام وتعزيز حرية التعبير في لبنان". موّل الاتحاد الأوروبي هذا التقرير، وتقع المسؤولية عن محتواه حصراً على عاتق "مؤسسة مهارات" وهو لا يعكس بالضرورة آراء الاتحاد الأوروبي.