المصدر: اللواء
الثلاثاء 8 تموز 2025 08:47:46
السؤال المحوري: ماذا بعد تسلُّم الموفد الاميركي الى لبنان وسوريا توم براك الردّ اللبناني على ورقة المقترحات الاميركية التي تتوزع على 6 ورقات فولسكاب، بـ7 ورقات، تتضمن الردّ التفصيلي مع إبداء اقتراحات وأفكار وملاحظات تتعلق بكيفية الانسحاب الاسرائيلي، وملاقاته بخطوات عملية في ما يتعلق بالسلاح العائد لحزب الله شمال منطقة الليطاني، بعدما انتهى أمر سلاح حزب الله جنوب النهر، باعتراف اميركي واسرائيلي وأممي، فضلاً عن تقارير الجيش اللبناني والقوى العسكرية والامنية اللبنانية.
ونفى مصدر رسمي لـ«اللواء» ما تردَّد عن تعديل للورقة اللبنانية، في اجتماع طارئ للجنة الرئاسية منتصف ليل امس، إثر لقاء ما بين المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل من قيادة حزب الله.
المحادثات من بعبدا الى السراي الكبير مروراً بعين التينة طغى عليها طابع عبارة «البنّاء والجيد والايجابي».
في بعبدا لقاء مطوَّل، وموقف للموفد براك، وفي عين التينة لقاء دام ساعة ونيّف، انتهى بتبادل الكلام الطيب بين الدبلوماسي الاميركي والرجل ذي الخبرة والحنكة الرئيس نبيه بري، بتعبير براك نفسه.
ومن السراي اعلن الرئيس سلام بعد لقاء الزائر الاميركي ان فحوى الافكار التي قدمها لبنان تركز على خطوات متلازمة اذ تبدأ بضرورة الانسحاب الاسرائيلي الكامل من الاراضي اللبنانية ووقف كامل للاعمال العدائية، وبدء عملية اعادة الاعمار والافراج عن الاسرى.
وقال: الدولة اللبنانية وحدها تملك خيار الحرب والسلم، وحزب الله جزء من الدولة، والشيخ نعيم قاسم ملتزم باتفاق الطائف، وترتيبات وقف النار.
المصادر المطلعة تلخص الموقف، الخلاصة على النحو التالي:
1- تجدُّد الرهان الاميركي على دور الرؤساء الثلاثة، لا سيما الرئيس جوزف عون، خاصة في ما يتعلق بالحوار الدائر مع حزب الله، لجهة تسليم السلاح، لا سيما المسيّرات والثقيل منه.
2- ما حصل امس بداية محاولات جديدة، لبناء اسس الثقة، على ان تعاود مناقشة الردود والاتفاق التفصيل حولها في زيارة للموفد الاميركي بعد أسبوعين.
3- كلام براك حول امتنانه، ورضاه عما وصفه بالردّ المدروس والمتزن للبنان، يحمل في طياته مضامين ايجابية لجهة جدية لبنان ورغبته بالاستفادة من المساعدة الاميركية للانتقال من ضفة الحرب الى ضفة السلم واعادة بناء الدولة، وفقاً للمصالح اللبنانية العليا.
4- تبين عبر المحادثات ان آلية وقف اطلاق النار، التي التزم بها لبنان، ولم تلتزم بها اسرائيل باتت قاصرة، ولا جدوى منها، ولا بدّ من التفتيش عن صيغة اخرى.
وكشف الرئيس سلام ان الرئيس عون سلّم الموفد الاميركي لائحة ملاحظات وان براك حمل سلسلة افكار للانسحاب الاسرائيلي وللعودة الى اتفاق وقف اطلاق النار.
5- في ما يتعلق «بالثنائي الشيعي» فالموقف ارتياح على جبهة حركة «امل» ورئيسها استناداً الى الاستماع الاميركي الى الهواجس الشيعية والجنوبية، وهواجس حزب الله، اما الحزب، فقرأ بما ادلى به الموفد الرئاسي الاميركي والجانب باللبناني، إسقاطاً للمهل، والاخذ بمطلب الاولويات اللبنانية، من دون التوسع بالرهان على اشارات ايجابية.
ولاحظ الرئيس نبيه بري ان الموفد الاميركي قارب بحرص كبير هواجس اللبنانيين كافة، وكذلك مطالب حزب الله، واصفاً اللقاء مع براك بأنه بنّاء وجيد.
وعلى الجملة، اشارت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» الى ان المبعوث الأميركي تحدث من قصر بعبدا بلغة الديبلوماسية الهادئة لكنه تقصَّد رمي كرة المسؤولية للداخل اللبناني الذي تقع عليه تطبيق مبدأ حصرية السلاح والقيام بما عليه ان يقوم به في ظل المتغيرات في المنطقة.
وقالت هذه المصادر ان باراك سيعود مجدداً الى لبنان لمعرفة التغيير الذي طرأ، ولفتت الى ان هناك اشارات متعددة ارسلتها الزيارة اولاً عدم الحديث عن مهلة زمنية لكن برز التأكيد على التقاط الفرصة، وثانياً الثقة بالدور الذي قد يلعبه رئيس الجمهورية في موضوع تسليم السلاح ومعاودة البحث به داخل مجلس الوزراء.
ورأت هذه المصادر ان الولايات المتحدة الأميركية على استعداد للوقوف الى جانب لبنان في مسعاه للتغيير.
وفي السياق، قال وزير خارجية فرنسا جان نويل بارو ان بلاده تواصل العمل مع اميركا واسرائيل ولبنان لمعالجة الوضع في الجنوب، وان لبنان وسوريا في قلب مشاغلنا، واجرينا مشاورات جيدة مع المبعوث الاميركي.
براك تسلم الردّ اللبناني
اذاً، خلافاً لكل اجواء التهويل والتوتير والتحذير وتحديد المهل ومخاطر التفجير الامني، انتهت جولة الموفد الاميركي توم براك امس على المسؤولين في بيروت، بردا وسلاما «برضى اميركي عن الرد اللبناني على ورقة الافكار والمقترحات الاميركية لمعالجة الوضع في الجنوب «الذي كان مدروساً ومتزناً ، وامتنان وتفهم اميركي لظروف لبنان»، ومواقف دبلوماسية هادئة تاركة للبنان تحديد خياراته بعيدا عن التهديد لبسط سلطة الدولة ومعالجة مسألة سلاح حزب الله، وحديث عن الرغبة بالسلام توصلا لعودة الازدهار الى لبنان. لكن مع تلويح «باغتنام الفرص المتاحة في مختلف انحاء العالم وبأن صبر الرئيس الاميركي ترامب ليس طويلا وبأنه اذا لم يلتحق لبنان بركب المنطقة سيفوته القطار».ليخلص براك الى القول: أنا متفائل ومتفائل جداً جداً.
وحسب معلومات «اللواء» من مصادر رسمية تابعت لقاءات براك، فإن نافذة جديدة فتحت في الحوار بين لبنان والادارة الاميركية في اجواء مريحة بعيداعن الضغوط واجواء التصعيد والتهويل التي سادت قبل زيارة براك. وسينقل براك اجواء لقاءاته والرد اللبناني الى الرئيس ترامب ووزير الخارجية لتقرر الادارة كيفية التعامل مع الرد اللبناني. ولعل وحدة الموقف اللبناني الرسمي واخذه بملاحظات حزب الله ضمن الرد اسهما في تغيير المقاربة الاميركية التي اصبحت اكثر دبلوماسية وليونة وتفهماً، لا سيما وان تنفيذ ما تطلبه الادارة الاميركية من لبنان لا يمكن ان يتم تحت النار الاسرائيلية والضغوط السياسية والعسكرية.
وافادت المعلومات: ان الرد اللبناني جاء في 7 صفحات ومن 15بنداً. وان التعديلات التي ادخلتها اللجنة الرئاسية على الرد اللبناني تناولت موضوع السلاح.
لكن بقيت ثغرة في كل المواقف التي صدرت عن، براك تمثلت في عدم اشارته مطلقا لكيفية معالجة الاعتداءات والخروقات الاسرائيلية وهل سيجري البحث في آلية جديدة لمتابعة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار طالما انه اقر في تصريحه من بعبدا بأن الآلية التي كانت موجودة بين لبنان واسرائيل لم تسر في المسار الصحيح، بل ان براك تحدث في ورقته عن تلازم الخطوات اي وقف الاعتداءات مقابل حصرية السلاح. لكن الجانب اللبناني هو من اثار ضرورة ايجاد مثل هذه الالية لوقف الاعتداءات بإنتظار الجواب الاميركي الذي سيصل عبر السفيرة الاميركية او قد يعود براك الى بيروت خلال اسبوعين، بعدما يكون قد نقل الى الرئيس ترامب وربما نتنياهو الموجود في واشنطن اجواء لقاءاته في بيروت. ما يعني ان حواراجديدا هادئا بدأ بين بيروت وواشنطن على امل ان يسهم بوقف الاعتداءات الاسرائيلية خلال وجود براك في واشنطن.