بعد الأحداث الدامية: اتفاق لنزع فتيل التوتر في جرمانا

عاد الهدوء الحذر إلى مدينة جرمانا شرق دمشق، بعد اشتباكات لساعات، خلّفت قتلى وجرحى، فقد توصل وفد حكومي سوري خلال اجتماع مع مشايخ من الطائفة الدرزية في جرمانا، مساء اليوم الثلاثاء، إلى اتفاق لنزع فتيل التوتر الطائفي على خلفية الأحداث التي شهدتها المدينة، وذلك بالاتفاق على محاسبة المتورطين بالهجوم الأخير وتقديمهم إلى القضاء.
ونص الاتفاق على "ضمان إعادة الحقوق وجبر الضرر لذوي الشبان الذين ارتقوا في المدينة نتيجة الأحداث الأخيرة"، و"التعهد بالعمل على محاسبة المتورطين بالهجوم الأخير والعمل على تقديمهم للقضاء أصولاً".
كما اتفق المجتمعون على "توضيح حقيقة ما جرى إعلامياً والحد من التجييش بكل أشكاله"، وتأمين حركة السير بين محافظتي دمشق والسويداء أمام المدنيين.
وقالت شبكات إخبارية محلية إن العمل سيتم "مباشرة" على تنفيذ بنود الاتفاق من قبل الجهات الحكومية المختصة، مشيرةً إلى أن الوفد الحكومي الذي حضر الاجتماع، ضم مسؤول الغوطة الشرقية والممثل عن محافظ ريف دمشق، محمد عامر، ومسؤول الشؤون السياسية في محافظة ريف دمشق أحمد طعمة، فيما حضر الاجتماع وفد ممثل عن جرمانا، ضم مشايخ دروز وممثلين عن المجتمع المحلي والأهلي.
طوق أمني حول جرمانا
وخلال الساعات الماضية، قُتل 11 شخصاً وأصيب آخرون، بينهم مدنيون وعناصر من الأمن العام، جراء اشتباكات بين فصائل محسوبة على الجيش السوري، وميليشيات مسلحة درزية داخل مدينة جرمانا، وذلك على خلفية انتشار التسجيل الصوتي المسيء للنبي محمد، وما تبعه من شحن طائفي بين السنة والدروز في عموم سوريا.
وتعليقاً على ما جرى، قالت وزارة الداخلية السورية إن منطقة جرمانا شهدت اشتباكات متقطعة بين مجموعات مسلحة من داخل وخارج جرمانا، أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى، بينهم عناصر من قوى الأمن العام، مشيرةً إلى أن تلك الاشتباكات تأتي على خلفية التسجيل، وما تبعه من تحريض وخطاب للكراهية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف البيان أن وحدات من قوى الأمن العام مدعومة بقوات من وزارة الدفاع، توجهت إلى جرمانا لفض الاشتباك وحماية الأهالي والحفاظ على السلم المجتمعي. كما تم فرض طوق أمني حول المنطقة لمنع تكرار أي حوادث مشابهة.
وأكدت الوزارة أنها "حريصة على ملاحقة المتورطين ومحاسبتهم وفق القانون، مع استمرار التحقيقات لكشف هوية صاحب المقطع الصوتي المسيء لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام. ونؤكد أننا لن نتساهل في تقديم كل من ساهم في إثارة الفوضى وتقويض الاستقرار إلى العدالة".

هدوء حذر
وكانت مصادر محلية قالت لـ"المدن"، إن الهدوء الحذر عاد إلى جرمانا بعد فرض الطوق الأمني، مؤكدة أن التوتر الطائفي لا يزال موجوداً، وتم إجلاء طلاب دروز من المدينة الجامعية في دمشق، خشيةً وقوع أي أحداث فيها على غرار ما حصل في حمص، فجر الاثنين.
في موازة ذلك، نفت شبكات إخبارية محلية في السويداء، ما تم تداوله عن وجود حاجز للفصائل يقطع طريق دوار الباشا، موضحةً أن الحاجز هو أمني فقط، لحفظ السلم الأهلي وتيسير حركة المرور و"دعماً للجهات المعنية في السويداء". وأفاد ناشطون عن تحليق طيران مسيّر إسرائيلي في أجواء العاصمة لنحو الساعتين، بعد ما جرى في مدينة جرمانا.

دعوة للتهدئة
في غضون ذلك، عقد وجهاء ومشايخ دروز بينهم شيخا العقل حمود الحناوي ويوسف جربوع، اجتماعاً في دارة عرى في مدينة السويداء، دعوا خلاله إلى التهدئة ونبذ الخلاف الطائفي، كما أعربوا عن إدانتهم للتسجيل المسيء للنبي محمد.
وقال الشيخ جربوع إن "ما يحدث محاولة لإثارة الفتنة بين السوريين"، لافتاً في تسجيل مصور، إلى أن "ما نراه على منصات التواصل وما يجري على الأرض، هو فتنة تُدار من أطراف تسعى إلى تقسيم المجتمع السوري وإثارة الاقتتال، وهذا يصبّ في مصلحة أعداء سوريا".
ووجّه المجتمعون "رسالة محبة وتآخي بالوطنية والإنسانية والدين"، إلى جميع السوريين المصطّفين حول وطنهم، كما وجهوا رسالة إلى الرئيس السوري أحمد الشرع، قائلين إن لهم مطالب لديه شخصياً، كما طالبوه بحماية الأقليات، وبسوريا مدنية ديمقراطية.

الهجري يصعّد
من جانبه، خرج الزعيم الروحي للدروز حكمت الهجري في بيان مصوّر، وصف فيه ما حدث بجرمانا بأنه "اعتداءات إرهابية" من "أيدي الغدر والعصابات الإرهابية التكفيرية"، استهدفت قتل الأبرياء في المدينة.
وقال إن "الاعتداءات غايتها شق الصف وبث الفتنة ونشر القتل والإرهاب والعنف"، محذّراً "من مغبة إشعال الفتن ومن يسعى لها لأن نارها ستأكل الجميع". وأضاف "ما زلنا تحت وطأة فكر اللون الواحد والإقصاء أو الفرض. لا تزال مفاسد النظام السابق مخيمة على الأداء الحالي بل وأكثر عمقاً وفتنة"، مشيراً إلى أن الامن منعدم في كثير من المناطق السورية".
ودعا الهجري إلى "محاسبة كل المجرمين السابقين واللاحقين. كما شدد على ضرورة "قمع الإرهاب، لا إدانة من يدافع عن نفسه".